لوح الرئيس الأمريكى المُنتخب، دونالد ترامب، بسياسات صارمة تجاه الصين خلال حملته الانتخابية، إذ تعهّد بفرض تعريفات جمركية واسعة على الواردات القادمة من بكين، وهو ما دفع العديد من التقديرات إلى ترجيح عودة المنافسة الحادة بين الولايات المتحدة والصين بعد عودة ترامب للسلطة، لكن لايزال هناك الكثير من التساؤلات المُتعلقة بملامح هذا التصعيد المُحتمل بين البلدين فى الساحة الإفريقية، وتداعيات ولاية ترامب الثانية على حضور بكين وواشنطن فى إفريقيا خلال الفترة المقبلة.
تباينت التقديرات بشأن دلالات الولاية الثانية لترامب على التنافس الصينى- الأمريكى فى القارة الإفريقية، وهو ما يمكن عرضه على النحو التالى:
١- توجهات ترامب الانعزالية: ذهبت بعض التقديرات إلى اعتبار أن الأجندة الانعزالية التى قد ينتهجها دونالد ترامب، والمتمثلة فى سياسة «أمريكا أولاً»، يمكن أن تشكل فرصة جيدة بالنسبة للطموحات الصينية الواسعة فى القارة الإفريقية، حيث يمكن أن تُمهد هذه السياسات الأمريكية المُحتملة الطريق أمام بكين للتمدد فى إفريقيا، لاسيما وأن الولاية الأولى لترامب كانت قد انطوت على تجاهل كبير للقارة.
اقرأ أيضا.. رسالة إلى الرئيس ترمب.. عنوانها: سياسته وفلسفته
ومن ثم يتوقع هذا الاتجاه أن تستمر الولاية الثانية لترامب على النهج ذاته، وأنه لن يكون سوى عدد قليل من الدول الإفريقية المهمة على جدول أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة؛ الأمر الذى سيتمخض عنه تعزيز مساحة المناورة بالنسبة للجانب الصينى، وسيسمح لها بزيادة نفوذها داخل القارة، بل ربما تصبح الفاعل الأهم هناك.
٢- تحوّلات مُحتملة فى توجهات ترامب: ثمّة اتجاه آخر يرى أن الولاية الثانية لترامب ربما تشهد تحولات كبيرة فى علاقة واشنطن بالقارة الإفريقية، وأن هذا التحول يتعلق بالأساس بمنظور ترامب الراسخ بأن الصين تشكل التهديد الوجودى للولايات المتحدة؛ ومن ثم رغبته فى التصعيد الحاد ضد بكين، لمحاولة تقويض نفوذها فى مختلف ساحات التنافس. وفى هذا الإطار، ترى هذه التقديرات أن ثمة قناعة حالية لدى ترامب بمدى أهمية القارة الإفريقية كساحة تنافس رئيسة مع الصين، ولاسيما فى ظل التنامى المطرد والملحوظ فى النفوذ الصينى وتحولها لفاعل قوى ورئيس فى إفريقيا.
٣- محورية الاقتصاد للإدارة الأمريكية الجديدة: ذهب اتجاه ثالث إلى ترجيح أن تشهد الولاية الثانية لترامب انخراطًا أكبر فى الداخل الإفريقى مقارنة بولايته الأولى، ولكن ربما يكون الهدف الرئيس للإدارة الأمريكية هو المصالح الاقتصادية التى يمكن أن تحققها واشنطن من القارة الإفريقية.
ويستند هذا الاتجاه إلى محورية البعد الاقتصادى بالنسبة لترامب؛ ومن ثم ففى ظل المعادن الحيوية التى تزخر بها الدول الإفريقية، وأهمية هذه المعادن للقوى الدولية المتنافسة فى النظام الدولى، ولاسيما الولايات المتحدة والصين؛ ستسعى الإدارة الأمريكية الجديدة إلى محاولة تعزيز حضورها فى القارة الإفريقية، خاصةً فى المناطق التى تضم كثيرا من المعادن الاستراتيجية. وربما يتفق هذا المنظور نسبيًا مع الاتجاه السابق، لكنه يختلف عنه فى حجم الانخراط الأمريكى المتوقع فى القارة الإفريقية، حيث يرى أنصار هذا الاتجاه أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستوسع حضورها فى إفريقيا، لكنها ربما تركز بشكل أكبر على بعض الدول.
