غزة

تفاحة نيوتن وصحوة غزة

حالة الفشل المتواصل التي عاشها الشعب الفلسطيني وهباته وانتفاضاته ومقاومته قبل السابع من أكتوبر جعلت العديدين يستلون سيوفهم لذبح حماس خصوصا اولئك الصغار الذين لم يفهموا دروس كبارهم ولم يقدروا من أين ياتي النجاح

لم تكن صدفة سقوط التفاحة من شجرة مزرعة عائلة نيوتن ابدا فكل ثمرة نضجت على اية شجرة على وجه الارض كانت ستسقط ولم يكن صدفة وجود نيوتن تحتها فكل طلاب جامعة كامبريدج عام 1967 – 1965 بسبب من انتشار مرض الطاعون اصبحوا بلا جامعات وعادوا كل الى حياته منظرا ان ينتهي الموت ليعودوا الى دراستهم فالفراغ اذن هو الذي قاد نيوتن الى جلسته تلك تحت شجرة التفاح وكطالب ماجستير في تلك الفترة ممن نهلوا من علم ومعرفة وتفكير العلماء كوبرنيكس صاحب نظرية مركزية الشمس ويوهان كبلر صاحب نظرية ” حركة الكواكب وقانون حفظ الزخم المداري ” والعالم جاليليو صاحب نظرية التسارع الارضي وهي ما كانت تدور بعقل نيوتن طوال الوقت بحثا عن اجابات.

لا شيء صدفة إذن إلا اجتماع المقدمات معا ” نيوتن الباحث عن إجابات وحلول يتابع بها ما بدأه غيره وعطلة الطاعون وشجرة التفاح ولحظة التأمل ” تلك المقدمات تصادف اجتماعها معا حين سقطت تلك التفاحة في جلسة عمل تأملية فالتقط العالم اللحظة وما كان لاحد عداه لو سقطت مليار تفاحة مثل تفاحته ان يدرك شيئا اللهم الا التفكير بتناولها لسد رمق جوعه لا اكثر ولا اقل.

يقول نيوتن عن انجازه بتواضع لا يعرفه الا العلماء الحقيقيين ” اذا كنت ارى ابعد من غيري فلأنني اقف على أكتاف عمالقة ” ولولا اولئك العمالقة الذين صنعوا الارضية الخصبة لنجاح نيوتن لما كان هو ولا كان قانون الجاذبية فلا شيء يأتي من الصفر الا الصفر ولا احد يذهب الى الصفر الا الصفر ذلك ان احد المبدعين العلماء الذي اصر على القيام بعشرات التجارب الفاشلة واسموه العلماء عالما وضحك منه الاغبياء فسر دوره في العلم على انه اراح البشرية من تكرار تجاربه الفاشلة ولولا فشل عباس ابن فرناس لما كان نجاح ما بعده.

بالمعنى المباشر فشلت ثورات الشعب الفلسطيني جميعها منذ هبة البراق حتى معركة بيروت وخروج المقاومة منها الى جهات الارض البعيدة عن بلادها حتى ليكاد المرء يصل حد اليأس من اي أمل باية عودة وحتى وصل الامر بناس المقاومة حد الياس او الاحباط او فقدان الأمل، وقد تكون قلة قليلة هي من كانت تقف على اكتاف عمالقة لم يحققوا الوصول لكنهم قدموا لمن بعدهم تجارب تريحهم من استخدامها لأنها فشلت.

حالة الفشل المتواصل التي عاشها الشعب الفلسطيني وهباته وانتفاضاته ومقاومته قبل السابع من أكتوبر جعلت العديدين يستلون سيوفهم لذبح حماس خصوصا اولئك الصغار الذين لم يفهموا دروس كبارهم ولم يقدروا من اين ياتي النجاح ان لم نعرف دروب الفشل فنتجنبها والكبار الذين وقفت على اكتافهم حماس هم فصائل المقاومة الفلسطينية منذ هبة البراق الى يومنا هذا بنجاحاتهم وفشلهم لكن ما ميزها ان قوانين البحث اجتمعت لديها بإدراكها كل دروب الفشل وتصميمها على الوصول معا وهذا امران لا يجتمعان صدفة بل ان قانون الحاجة هو الذي ياتي بهما معا وهما معا يصنعان ويؤسسان لإيجاد اداة البحث واداة القياس ومن ثم اداة التقرير انتهاء بقرار العمل.

