تنتاب المشاهد لعودة مئات الألوف من الغزيين من جنوب قطاع غزة إلى شماله ، بعد 15 شهرا من التشرد والنزوح ، من الشمال للجنوب ، عبر شارعي الرشيد غربا مشيا على الأقدام ، وشارع صلاح الدين شرقا عبر السيارات والشاحنات ، تنتابه مشاعر متضاربة من الفرح والحزن ، من الأسى والشفقة على هذه الحجافل الزاحفة لساعات طويلة مرهقة ،، طبعا هناك فرح لكل من حلم بالعودة لمدينته ومنزله وحارته.
ولكن العائدين شعروا بالصدمة الكبرى جراء ما شاهدوه من تدمير جنوني أحدثثه آلة الحرب الجهنمية التي شنتها قوات الاحتلال الإجرامي النازي بحق المخيمات والمدن في غزة والشمال ، فلا بنية تحتية ، لا مياه ، ولا صرف صحي ، ولا كهرباء ، ولا مكان يأوي إليه العائدون ، وسائل الحياة معدومة على الإطلاق ، حيث أنه لا يوجد حتى مكان لإقامة خيمة أقاموها خلال نزوحهم للجنوب ، وعندها تحول الفرح إلى حزن.
اقرأ أيضا.. أسرار الطوفان بين الموضوعية والإنحياز
تحولت العودة إلى صدمة، وفي اتصالاتي مع الأهل والأصدقاء الذين عادوا لغزة والشمال ،، قالوا إن من يسمع ليس كمن يرى، ومن يشاهد عبر شاشات التلفزيون ، ليس كمن يشاهد على أرض الواقع ، فلا إمكانية هناك للعيش ، بل واضطر المئات ممن عادوا إلى غزة والشمال ، إلى العودة إلى الجنوب في خان يونس ودير البلح ، إلى حين إمكانية الحصول على ما يمكن إصلاحه في البنية التحتية ، وخاصة المياه وشبكة الصرف الصحي ،، وفي ظل هذه الظروف القاسية والمأساوية ، تعلن إدارة الرئيس ترامب ، الذي زار مبعوثه اليوم قطاع غزة ، أنه لن يتم إعمار قطاع غزة ، طالما حركة ” حماس ” ما زالت تحكم في غزة ، وهذا ما حذرنا منه كثيرا ، بأن على حركة حماس أن تنسحب من المشهد الفلسطيني ، حتى يمكن إعادة الحياة لمن بقوا أحياء ، بعد جريمة العصر في غزة.
أحد المهندسين من وزارة الأشغال والإسكان التابعة للسلطة الوطنية في غزة ، والمتخصص في هندسة المدن ، الذي يستعد للعودة من مصر إلى قطاع غزة ، للمشاركة في إعادة بناء غزة ، أفاد أن إزالة الركام وعودة تشغيل البنية التحتية ، يحتاج من 3 – 5 سنوات ، أما إعادة بناء ما دمره الاحتلال من مبانٍ سكنية ، ومؤسسات تعليمية وصحية وغيرها ، فحدث ولا حرج ، فإن ذلك سيستغرق 20 عاما على الأقل ، إذا توفرت الأموال بعشرات المليارات من الدولارات ، وإذا لم توضع أية عراقيل ، وهكذا يتحول الفرح إلى حزن وألم ووجع ، والعودة إلى صدمة.