في كل مكان، تواصل إسرائيل العدوان ويقوم جيشها بالمهمات الميدانية من اغتيالات واقتحامات واعتقالات وحملات تنكيل وتهجير في شمال الضفة الغربية، موسعا رقعة الحرب إلى مناطق جديدة في محافظة جنين، وبقوة السلاح ما زال يقوم بعملية طرد للمواطنين الأبرياء في المخيمات الفلسطينية وفي مقدمتها جنين وطولكرم ونورشمس دون رأفة أو مراعاة لظروف الطقس القاسية. ورغم قرب حلول شهر رمضان المبارك، إلا ان العمليات العسكرية الاسرائيلية تزداد ضراوة وتحصد معها أرواح العديد من الأبرياء، وتستهدف كل مناحي الحياة في ضفة حوّلها الاحتلال إلى سجن كبير منتهكا القانون الدولي، فيما يخص عرقلة حياة الفلسطينيين، كما جاء في تقرير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية (حريات)، الذي أاشار ان الاحتلال الإسرائيلي حوّل الضفة الغربية إلى سجن كبير، وأضاف ان سلطات الاحتلال تواصل تنفيذ سياسة العقاب الجماعي عبر نشر 900 حاجز عسكري وبوابة حديدية في الضفة، وانه بعد إعلان وقف إطلاق النار في غزة شدّد الاحتلال القيود على الضفة، مما يزيد من معاناة الفلسطينيين، حيث أصبحت الحواجز العسكرية مصيدة للقتل والاعتقال والإذلال والتنكّيل بالمواطنين، حتى ان الاحتلال يمنع أحيانًا سيارات الإسعاف من الوصول للمرضى في الوقت المناسب، ما يؤدي إلى حالات وفاة.
تهدف هذه الحواجز لإحكام السيطرة على الضفة الغربية، وتضييق الخناق على حياة المواطنين، وهي تُستخدم لأسباب سياسية بدلًا من الأمن في إطار سياسة العقاب الجماعي والإذلال، وضمن السياسات التي تهدف إلى فصل الضفة الغربية وفرض عزلة على المدن والمناطق، وهذه السياسات تعطل العملية التعليمية، وتشّل الاقتصاد وتقيّد حركة المواطنين.
الهجمة الإسرائيلية على شمال الضفة.. أهداف أمنية وعسكرية وسياسية ونفسية
وفي الوقت الذي ينفذ فيه الجيش الإسرائيلي إجراءات التصعيد والتنكيل بكل فصولها، فان المستوى السياسي الإسرائيلي هو من يواصل بيانات التهديد، فيما يخص الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي المقدمة التلويح بعدم إعادة سكان شمال الضفة إلى مخيماتهم، كما قال نتانياهو، اضافة لتهديداته بشأن قطاع غزة ومنع الافراج عن الاسرى الفلسطينيين، حيث يواصل الجيش تحضيراته من أجل إعادة استئناف العدوان على غزة، متحمسا بانتظار أي فرصة، ناهيك عن الأهداف الكبرى التي وضعها نتانياهو وحكومته، والمتمثلة بالقضاء على المقاومة، وإنهاء حكم حماس للقطاع، ونزع السلاح الفلسطيني، وترحيل القادة وتهجير السكان.
لقد لخصت صحيفة هآرتس الوضع المأساوي في الضفة الغربية وقطاع غزة بأن إسرائيل وكعادتها، بدلًا من حل جذور الصراع، تثبت أنها لا تفهم إلا لغة القوة، ولا تفكر إلا على المدى القصير. فبعد 23 عامًا من عملية “السور الواقي”، لا تزال إسرائيل تواجه نفس المأزق دون حلول حقيقية.
وتساءلت الصحيفة، ماذا سيجلب المزيد من العنف والعقاب الجماعي وسوء معاملة المدنيين والعمليات العسكرية دون أي حل سياسي، غير دوامة جديدة من الدماء والعنف، وزيادة عزلة إسرائيل على الساحة الدولية؟
نجزم ان التفكير بعزل إسرائيل دوليا، أصبح منشورا إعلاميا فقط، أكل عليه الدهر وشرب، ولم يعد هناك رجاء وأمل للفلسطينيين من توجيه مزيد من الدعوات للمجتمع الدولي لإدانة سياسات إسرائيل وجرائمها، لأنها أثبتت طيلة الحرب على غزة والحرب المستعرة على الضفة الغربية أنها لا تستطيع ان تتخذ خطوات فعّالة لوقفها عند حدها، وإلزامها باحترام حقوق الفلسطينيين وفقا للقانون الدولي الذي تخترقه إسرائيل، بدعم أميركي وصمت عالمي رهيب.