بعد إعلان مجلس النواب اللبناني إنتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيسا للبلاد، تبرز أسئلة مهمة حول مدى تأثير هذا التحول الجديد في المشهد السياسي اللبناني بعد سنتين من شغور منصب رئيس الجمهورية .
على مدار سنوات قيادته للجيش، أثبت جوزيف عون قدرة استثنائية على إدارة الأزمات الأمنية بحكمة واحترافية. في ظل التحديات الأمنية المتعددة، من تهديدات الإرهاب إلى التوترات الحدودية، لعب الجيش دورًا محوريًا في الحفاظ على الأمن والاستقرار. هذا السجل المتميز يجعله شخصية موثوقة لقيادة البلاد في هذه المرحلة الدقيقة.
و يمتلك جوزيف عون شخصية جامعة قادرة على كسب احترام مختلف الطوائف والمناطق اللبنانية. هذا الجانب يمكن أن يكون أساسًا لبدء مسار جديد من الوحدة الوطنية وإعادة بناء الثقة بين الدولة ومواطنيها.
يمتاز جوزيف عون بموقفه المستقل عن التحالفات السياسية التقليدية في لبنان. هذا الابتعاد عن المحاور السياسية المتصارعة يمنحه مصداقية لدى شرائح واسعة من الشعب اللبناني، الذين سئموا من الانقسامات السياسية والطائفية. قيادته قد تكون فرصة لتجديد الثقة في مؤسسة الرئاسة كعامل توحيد بدلاً من كونها أداة للخلاف.
و يعاني لبنان من أزمات اقتصادية خانقة تحتاج إلى قيادة قادرة على تبني إصلاحات جذرية وشجاعة. جوزيف عون، بشخصيته الحازمة وإدراكه العميق للتحديات الوطنية، يمكن أن يكون القائد الذي يضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، ويدفع نحو تحقيق الإصلاحات المطلوبة في القطاعات الحيوية مثل القضاء، الاقتصاد، والخدمات الأساسية.
تعزيز السيادة الوطنية: في وقت أصبحت فيه السيادة اللبنانية محل تساؤل بسبب التدخلات الخارجية، يمكن لجوزيف عون أن يمثل صوتًا قويًا للدفاع عن استقلالية القرار الوطني. قيادته للجيش أكسبته خبرة في التعامل مع الضغوط الخارجية والتوازن بين المصالح الوطنية والدولية.
مستقبل العلاقات اللبنانية الخليجية:
يمثل انتخاب جوزيف عون فرصة لإعادة بناء العلاقات اللبنانية الخليجية التي تأثرت سلبًا في السنوات الأخيرة بسبب تدخلات أطراف إقليمية داخل لبنان. بحكم موقعه كقائد للجيش وابتعاده عن الاصطفافات السياسية، قد يكون جوزيف عون القادر على طمأنة الدول الخليجية بشأن استقرار لبنان وتوجهاته المستقبلية. تعزيز العلاقات مع دول الخليج سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد اللبناني، خاصة عبر استعادة الاستثمارات الخليجية ودعم المغتربين اللبنانيين العاملين في تلك الدول.
بارقة أمل
الشعب اللبناني فقد الثقة بمعظم الطبقة السياسية بسبب سنوات من الإهمال والفساد. على جوزيف عون أن يثبت أن رئاسته مختلفة وأنه يعمل لمصلحة الشعب. هذا يتطلب وقتًا وإجراءات فعالة لإظهار التزامه بالتغيير.
انتخاب جوزيف عون لن يكون مجرد تغيير في اسم الرئيس، بل قد يكون بداية لنهج جديد يعيد للبنان أمل الخروج من أزماته المتعددة. في ظل غياب الحلول التقليدية واستمرار الجمود السياسي، يحتاج لبنان إلى قائد يجمع بين الخبرة العسكرية والرؤية الوطنية. تأثير انتخابه سيمتد إلى تحسين علاقات لبنان الدولية، لا سيما مع دول الخليج التي تشكل شريكًا استراتيجيًا في استقرار البلاد وتنميتها الاقتصادية. هذه العلاقات المتجددة قد تكون مفتاحًا لإعادة لبنان إلى موقعه الطبيعي كجسر للتواصل بين الشرق والغرب.