الدمار الهائل في غزة ليس دليلًا على انتصار إسرائيل، بل هو شهادة دامغة على إرهابها ووحشيتها، ووثيقة حيّة تثبت الإبادة الجماعية التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق الأبرياء في القطاع.
إن هذا الدمار ليس انتصارًا عسكريًا، بل وصمة عار أخلاقية وإنسانية تلاحق إسرائيل في ضمير العالم.
ورغم حجم المعاناة، فإن صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وفشل الاحتلال في تحقيق أهدافه المعلنة، يؤكد انتصار إرادة الفلسطينيين في معركة البقاء. إن تشبثهم بأرضهم، وعودتهم من الجنوب إلى الشمال، رغم الجراح والآلام، ذلك ليس مجرد حركة فيزيائية، بل هو إعلان رمزي عن انتصار الروح المقاومة التي تأبى الانكسار.
أما العنجهية الأميركية في محاولاتها فرض التهجير القسري، وتنفيذ مخططات التطهير العرقي، فلا تعدو كونها محاولات لطمأنة الصهاينة، ومنحهم نصرًا وهميًّا بعد فشلهم الذريع في الميدان.
اقرأ أيضا.. حلول الأزمة المزمنة لتمويل الأونروا
إنها سياسة تتوسل بالهيمنة لإنقاذ إسرائيل من مأزقها، وتعمل على إقناع مئات الآلاف من المستوطنين الإسرائيليين الذين غادروا بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول بالعودة، أو على الأقل الحد من حالة الذعر والقلق الصهيوني المتفاقم.
أمام العرب والمسلمين اليوم فرصة تاريخية للانعتاق من العنجهية الصهيوأميركية، واستعادة الثقة بأنفسهم وبشعوبهم، وبقدرتهم على مقاومة الهيمنة؛ فالتاريخ يُصنع بالصمود وليس بالخضوع
لذلك، فإن “اليوم التالي” لغزة ليس محل قلق لشعبنا ومقاومتنا، بل هو موضع حذر أمام محاولات الإدارة الأميركية هندسة نصر مصطنع لإسرائيل، وسعيها المحموم لإقناع بعض الدول العربية بالدخول في بيت الطاعة الصهيوني بعد فشل مشاريع التطبيع.
في المقابل، يسعى ترامب ومعسكره السياسي لإقناع العرب بأنهم قد هُزموا في غزة، في محاولة لصياغة واقع جديد يُرضي نتنياهو ويقدم له مخرجًا سياسيًّا. لكن إن لم يكن التهجير، فما هو البديل الذي يمكن أن يُقنع الصهاينة بأنهم لم يُهزموا؟
الحقيقة الراسخة أن اليوم التالي في غزة سيكون فلسطينيًّا خالصًا، ولن يحدده إلا شعبنا ومقاومته، ومعهم كل أحرار الأمة. لا حاجة للذعر أو تضخيم القوة الأميركية والصهيونية، فتلك القوة تنكسر أمام صخرة الثبات والصمود.
إن المهزوم في الميدان لا يستطيع فرض شروطه في السياسة، وما لم ينجح نتنياهو في تحقيقه بالحرب، يجب ألا يُمنح له على طاولة المفاوضات.
أمام العرب والمسلمين اليوم فرصة تاريخية للانعتاق من العنجهية الصهيوأميركية، واستعادة الثقة بأنفسهم وبشعوبهم، وبقدرتهم على مقاومة الهيمنة؛ فالتاريخ يُصنع بالصمود وليس بالخضوع.