حرب الإبادة الشاملة والمستمرة التي تنفذها حكومة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني ما هي سوى امتداد لسياسة التطهير العرقي التي تستهدف اقتلاع شعبنا من أرضه وتدمير وجوده التاريخي والحضاري في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، الذي لا يزال يواجه آلة الموت والاقتلاع من أرضه.
وفي ظل استمرار المقتلة الإسرائيلية والعدوان اليومي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتصاعد الأوضاع المأساوية بين صفوف النازحين، ارتفعت حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 45,936، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023. كما ارتفعت حصيلة الإصابات إلى 109,274، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض. وقد ارتكبت قوات الاحتلال ست مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، حيث وصل إلى المستشفيات 51 شهيدًا و78 مصابًا خلال الساعات الـ24 الماضية.
تواصل حكومة الاحتلال المتطرفة عدوانها وتعمل على تعزيز الوجود العسكري الدائم وإعادة احتلال قطاع غزة وفرض السيطرة المدنية أيضًا من خلال فرض سيطرة المؤسسة الاستعمارية وأذرعها في جيش الاحتلال على كافة أنحاء قطاع غزة.
اقرأ أيضا.. لماذا يدفع الشعب الفلسطيني ثمن كل حرب مع الاحتلال؟
اتساع دائرة المجاعة في قطاع غزة وتصاعد أعداد الوفيات، وتحديدًا الأطفال، جراء البرد الشديد والأمطار الغزيرة والرياح العاتية التي اقتلعت خيام النازحين وفاقمت معاناتهم في ظل ظروف النزوح الصعبة، واستمرار نسف قوات الاحتلال الإسرائيلي للمربعات السكنية، يتطلب من المجتمع الدولي سرعة التدخل العاجل لرفع المعاناة عن أبناء شعبنا وتطبيق القرارات الأممية الداعية إلى وقف الإبادة في غزة وتسريع دخول المساعدات المنقذة للحياة.
وحقيقة الأمر أننا نستغرب استمرار المواقف الدولية المزدوجة التي تتعامل مع قضيتنا بمعايير متناقضة. وأمام هذه التحديات الراهنة، لا بد من توحيد الصف الوطني في مواجهة المؤامرات التي تهدف إلى العبث بالنسيج الوطني وبالبيت الداخلي الفلسطيني، والالتفاف حول المشروع الوطني الشامل الذي يعزز صمود شعبنا ويحبط كل محاولات التفريق والانقسام، والعمل الجاد على فضح جرائم الاحتلال في المحافل الدولية كافة، ومواصلة النضال من أجل نيل حقوقنا المشروعة في الحرية والعودة والاستقلال. دماء الشهداء أمانة في أعناقنا وستظل تضيء طريق النضال حتى يتحقق حلم شعبنا في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
المجتمع الدولي ومجلس الأمن يتحملان المسؤولية الكاملة عن نتائج فشلهما في وقف الإبادة الجماعية المتواصلة في قطاع غزة. استمرار هذا الفشل يشجع الاحتلال على تعميق الكارثة الإنسانية وتدمير ما تبقى من مقومات الحياة في قطاع غزة، وتحويله إلى أرض محروقة غير صالحة للحياة البشرية، ما يدفع أكثر من مليوني مواطن إلى الهجرة القسرية خارج القطاع.
لا يمكن استمرار الفشل الدولي، ولا يوجد أي مبرر سياسي أو قانوني أو أمني أو أخلاقي لتبرير فشل المجتمع الدولي في حماية المدنيين وإجبار إسرائيل على الوفاء بالتزاماتها القانونية بصفتها القوة القائمة بالاحتلال. بات من المهم والضروري أن يتجاوز المجتمع الدولي معالجة القضايا السطحية الناتجة عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين.
وعلى مجلس الأمن الدولي اتخاذ مواقف حاسمة والعمل على إنهاء الاحتلال والشروع الفوري بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735 وقرار الجمعية العامة الذي اعتمد الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، باعتبارها أعلى هيئة قضائية في العالم.