هناك اسباب عديدة يمكن سوقها لتفسير اداء الجماعة الحوثية هذه الفترة رغم إدراكها لتبعات افعالها وفارق القدرات. هناك دوافع ذاتيه وفق حسابات حوثية محلية او بالكثير حوثية سعودية وهناك ما هو خارج عن ارادة الجماعة لطالما وضعت نفسها وظيفيا في خدمة المحور الايراني.
وربما سأنطلق من هذه النقطة الاخيرة قبل الذهاب في تفصيل المنطلقات الذاتية للجماعة الحوثية في منشور لاحق.. العراق واليمن هما آخر اذرع ايران ودرعها الخارجي لاتقاء الضربات او الدخول في حرب مباشرة سواء مع امريكا او إسرائيل أو كليهما.
امتنع العراق ظاهراً. اما لان المعادلة السياسية في الوقت الراهن الناتجة من عدم الوصول إلى تواصل حول السياسة الخارجية او لان الثمن الداخلي اكبر من ان تحتمله ميليشيات ايران او أجنحتها السياسية في العراق. لذا أبدى العراق حصافة لمحاولة تجنيب نفسه الخراب مع انه متصل مباشرة بسوريا وهو حلقة الوصل بين ايران واذرعها نحو المتوسط.
جغرافيا ولوجستيا العراق في درجة اعلى من درجات التبعية والأهمية بالنسبة للتصور الإمبراطوري الايراني في المنطقة.
وقد لا يكون امتناع العراق عن الزج بنفسه اكثر من تأجيل مقابل اعتماد إشراك ميدان ابعد.
هذا الميدان الأبعد المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. وبما ان الجماعة الحوثية هي جماعة بلا مسوؤلية وطنية فإنها ستؤدي دورها الوظيفي في حماية ايران.
اللبوس الاخلاقية التي تلتحف بها الجماعة قابلة للنقاش وهي من صميم الفعل السياسي في المقام الاول.
في الحقيقة، تحتاج ايران من يشتت أنظار العالم في هذه المرحلة نحو زاوية اخرى بعيدة منها لتعجّل من استكمال بناء مشروعها النووي وصولا إلى تحقيق الردع النووي قبل فوات الأوان.
خبراء المنشآت النووية يعرفون ان الوصول إلى قدرات نووية عسكرية يسير وفق متوالية هندسية وليس عدديّة. اي ان ثمة نقطة يصبح الانطلاق بعدها إلى امتلاك سلاح نووي أقصر بكثير من كل المراحل السابقة وربما ايران وصلت إلى هذه النقطة. وهي الان ارج ما يكون لسلاح نوري لا احد نفوذ إمبراطوري انما لحاجة وجودية اولا وقبل اي شي.
اقرأ أيضا| يد إسرائيل الطويلة.. هل أخطأت في صنعاء
ولكن لماذا اليمن اولا وليس العراق؟
لان ذراع ايران في اليمن اقل مبالاة من الجماعات الاخرى وغير معن ببناء توافقات محلية طالما والجماعة الحوثية تتسيد نطاق جغرافيه جعلته مسطحا سياسيا وأيديولوجيا ولديها استعداد ان ترهن كامل الكتلة السكانية التي تحكمها من اجل الفوز برهان أيديولوجي.
لكن وعلى نحو عملي إذا كان الرد القادم يقتصر على ضربات عسكرية أمريكية او اسراييلية فهي بمثابة تغدية غير مقصود للجماعة برصيد وشعبية خارجية بالطبع وداخلية دون شك. فضلا عن ذلك يركن الحوثيون إلى حقائق ميدانية منها محدودية امكانية شن حملة عسكرية اسراييلية او أمريكية مماثلة لما حصل لحزب الله.
ثم ان مساحة ما يسيطر عليه الحوثيون يزيد بمقدار عشرات اضعاف مساحة لبنان. فضلا عن ان الجماعة الحوثية لم تكن موضوع رصد دقيق لاسراءيل كما كان حزب الله منذ 2006. اي ان الجماعة تعتقد ان الوقت والمكان في صالحها.
لكن لتمض الجماعة في هذا الخيار عليها ان تحسم موقفها داخل صفوفها ولهذا ينبغي ان يتصدر المشهد عناصر اكثر ولاءً للمحور الإيراني وقد يفجر هذا صراعات داخلية شاع خبرها مؤخرا . وهذه الصراعات ليست بمكان ان تشق صف الجماعة. بل هي صراعات اجنحة تحت السيطرة في ظل وجود الية تراتبية ضمنت تماسك الجماعة منذ فترة طويلة.