في كل حرب تخوضها الشعوب هناك ثمنٌ يُدفع لكن حين يتحول الثمن إلى كارثة إنسانية وحين تكون الحرب بلا هدف واضح سوى الخراب والدمار فإن الأمر لا يعدو كونه طوفانًا يجرف الأمل والحياة معًا غزة المدينة التي حملت على عاتقها همّ الأمة، باتت اليوم حطامًا يئن تحت ركامه جراح شعب يذوق الويلات لا لذنب سوى أنه وُلد في هذا البقعة الجغرافية التي تحترق بنيران المصالح والتناقضات.
الدمار الشامل لغزة واقعٌ لا يحتمل المجاز
لقد تحولت غزة إلى ما يشبه الجحيم على الأرض أرقامٌ تفطر القلوب أكثر من 100 ألف شهيد، 120 ألف مصاب ومئات الآلاف بين مهجرين وأيتام وأرامل أحياءٌ بأكملها اختفت من خارطة الوجود جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا ورفح والشجاعية أسماءٌ كانت رمزًا للصمود باتت الآن شواهد على أكبر مأساة إنسانية في العصر الحديث آلاف العائلات شُطبت من السجل المدني وأجساد تبخرت تحت القصف العشوائي أي نصر يُعلن في ظل هذه الكارثة؟
اقرأ أيضا.. التهدئة وحسابات اللاعبين
بين خطاب الجهاد ومقاصد الإسلام
الجهاد في الإسلام ليس شعارًا يُرفع ولا معركة تُخاض بلا رؤية أو تدبر بل هو وسيلة لتحقيق المقاصد العليا التي جاءت الشريعة لحمايتها حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال فما الذي تحقق من هذه المقاصد في طوفان 7 أكتوبر؟
حفظ النفس أرواحٌ أُزهقت بلا حساب
حفظ المال بنية تحتية مدمرة بالكامل ومدن أشبه بالمقابر الجماعية.
حفظ النسل أجيالٌ تُباد وأخرى تعيش تحت وطأة العجز والدمار.
حفظ الدين والعقل كيف يُحفظ الدين في ظل خطاب يُجرد الإنسان من أبسط حقوقه في الحياة والكرامة؟
المصالحة الوطنية الخيار الوحيد
غزة ليست قضية فصيل بل قضية وطن والشعب الفلسطيني الذي قدّم كل شيء على مذبح الحرية يستحق قيادة حكيمة تُعيد له الأمل وتوحد صفوفه ما حققته حماس في هذه الحرب هو دمار لا أكثر وما بعد الحرب يبدو أصعب إعاقات جسدية وأمراض نفسية ستطارد من بقي حيًا في هذه المدينة المنكوبة الحل الوحيد الذي يلوح في الأفق هو تسليم زمام الأمور للسلطة الوطنية الفلسطينية لتكون صوت الشعب وسنده في مواجهة الاحتلال.
طوفان العار لا الأقصى
إن كان الهدف تحرير القدس فإن النتيجة كانت تسليم غزة إلى الدمار كيف يمكن لمن يدّعي الجهاد أن يطالب بوقف إطلاق النار بعدما فقد كل شيء؟ أي نصرٍ هذا الذي يُحتفل به على جثث الشهداء ودمار البيوت والمساجد والمدارس؟
إن التاريخ لن يرحم من ساهم في تشريد الشعب الفلسطيني أو استغل معاناته لتحقيق مكاسب حزبية ضيقة الشعب الفلسطيني يستحق حياة كريمة وقيادة تُعلي من شأنه وتضع نصب أعينها هدفًا واحدًا الحرية والكرامة غزة ليست بحاجة إلى شعارات فارغة بل إلى ضمير حيّ يعيد إليها الأمل والبناء ويجبر كسرها الذي لم يُشفَ بعد.