في الوقت الذي قدمت فيه المقاومة نموذجاً في كيفية تطبيق الالتزام الأدبي والأخلاقي وتحويله لحقائق على أرض الواقع، ودروس يتعلم منها العالم، في نُبلها وأخلاقها، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواصل ألاعيبه ودعاياته الكاذبة التي يسعى من خلالها لتغيير الحقائق وتزييفها.
بعد أن اتفقت المقاومة مع الوسطاء على إلزام اسرائيل بضرورة تنفيد البروتوكول الإغاثي، بما يشمله ذلك من إدخال معدات وآليات ثقيلة إلى القطاع للبدء في عملية إزالة الركام، ورفع وتيرة دخول المساعدات لتصل إلى الحد المتفق عليه، وضرورة التزام اسرائيل بعدم خرق الاتفاق والمضي قدماً في مراحله وصفقة التبادل، نجد أن إسرائيل حتى اللحظة لم تلتزم بشيء، وبدلاً من الوفاء بوعودها للوسطاء، يُطل نتنياهو، بعد تنفيذ الدفعة السادسة من صفقة التبادل في مرحلتها الاولى بادعاء أن تعزيز قوات الجيش الإسرائيلي حول قطاع غزة، والموقف الحازم للرئيس الأميركي ترمب، أديا إلى إطلاق سراح ثلاثة من الرهائن يوم أمس، رغم رفض حماس السابق الإفراج عنهم.
وإذا ما طرقنا باب الحقيقة، فإن الوسطاء فعلاً اتفقوا مع “حماس” على تحقيق المطالب والشروط الفلسطينية، فوافقت حماس على إعادة تفعيل برنامج التبادل، وهو ما أسفر أمس عن عملية إفراج سلسة وسريعة، واعترفت الأوساط الاسرائيلية بأن حماس فرضت في نهاية المطاف شروط إلزام إسرائيل بما تم التوافق عليه، لكن نتنياهو من الواضح أنه يحاول الحفاظ على غروره وكبريائه من خلال عدم التصريح بالاتفاق، وعليه فإنه يصر على محاباة وزرائه المتطرفين سعياً للحفاظ على وجوده في رأس الحكومة، كما أنه يتعمد إثارة المشاكل والفتن، ولا يسعى على الإطلاق للتوجه إلى مفاوضات المرحلة الثانية لتحميل حماس المسؤولية، علماً أن الشارع الإسرائيلي يدرك جيداً أن نتنياهو هو الذي لا يريد صفقة التبادل.
اقرأ أيضا.. كيف تدير إسرائيل سياسات التهجير البطيء في الضفة الغربية؟
يواصل نتنياهو الاستعانة بدور الولايات المتحدة، ومن خلالها يضغط لإجراء عملية تبادل إضافية خلال الأيام المقبلة، بهدف إطلاق سراح الأسرى الستة الأحياء المشمولين بالمرحلة الأولى، ويعلن موافقته على إدخال البيوت المتنقلة لغزة إذا تمت عملية الإفراج، علماً أن البيوت المتنقلة كان يفترض أن تدخل إلى غزة مع بدء تنفيذ الاتفاق، وكل هذه الخطوات وغيرها يفتعلها نتنياهو لإعاقة الوصول بشكل سلس إلى المرحلة الثانية، التي لا يمكنه الانتقال اليها إلا باستقالة حكومته.
مهرجان الكبرياء الفلسطيني رغم كل شي متواصل، والحرية تعانق الأسرى المحررين في مشاهد تبعث على الفخر والاعتزاز بإنجازاتهم وتضحياتهم، رغم محاولات إدارة السجون الفاشلة تقييد حريتهم ومنعهم من الحياة، وتزويدهم أمس بلباس يحمل عبارات (لن ننسى ..لن نسامح) خطوة وصفها عدد كبير من المحللين الإسرائيليين بالغبية، وكانت تستهدف النيل من عزيمة أسرانا البواسل الذين ردوا على هذه الاستفزازات بالشكل اللائق.