طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الخميس، سلسلة من التساؤلات والشروط المعقدة بشأن المقترحات الأميركية لإنهاء الحرب التي يشنها الكرملين في أوكرانيا.
ومن المقرر أن يجتمع بوتين مساء الخميس في الكرملين مع ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في اجتماع مغلق. ورغم تأكيده دعمه العام للمبادرة، إلا أنه شدد على وجود عقبات تحول دون تحقيق اختراق سريع.
وقال بوتين: “نحن نوافق على المقترحات الخاصة بوقف الأعمال العسكرية، ولكننا ننطلق من ضرورة أن يؤدي هذا الوقف إلى تحقيق سلام دائم ومعالجة الأسباب الجذرية للأزمة”.
وتتمثل هذه “الأسباب الجذرية” في قائمة طويلة من المظالم الروسية المتعلقة بأوكرانيا، مما يجعل التوصل إلى تسوية سلمية دائمة أمراً معقداً.
وتصف موسكو حربها بأنها “عملية عسكرية محدودة” تهدف إلى “اجتثاث النازيين”، في حين تنفي كييف وحلفاؤها الغربيون هذه المزاعم، مؤكدين أن الأهداف الحقيقية لبوتين تشمل القضاء على الديمقراطية الأوكرانية، وضم أراضٍ واسعة، وإيقاف مساعي أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
وتُصر روسيا على أن أي اتفاق يجب أن يشمل اعترافاً دولياً بسيطرتها على الأراضي التي احتلتها، وضماناً بعدم انضمام كييف إلى حلف الناتو، بالإضافة إلى تعهد بعدم نشر قوات حفظ السلام الأوروبية في أوكرانيا لمنع أي هجوم روسي مستقبلي.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، أشار بوتين إلى أن الجنود الأوكرانيين الذين دخلوا منطقة كورسك الروسية في الصيف الماضي “تخلوا عن معداتهم بالكامل، حيث واجهوا حصاراً محكماً لم يكن أمامهم فيه سوى الموت أو الاستسلام”.
وأضاف بوتين: “أنا أؤيد وقف إطلاق النار، ولكن إذا توقفنا لمدة 30 يوماً في كورسك، فهذا يعني أن الجيش الأوكراني سيحصل على فرص عديدة”، مشيراً إلى عدد من التساؤلات حول كيفية استغلال هذه الفترة.
وتساءل بوتين: “كيف سيتم استخدام هذه الأيام الثلاثين؟ هل ستُستغل لمواصلة التعبئة القسرية في أوكرانيا؟ لتزويدها بالأسلحة؟ لتدريب الجنود الجدد؟ أم لن يُتخذ أي إجراء؟ ثم هناك مسألة الرقابة والتحقق: كيف سيتم ضمانها؟”، وفقاً لما نقلته وكالة “تاس” الروسية.
وأشار بوتين إلى أن “كل هذه الأسئلة تحتاج إلى دراسة معمقة في المستقبل القريب”، مضيفاً: “أعتقد أننا بحاجة إلى مناقشتها مع شركائنا الأميركيين، وربما يكون من الضروري إجراء محادثة هاتفية مع الرئيس الأميركي ترامب، لكننا ندعم إنهاء هذا الصراع سلمياً”.
وفي الأيام الأخيرة، تكثفت المحادثات سعياً للتهدئة، حيث التقى مفاوضون أميركيون مع القيادة الأوكرانية في المملكة العربية السعودية لمناقشة مقترح لوقف إطلاق النار يمكن أن توافق عليه كييف.
وأكد ترامب، يوم الخميس، أن المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار جارية، مشيراً إلى أن إدارته تسعى لإقناع روسيا بالتوصل إلى اتفاق.
لكن تصريحات بوتين خلال المؤتمر الصحفي جاءت متماشية مع توقعات المحللين المطلعين على أسلوب الكرملين. وقال الدبلوماسي الروسي السابق بوريس بونداريف لصحيفة “بوليتيكو”: “بوتين لا يرغب في وقف إطلاق النار”، مضيفاً أن الرئيس الروسي “يعتقد أنه قادر على تحقيق أهدافه عبر القتال”.
وأوضح بونداريف، الذي عمل سابقاً في البعثة الروسية الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف، أن بوتين قد يرى أن “ترامب أكثر اهتماماً باتفاق السلام من أوكرانيا”.
من جهته، أكد ترامب أن العديد من تفاصيل الاتفاق النهائي “تمت مناقشتها بالفعل”، لكنه ألقى بالمسؤولية على روسيا لإنجاز الاتفاق، قائلاً: “الآن سنرى ما إذا كانت روسيا مستعدة، وإذا لم تكن كذلك، فسيكون ذلك مخيباً للآمال بالنسبة للعالم”.
وعند سؤاله عن مدى نفوذه على بوتين، وما إذا كان سيفرض عقوبات على روسيا، قال ترامب: “لدي نفوذ، لكنني أركز حالياً على التفاوض معه للتوصل إلى اتفاق”.
وأعرب ترامب عن أمله في أن تتوصل روسيا إلى اتفاق، مضيفاً: “لا أعتقد أنهم سيعودون إلى القتال مجدداً”.
وفي تصريحاته، أكد ترامب أيضاً أن بوتين لن يهاجم دولاً أوروبية أخرى، مشدداً على أن الولايات المتحدة ستمنع حدوث ذلك. وقال: “لا أتوقع حدوث ذلك، وسنتأكد من عدم حدوثه”.