غزة

قوة متعددة الجنسيات.. ماذا ستفعل في غزة؟

هذا سؤال مهم لأنه لا يعقل أن يكون هناك نشر لأي قوات من أي جهة سواء كانت عربية أو أجنبية طالما أن المقاومة الفلسطينية لم تنكسر

هل يمكن أن تشارك دول عربية وغير عربية في تشكيل قوة متعددة الجنسيات لحفظ الأمن والسلام والاستقرار في قطاع غزة قبل توقف العدوان وانسحاب القوات الإسرائيلية؟

هذا السؤال صار مطروحا بقوة في وسائل الإعلام العالمية عقب تقرير نشرته صحيفة «بوليتيكو» الأميركية وجوهره أن وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» تدرس تمويل قوة متعددة الجنسيات أو فريق حفظ سلام في قطاع غزة.

التقرير يقول، إن الدراسة تشمل وزارة الدفاع والبيت الأبيض ووزارة الخارجية وأطرافا دولية، بشأن الشكل الذي ستبدو عليه طبيعة هذه القوة بعد نهاية الحرب.

التقرير به معلومات وأفكار متضاربة ومتناقضة، من قبيل أن القوة ستكون برئاسة أميركية، لكن من دون وجود جندي أميركي واحد على أرض غزة. وأن مهمة هذه القوة هي تأمين مرحلة اليوم التالي بعد نهاية الحرب، لكن بعض المصادر الإسرائيلية تقول، إنها مرحلة انتقالية للمساعدة في حماية وتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة بعيدا عن حركة حماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية.

اللافت في تقرير «بوليتيكو» وبعض تقارير وسائل إعلام أخرى ومنها «أكسيوس» الأميركي أن إسرائيل هي صاحبة الفكرة الأصلية لهذا الاقتراح. وتزامن نشر التقرير مع قول يوآف غالانت وزير الدفاع الإسرائيلي، يوم الجمعة الماضي، إن بعض الدول العربية قد وافقت على هذا المقترح.
تقرير «أكسيوس» يقول، إن غالانت طلب دعما سياسيا وماديا من المسؤولين الأميركيين الذين التقاهم خلال زيارته الأخيرة لواشنطن وهم وزير الدفاع لويد أوستن والخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان.
الوزير الإسرائيلي اقترح نشر قوة عربية في غزة لفترة انتقالية محدودة، تتولى تأمين الرصيف البحري الذي تقيمه الولايات المتحدة أمام سواحل غزة لتلقي المساعدات القادمة عبر الممر البحري من قبرص.

تمويل «البنتاغون» المقترح للفكرة لن يتضمن بأي حال نشر قوات أميركية بل توفير احتياجات القوة الأمنية، إضافة لما ستقدمه بلدان أخرى، أحد الاقتراحات هو أن يتوجه تمويل هذه القوة إلى بند إعادة الإعمار والبنية التحتية بعد إنهاء الحرب.

في تقرير «بوليتيكو»، هناك غموض واضح بشأن توقيت نشر هذه القوة، وهل يكون أثناء استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة أم بعد توقفه؟

هذا سؤال مهم لأنه لا يعقل أن يكون هناك نشر لأي قوات من أي جهة سواء كانت عربية أو أجنبية طالما أن المقاومة الفلسطينية لم تنكسر.

والمثير للدهشة أن التقارير أو التسريبات الإعلامية لا تتطرق إطلاقا لإمكانية وجود قوات تابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية خصوصا أن «حماس» لم تمانع إطلاقا من عودة السلطة لغزة، بعد ترتيبات محددة، وهو الأمر الذي تدفع إليه كل من مصر والأردن وبعض الدولة العربية خصوصا الخليجية، وبالتالي فإن تسريبات كل من «بوليتيكو» و«أكسيوس» هي إسرائيلية بامتياز حتى لو كانت ترتدي القبعة الأميركية.

ونعلم أنه كان هناك اقتراح بتدريب ٢٠ ألفا من أفراد الأمن والشرطة المدعومة من السلطة الفلسطينية، لكي تتولى حفظ الأمن في القطاع لكن حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو ترفض أي وجود فلسطيني في غزة ونتذكر قوله: «لن نسمح بدولة لحماستان أو فتحستان في غزة!!!».
النقطة الجوهرية التي تغفلها كل التقارير الإسرائيلية والأميركية هو أن مصر ترفض رفضا قاطعا أي حل لا يقول بوجود الفلسطينيين أولا. وثانيا: رفض أي تهجير للفلسطينيين. وهناك أيضا نقطة جوهرية أخرى وهي أن الدول الخليجية أبلغت واشنطن بصورة حاسمة أنها لن تشارك في أي خطة ولن تدفع أي سنت إذا لم يكن هناك تصور سياسي واضح تعترف فيه إسرائيل بحل الدولتين وتوقف العدوان وتنسحب من غزة. هذه البلدان أبلغت أميركا وأوروبا بأنها لن تكرر ما حدث في الماضي، حينما كانت تدفع ملايين الدولارات لإعادة إعمار القطاع عقب كل عدوان إسرائيلي وبعدها تعيد إسرائيل الكرة مرة أخرى. وبالتالي فالسؤال: هل مثل هذه التقارير والتسريبات الأخيرة لممارسة ضغط على البلدان العربية للمشاركة في هذه الخطط، أم أنها تكشف حالة التخبط الإسرائيلية بشأن اليوم التالي، أم أن هناك تغيرات حدثت في المواقف، أم ماذا؟!

عماد الدين حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى