تماطل إسرائيل في تنفيذ بنود اتفاق وقف النار في الجنوب رغم مرور 25 يوماً على إعلانه، وتواصل خروقاتها بعد تقدمها إلى بلدات في القطاع الغربي من الناقورة إلى بني حيان، فيما تستمر بتفجير منازل في القطاعين الأوسط والشرقي بذريعة تدمير بنى تحتية لـ”حزب الله”.
وترافقت الخروقات مع توغل الجيش الإسرائيلي في المنطقة العازلة بالجولان وصولاً إلى جبل الشيخ وإطاحته اتفاق فصل القوات الموقع عام 1974، بما يعني امساكه بالحدود اللبنانية- السورية حيث وضع البقاع وكل الجنوب تحت المراقبة والرصد.
بذلك تكون اسرائيل قد فصلت الجغرافيا اللبنانية- الفلسطينية، وبالتالي حققت أبرز أهدافها، وهي تسعى إلى تثبيت منطقة عازلة جنوباً بتفسيرها الأحادي لبنود الاتفاق وانهاء ما تعتبره تهديداً لأمنها يمثله “حزب الله”، حتى أنها تستدرجه للرد لتوسيع حربها انطلاقاً من ضمانات الأميركيين، وبالتالي هناك خطر على لبنان مع إمكان لجوء إسرائيل إلى ضربات جديدة في حال اعتبرت أن الحزب يعيد هيكلة وضعه العسكري في الجنوب. وإلى السيطرة الجوية، حققت إسرائيل بالتفافها حول جبل الشيخ وتحكمها بالبقاع هدفاً أساسياً يتمثل بفصل لبنان عن سوريا بما يعني محاصرة “حزب الله” من الجنوب والشرق والشمال خصوصاً بعد قطع طرق إمداده من سوريا.
اقرأ أيضا.. مواصفات رئيس لبنان وصِفات الأعوان… قصة الاختيار الصائب
تأتي الخروقات الإسرائيلية المتواصلة لتضع لبنان تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية جواً وبراً وبحراً، في وقت لم تستطع لجنة المراقبة الدولية أن تضع حداً للاستباحة الإسرائيلية للأراضي اللبنانية، إذ أن إسرائيل تضغط، ليس على “حزب الله” فحسب بل على لبنان لتنفيذ بنود اتفاق وقف النار وفق شروطها، وهي تستند بذلك إلى قدرتها على توجيه ضربات لمنع الحزب من النهوض مجدداً بعد الحرب التي أدت الى تفكيك قسم كبير من بنيته العسكرية واغتيال معظم قياداته، وهي تريد وفق ما أبلغته للراعي الأميركي بحسب مصدر ديبلوماسي سحب سلاح “حزب الله” وانسحابه من جنوب الليطاني قبل أن تخرج من المناطق التي احتلتها، وتتهم لبنان بأنه لا يريد تطبيق الاتفاق.
ويكشف المصدر الديبلوماسي وفق ما يتم تناقله في الكواليس أن التطورات السورية زادت من التشدد الإسرائيلي ومماطلته، وأنه لو حدث التحوّل السوري قبل إعلان وقف النار لكانت إسرائيل واصلت حربها على “حزب الله” لتحقيق مكاسب أكثر وذلك على الرغم من أن الاتفاق يلبي شروطها.
وعلى وقع استمرار التوتر جنوباً، هناك خطر على الاتفاق وتمديد تطبيقه إلى ما بعد الستين يوماً، ما يؤثر على استكمال انتشار الجيش والبدء بإعادة الاعمار المجمدة حاليا بسبب التركيز الدولي على الوضع السوري، ولذا يرفع لبنان الصوت ويطالب لجنة االمراقبة والأميركيين تحديداً بالتدخل لتطبيق الاتفاق كاملاً وفق القرار 1701 الذي يلتزم به أيضاً “حزب الله” العاجز، ليس في الرد على الخروقات بل أيضاً في إعادة تنظيم أوضاعه واستنهاض بنيته بعد حرب الإسناد ورهاناته الخاطئة القائمة على توازن الردع وحساباته الإقليمية، وأوهام أدت إلى تدمير البلاد، معلناً الانتصار لأن إسرائيل لم تحقق أهدافها بالقضاء عليه.
يواجه لبنان أخطاراً في المرحلة الانتقالية لتطبيق الاتفاق، تعكسها مخاوف من استمرار الحرب الإسرائيلية حتى مع وقف النار عبر حرية الحركة لضرب أهداف محددة، ومنع لبنان من إعادة الإعمار، ما يستدعي استنفاراً لبنانياً بتأكيد التمسك بالاتفاق كي لا تتخذ إسرائيل من أي حالة ذريعة لاستمرار عدوانها، وذلك قبل فوات الأوان.