اللاجئ السوري في لبنان عاريا
بدلا من أن يلتفت سياسيو لبنان ومثقفوه إلى واقع بلدهم الذي فتكوا به، يلتفتون إلى أي علّة وسبب خارجي ولو كان اللاجئ المسكين، من أجل تحميله أخطاءهم وخطاياهم.
قصص معاناة اللاجئين السوريين لا تتوقف في لبنان، فكل يوم تحمل لنا الأخبار مآسي لاجئين جدد، وليس مأساة واحدة، فأكثر من مليوني لاجئ سوري في مهب الريح، تم تهجيرهم وطردهم واقتلاعهم من أرضهم، على أيدي النظام السوري، وبمشاركة حزب الله، الذي لم يُبق أحدا في بلدة القصير السورية القريبة من الحدود اللبنانية، مما ألجأ أهلها إلى الهروب واللجوء إلى لبنان، بعد أن سطا عناصر حزب الله على كل بيوتاتهم، وممتلكاتهم ومقدراتهم، ويطالبهم اليوم بالعودة إلى سوريا، وهو الذي فعل بهم كل ما فعله، ثم اغتصب أرضهم وبيوتهم.
اليوم دخل العنصر السياسي على الخط، إذ لم يكفِ السوريين الخط المليشياوي الذي يفتك بهم قتلا وتشريدا، وذلك بعد خطف ثم قتل منسق القوات اللبنانية باسكال سليمان، والذي قيل إن عصابات خطفته إلى داخل الأراضي السورية، وكلنا يعلم من لديه القدرة على القيام بمثل هذه الأعمال الخطيرة، في الوقت الذي تبسط فيه قوات حزب الله سيطرتها على أكثر من 73 معبرا مع سوريا، مزودة بمناظير ليلية، فأمر يصعب تصديقه أن تقوم عصابات بعيدة عن سطوة وقوة حزب الله بالقيام بها، وهي المشغولة بشحن المخدرات والكبتاغون من سوريا إلى لبنان لتصديرها لاحقا إلى دول عربية وإسلامية، ثبت ذلك بالأدلة القاطعة ونشرت ذلك تحقيقات صحافية عالمية موثقة بكل شيء، فكيف لنا أن نصدق أن قتل باسكال تم بعيدا عنها وعن رغبتها!
دخول قائد القوات اللبنانية سمير جعجع على الخط وهو يسفُّ بالكلام متهما اللاجئ السوري بأنه بخمسين ليرة يمكن أن يقتل شخصا، أو خشيته من تسليح اللاجئين، ونحو ذلك من الاتهامات، لا يليق بشخصية عادية، فكيف شخصية تقدم نفسها على أنها شخصية حزبية سياسية، فراح ليطرح مخاوفه من أن يغدو المليونا لاجئ بعد سنوات أربعة ملايين، مما سيؤثر على التركيبة الديمغرافية اللبنانية.. هل يليق كل ذلك بسياسي، أو بدولة تقول إنها جار للسوريين، وهو يعرف تماما ما يتعرض له السوريون على مدى 13 عاما، وسط صمت العالم كله، ومشاركة سياسيين وعصابات ومليشياوية لبنانية في قتل السوريين وطردهم وتشريدهم عن بلدهم؟
كان الأولى بسمير جعجع ومن انضم إلى جوقته أن يتجرؤوا على مناقشة السبب وليس النتيجة، ولكن كما يقال من لا يقدر على الحمار يتمسك بالبردعة.. إن سبب مآسي السوريين هو حزب الله الذي كان أول من قفز إلى سوريا مشاركا النظام السوري بقتل السوريين وتشريدهم، وبالتالي فالأولى مطالبة الحزب بإخلاء مواقعه في سوريا، وكفه عن قتل السوريين، وإخلاء منازلهم وبيوتهم حتى يعودوا إليها.
مقاطع الفيديو التي تُقطع نياط قلوب البشر، والتي تصور شابا يتعرض للصعق بالكهرباء من قبل عصابات لبنانية، تطالب بفدية وهي تعلم علم اليقين أن ليس لديه ما يأكل هو وأسرته، فضلا أن يدفع فدية بعشرات الآلاف من الدولارات، هذه المقاطع كان ينبغي أن تحرك مشاعر وعوطف أمثال سمير جعجع، ليدعو ويناشد القوى اللبنانية في التحرك العاجل ليس من أجل اللاجئ المسكين المنكوب، وإنما من أجل لبنان وسمعته، وبدلا من أن يلتفت سياسيو لبنان ومثقفوه إلى واقع بلدهم الذي فتكوا به، يلتفتون إلى أي علّة وسبب خارجي ولو كان اللاجئ المسكين، من أجل تحميله أخطاءهم وخطاياهم.