اكثر من 75 عام من قيام دولة الاحتلال واستمرار الظلم على شعب باسره بلا توقف واخطرها كانت تلك السنوات الطويلة من تأسيس معتقل غزة الكبير الذي ظهر وكان احدا لا يفكر على الاطلاق بالخلاص منها وبانها قدر الغزيين الذي لا انفكاك منه الا بإرادة امريكا ودولة الاحتلال.
لكن الظلم عادة ما يعمي عيون الظالم خصوا اذا امتد به الزمن وشعر الظالم باستكانة المظلوم وتسليم امره الى الله وهو ما حدث مع دولة الاحتلال في السنوات الاخيرة التي قررت ان تكشف كل ما تفكر به بشكل مفضوح فأسقطت علنا كذبة الدولتين والغت علنا اقرارها بوجود شعب فلسطيني وبدات تسعى للتخلص من كل ما هو فلسطيني على ارض فلسطين زهي بهذا اخرجت من حساباتها ان هناك فلسطيني واحد يفكر بإعداد العدة وكل ما يحتاجه اجتماع كل المقومات انتظار للحظة سقوط التفاحة تلك.

الاحتلال المتغطرس بقيادة مجموعة من الانانيين والاغبياء والذين نزلوا عن اكتاف من سبقوهم وقرروا ان يسيروا نحو القمة من قاعدة الصفر الذي يريدونه ان يكون قمتهم وراحوا يصنعون في ارضهم تأسيسا لزمن لا يرى غيرهم فأسسوا لهزات في بنيانهم وانشغل الكل فيهم بذواتهم واثقين ان من يناصبهم العداء يعيش حالة من ياس لا يحدوها اي امل.

ذلك الذي جميع بين يديه كل مقومات المعرفة وتجربة البعيد والقريب وارادة رفض الحال والبحث ان ما كان محال لمعت في راسه الفكرة بان التفاحة لا بد وان تسقط في نضجت وازداد نضجها وانشغل عنها المعنيين بما هو اهم حتى صارت ضمن مأمنهم الذي لا يحتاج الى حذر فاختار هو ان يكون ذاك الحذر الذي غيبوه عن تفكيرهم وفعلهم واستسلموا لصناعة غد لا يقوم اذا لم يبن على اسس قوية فجاءت تلك اللحظة التي اسمها السابع من اكتوبر ليعرف الجميع ان على الارض لا تستقيم الحياة مع الظلم وان صناعة الوعي لا يمكن ان تتم دون حالة تفوق تفكير العاديين أو القانطين من البشر.

هل انتهينا الان اذن وهل فشلنا وهل ما يصرخ به الاغبياء من هنا وهناك بتجريم حماس والجهاد الاسلامي وايران وحزب الله وانصار الله وسوريا والعراق وتحميلهم مسئولية المذابح وتحميلهم وزر جرائم المحتلين هم على حق ام ان الحق هو لمن حضر كل هذه التحالفات في سبيل ان يتأكد من قدرته على اسقاط التفاحة في لحظة نضجها لبس قبلا وليس بعد وهو ما كان.

لا أحد من شعوب الارض نال حريته بالورد وكل الذين فعلوا ذلك فشلوا بما فيهم اصحاب الاكتاف العالية الذين صنعوا اوسلوا وصنعوا فلسفة خرقاء لا اساس لها تقول ان الحياة مفاوضات لكنهم عن قصد او غير قصد لم يعددوا انواع المفاوضات فليس كل تفاوض يجري بالكلام بل ان الفلاح يتفاوض مع ارضه بسكة الحراثة ومع اشجاره بالمقص وكذا يفعل السياسي حين يقدم النار على الكلام لكي يجبر عدوه على الاستماع جيدا ولا يترك له مجالا للمناورة والافلات من استحقاق لا بد من ان يدفعه.

لم يكن السابع من اكتوبر الا وليد مخاض طويب وتجارب اطول وفقط الاغبياء من ستنصلون منه ويعيدونه الى نقطة الصفر معتقدين بان الفشل هو النتيجة الوحيدة الممكنة لكل فعل وواثقين ان الفشل لا يؤسس لنجاح على الاطلاق وهم لا يريدون حتى ان يفتحوا عيونهم قليلا ليروا ان الكون الذي غيره نيوتن بتفاحة تغيره المقاومة بإرادتها.

عدنان الصباح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى