تجري الاستعدادات الحثيثة في جمهورية كوريا لاستضافة القمة الإفريقية- الكورية الأولى، بالعاصمة سول، يومي الرابع والخامس من شهر يونيو المقبل، تحت شعار: “المستقبل الذي نصنعه معًا.. النمو المشترك والاستدامة والتضامن”.
الأوساط الدبلوماسية الكورية تعطي درجة عالية من الاهتمام لعقد مثل هذه القمة لسببين رئيسيين، أولهما: الرغبة في أن تحقق بلادهم – الناهضة – المكانة المحورية العالمية المرموقة، والثاني: توثيق علاقات الشراكة الإستراتيجية، على المستويين الثنائي والقاري، مع 55 دولة عضوًا في الاتحاد الإفريقي، تضم 1.4 مليار نسمة.
كوريا الجنوبية لديها الرغبة – والإرادة – لنقل تجاربها التنموية للقمة الإفريقية – الكورية المرتقبة، بحكم خضوعها للاستعمار مثل دول القارة السمراء، وخلال وقت قصير، انتقلت من خانة الدولة النامية المتلقية للمعونات إلى دولة متقدمة ومانحة، كما شهدت جميع مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية لشعبها.
أيضًا، تؤكد حكومة كوريا الجنوبية أن الشراكة القوية المرتقبة – عقب عقد القمة – لم تعد خيارًا بل ضرورة، تفرضها الأزمات الدولية المركبة، مع توقع التمييز بين نهج سول التعاوني المستقبلي مع القارة السمراء، وبين نهج سابقاتها من العواصم التي عقدت قممًا، بالفعل، مثل: واشنطن – طوكيو – بكين – باريس – موسكو – لندن، وغيرها.
في الثاني من شهر يونيو المقبل، تستضيف سول اجتماعًا تحضيريًا لوزراء خارجية الدول الإفريقية لإقرار جدول أعمال القمة، ومن بين بنوده توسيع التعاون الاقتصادي من خلال التجارة والاستثمار، وتقاسم الخبرات والتكنولوجيا الكورية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الرخاء لشعوب إفريقيا، كشركاء رئيسيين.
على هامش القمة الإفريقية – الكورية المرتقبة، يجري الترتيب لعقد “قمة الأعمال” بحضور ممثلين لـ 50 شركة من القارة السمراء ونظرائهم من كبريات الشركات الكورية، بحضور مسئولين حكوميين وخبراء اقتصاديين من الجانبين للتعاون في مجالات: الطاقة والبنية الأساسية والإنتاجية، والزراعية والصناعية والتعدينية.
جمهورية كوريا قررت زيادة حجم مساعداتها الإنمائية الرسمية إلى مستوى المرتبة العاشرة عالميًا حتى عام 2026، لتصبح 13.8 تريليون وون، أي ما يعادل 10.4 مليار دولار أمريكي، وستحظى الدول الإفريقية بنسبة 20- 30% من القيمة، لتوظيفها في شكل قروض منخفضة الفائدة لمشروعات النمو الأخضر والتحول الرقمي والصحة العامة وغيرها، من خلال الاعتماد على صندوق التعاون الكوري للتنمية الاقتصادية.
منذ عام 2010، بدأت كوريا الجنوبية بزيادة ميزانية المساعدة الإنمائية الرسمية تدريجيًا، فور انضمامها إلى لجنة المساعدة الإنمائية، وهي منظمة تابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مكلفة بتنسيق سياسات المساعدات للدول النامية، ومع ذلك، لا تزال كوريا الجنوبية تحتل المرتبة الـ 16 بين الدول الأعضاء الثلاثين من حيث حجم ميزانية المساعدة الإنمائية الرسمية في عام 2022.
في الوقت نفسه، أطلقت وزارة الصناعة الكورية “مجموعة دعم” لتحقيق نتائج فعلية ملموسة في مجالات التعاون بين الشركات الكورية والإفريقية، وتحديدًا، في مجالات التجارة والاستثمار واتفاقيات المشاركة الاقتصادية. وتضم مجموعة الدعم -التي تعد بمثابة منصة مشتركة بين القطاعين العام والخاص الكوريين- 30 هيئة من مختلف المجالات، بما في ذلك، الشركات التي تديرها الدولة ومنظمات الأعمال.
في أواخر شهر مارس الماضي، جرى الاحتفال بحصاد أول محصول من بذور الأرز في إطار مبادرة “حزام الأرز” الكورية التي تم إطلاقها العام الماضي، 2023، للمساعدة على تعزيز إنتاج الأرز في ثماني دول إفريقية، من بينها: غينيا وأوغندا وغانا وزامبيا والكاميرون والسنغال.
ضمن المساعدة الإنمائية الرسمية التي تقدمها كوريا الجنوبية، يدعو مشروع حزام الأرز إلى إنشاء مجمعات لإنتاج بذور الأرز في البلدان الإفريقية لإنتاج أصناف أرز عالية الإنتاجية وتوزيعها على المزارعين المحليين.
كذلك، تخطط وزارة الزراعة الكورية للتوسع تدريجيًا في إنتاج بذور الأرز لإنتاج 10 آلاف طن سنويًا اعتبارًا من عام 2027 وتوزيعها على المزارع المحلية الإفريقية من أجل توفير إمدادات مستقرة من الغذاء لما يصل إلى 30 مليون نسمة.
“أن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي أبدًا”، حكمة تتردد في الشارع العربي، بدأت بها الاستفسار عن الجديد والمتميز فيما ستقدمه كوريا لإفريقيا، وذلك، في أثناء اللقاء مع نائب وزير خارجية كوريا، إجابة السؤال في مقالي المقبل من سول بإذن الله.