حرب غزة.. ومصداقية النظام الدولي الضائعة
الاحتلال لا يكترث بالمطالبات والمناشدات الدولية الداعية لحماية المدنيين وتأمين احتياجاتهم الإنسانية الأساسية، والتحذيرات التي يجمع عليها العالم من الكارثة الإنسانية التي ستنتج وتتعمق في حال اجتياح قوات الاحتلال لرفح
ما يصل قطاع غزة من مساعدات غير كاف مقارنة مع الاحتياجات الإنسانية الضخمة للمدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك احتياجهم للمساعدات الإغاثية الشاملة والمستدامة، إضافة لحاجتهم الإنسانية الأساسية للمياه والدواء والمراكز الصحية والكهرباء، ولم شمل أسرهم المشتتة بسبب حالة النزوح القسري التي فرضتها قوات الاحتلال نتيجة حرب الإبادة الشاملة وتدمير المدن والبنية الأساسية لمقومات الحياة في غزة وشطبها للعائلات بأكملها من السجل السكاني.
ووفقاً لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فإنَّ واحداً من كل ثلاثة أطفال تحت سن العامين في شمال غزة يعاني الآن سوء تغذية حاداً، والمجاعة تلوح في الأفق وسوء التغذية لدى الأطفال ينتشر بسرعة ويصل إلى مستويات غير مسبوقة، والمستشفيات في غزة متوقفة عن الخدمة، وبعض الأطفال يموتون بسبب سوء التغذية والجفاف.
الاحتلال لا يكترث بالمطالبات والمناشدات الدولية الداعية لحماية المدنيين وتأمين احتياجاتهم الإنسانية الأساسية، والتحذيرات التي يجمع عليها العالم من الكارثة الإنسانية التي ستنتج وتتعمق في حال اجتياح قوات الاحتلال لرفح ومنطقتها، بينما يتواصل التصعيد في اعتداءات وانتهاكات ميليشيات المستعمرين المسلحة ضد المواطنين الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم ومنازلهم ومركباتهم ومقدساتهم في العديد من المواقع بالضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.
اليمين الإسرائيلي يمارس الحروب والعنف ويواصل إشعال المزيد من الحرائق في ساحة الصراع، ويستبدل الحلول السياسية للأزمات والصراع بمنطق عسكري استيطاني ويعمل على تفجير ساحة الصراع وتوسيع دائرة الحروب في المنطقة بينما يضرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرتكزات النظام العالمي ويستخف بأسس شرعيته ويفرض عليه فقدان ما تبقى له من مصداقية، ليس فقط في تطبيق قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، وإنَّما أيضاً في كل ما يتعلق بالإنسانية والانحياز للمدنيين.
من الضروري العمل على فتح جميع المعابر واستمرار تدفق المساعدات عبر المعابر المعروفة، وتقع على الاحتلال مسؤولية ربط حملات الإغاثة المتواصلة بجهد دولي حقيقي يؤدي إلى وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء العدوان بحيث لا يقع إدخال المساعدات ضمن أي شكل من أشكال الاستغلال الإسرائيلي لها لإطالة أمد الحرب، واستكمال حلقات إبادة شعبنا وتهجيره، خاصة أن المواطنين يدفعون حياتهم ثمناً للحصول على الدقيق وأية مواد غذائية أخرى.
ويجب على مجلس الأمن أن يتخلى عن انحيازه للاحتلال، ولا بد من عدم استخدام الفيتو من الدول الأعضاء، وأهمية التحلي بالجرأة الكافية والمسؤولية لاتخاذ قرار أممي ملزم بالوقف الفوري لإطلاق النار، خاصة في ظل تصاعد خطورة مخططات الاحتلال التي تهدف إلى خلق حالة من الفوضى الداخلية في شمال غزة لدفع المواطنين للنزوح منه، والتهديد المستمر لتوسيع العدوان في محافظة رفح وازدياد حجم المخاطر والكوارث التي سوف تؤثر على حياة أكثر من 1.5 مليون فلسطيني يختطفهم جيش الاحتلال ويحشرهم في بقعة جغرافية صغيرة في ظل القصف الوحشي والنزوح المتواصل من دوائر الموت لغياب وجود أي مكان آمن في قطاع غزة.
رفض حكومة الاحتلال المتطرفة الفاشية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2720 والأمر الاحترازي لمحكمة العدل الدولية يشكك بأية وعود تطلقها دولة الاحتلال بشأن المدنيين الفلسطينيين وحمايتهم وتأمين احتياجاتهم الإنسانية، الأمر الذي يقع على عاتق مجلس الأمن التصدي له وحسمه بقوة القانون الدولي وباتجاه فتح الأفق السياسي لحل الصراع بالطرق السياسية وتحقيق أمن واستقرار المنطقة والعالم.