تحركات استباقية
شهدت الآونة الأخيرة تحركات صينية ملحوظة فى القارة الإفريقية، فى محاولة استباقية تستهدف تعزيز النفوذ الصينى داخل القارة الإفريقية، باعتبارها ساحة رئيسة للمنافسة الأمريكية- الصينية، ويمكن تبيين ملامح هذه التحركات على النحو التالى:
١- توسيع بكين تعاونها العسكرى مع إفريقيا: يُعد التعاون العسكرى فى القارة الإفريقية أحد أبرز أدوات التنافس الحاد بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ فى إفريقيا، وفى هذا الإطار عمدت الصين خلال الآونة الأخيرة إلى زيادة تعاونها العسكرى مع دول القارة الإفريقية.
ورغم أن الصين كانت قد بدأت منذ سنوات فى التعاون مع الدول الإفريقية فى العديد من مجالات الأمن، بما فى ذلك مُشاركتها فى بعثات حفظ السلام الأممية، وإجراء تدريبات عسكرية مُشتركة، وتقديم التعليم والتدريب للضباط الأفارقة؛ فإن هناك بعض التقارير الغربية أشارت إلى أن إعلان بكين الأخير خلال المنتدى التاسع للتعاون الصينى- الإفريقى «فوكاك»، خلال سبتمبر ٢٠٢٤، يُعد الأكثر صراحة بشأن تعهدات الصين العسكرية فى القارة الإفريقية، لاسيما وأنه يأتى بالتزامن مع الانتكاسات التى تعرض لها الوجود العسكرى الأمريكى فى منطقة الساحل الإفريقى، عقب الانقلابات العسكرية التى شهدتها بعض دول الساحل وأدت إلى فك الارتباط بين هذه الدول وواشنطن، لعل أبرزها النيجر التى اضطر الجيش الأمريكى إلى سحب قواته منها وإغلاق قاعدته الجوية هناك، والتى كانت تشكل أهمية جيوستراتيجية بالنسبة للوجود العسكرى الأمريكى فى منطقة الساحل وغرب إفريقيا.
وقد أشار قائد القيادة الأمريكية فى إفريقيا «أفريكوم»، الجنرال مايكل لانجلى، إلى أن واشنطن تعيد حاليا هيكلة أصولها فى القارة الإفريقية، فى إشارة إلى المحادثات التى تجريها الولايات المتحدة فى الوقت الراهن مع عدة دول فى غرب إفريقيا، كغانا وبنين وساحل العاج، من أجل تعويض خسارتها فى النيجر؛ وهو ما يتسق مع التقارير الغربية التى أشارت إلى أن الولايات المتحدة تسعى لحشد الدعم بعد تراجع نفوذها فى منطقة الساحل وغرب إفريقيا، وهو ما يفسر الجولات المتكررة التى قام بها الجنرال لانجلى فى غرب وشمال وشرق القارة الإفريقية؛ إذ تستهدف واشنطن تغيير لغة خطابها وتعزيز التشاور مع شركائها فى إفريقيا والاستماع لمتطلباتهم بدلاً من لغة الخطاب السابقة القائمة على التوجيه، خاصةً أن هذا الخطاب، بالإضافة لعدم تشاور واشنطن بشكل كافٍ مع الدول الإفريقية أدى لانتقادات واسعة من حلفائها فى القارة الإفريقية، ودفع بعضهم للاتجاه لتعزيز التعاون مع الصين.
وفى إطار التحركات العسكرية الصينية فى إفريقيا، يتزايد القلق الأمريكى من وجود مساعٍ صينية للحصول على قاعدة عسكرية دائمة ثانية لها فى غرب القارة، تضاف للقاعدة الصينية الوحيدة حتى الآن فى جيبوتى بشرق القارة، غير أن الولايات المتحدة تنظر لفكرة حصول الصين على وجود عسكرى فى الساحل الغربى الإفريقى باعتبارها تهديدًا لأمنها القومى؛ نظرا لأن هذا التمركز سيمنح بكين وجودا عسكريا فى المحيط الأطلسى من الساحل الشرقى للولايات المتحدة.
٢- نقل تكنولوجيا المدن الذكية إلى إفريقيا: عمدت الصين إلى جعل نقل تكنولوجيا المدن الذكية أحد أبعاد دبلوماسيتها الأمنية فى القارة الإفريقية، فى محاولة منها لتوسيع دورها كشريك أمنى مع دول القارة، ولاسيما من خلال «مبادرة الأمن العالمى». وتستفيد تكنولوجيا المدن الذكية من التقنيات الرقمية، كالذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة، من أجل إعادة تصميم المعيشة الحضرية وربط المراكز الحضرية بأجهزة الاستشعار لتحسين الأمن وتقديم الخدمات والإدارة الحضرية بشكل عام.
وقد شجعت الصين على نشر البنية الأساسية للمدن الذكية فى مختلف أنحاء القارة، من خلال الشركات المملوكة للدولة، على غرار شركة هواوى، والتى ساعدت خلال السنوات الأخيرة على انتشار أنظمة مراقبة المدن الذكية، حيث باتت تُستخدم حاليا فى تسع دول، كما تم التخطيط لنشرها فى أربع دول أخرى. وفى ظل وجود أكثر من ١٠ آلاف شركة صينية تعمل فى إفريقيا، واستثمارات تبلغ قيمتها أكثر من ٣٠٠ مليار دولار، تعمل بكين على تأمين الموارد وتوسيع الأسواق وزيادة نفوذها الإقليمى من خلال نموذج التمويل الصينى الذى يرسخ هيمنة التكنولوجيا الصينية فى إفريقيا.
وفى هذا السياق، شكل الاعتماد المتزايد للدول الإفريقية على التكنولوجيا الصينية تخوفات متزايدة لدى الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، فى ظل تنامى الهيمنة والنفوذ الصينى فى القارة الإفريقية، خاصةً أن هناك تقارير غربية حذرت من احتمالات التجسس الصينى من خلال انتشار التكنولوجيا الخاصة بها فى الدول الإفريقية، بدعوى أن الشركات الصينية يمكنها الوصول إلى البيانات التى يتم جمعها عن الدول الإفريقية، على غرار الصفقة التى أبرمتها شركة (CloudWalk Technology) الصينية مع الحكومة فى زيمبابوى؛ إذ يتم إرسال البيانات إلى الصين لتطوير خوارزميات التعرف على الوجه.
بيد أن القلق الأمريكى الرئيسى من مبادرات المدن الذكية الصينية فى القارة الإفريقية، يتمثل بالأساس فى اعتبارها أداة أخرى لبكين للتقارب مع الدول الإفريقية والوصول إلى الموارد الحيوية، وإعادة هيكلة التحالفات الإقليمية والحد من النفوذ الأمريكى فى القارة. كما أن الهيمنة المتزايدة للتكنولوجيا الصينية فى إفريقيا تزيد من احتمالية تحول المعايير الصينية لقاعدة تتحكم فى السوق الإفريقية؛ الأمر الذى سيحد من قدرة الشركات الأمريكية والغربية على الوصول لهذه السوق؛ ومن ثم تشكل مبادرات المدن الذكية مسارًا آخر يمكن للصين من خلاله أن تتفوق على الولايات المتحدة فى القارة الإفريقية.
٣- تحوّل جذرى فى نهج بكين الدبلوماسى: كشف المنتدى التاسع للتعاون الصينى- الإفريقى «فوكاك» لعام ٢٠٢٤ عن تحولات جذرية فى نهج الدبلوماسية الصينية فى القارة الإفريقية، فقد تمكنت بكين فى سبتمبر ٢٠٢٤ من جمع وفود من ٥٣ دولة إفريقية، منها ٣٦ بقيادة رؤساء دول وحكومات إفريقية، إلى جانب تعهدات الرئيس الصينى، شى جين بينغ، باستثمارات تقدر بنحو ٥٠.٧ مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة فى القارة الإفريقية؛ لكن يبقى المخرج الأهم لهذه القمة ما يتعلق بالرؤية الصينية طويلة الأمد والأكثر تعقيدا وتوسعا، والتى تم طرحها خلال هذا المنتدى.
فقد عكس المنتدى التاسع عصرا جديدا فى العلاقات الصينية- الإفريقية، حيث تم تأكيد ما وصفه الرئيس الصينى بـ«المجتمع الصينى- الإفريقى دائم الصمود بمستقبل مشترك للعصر الجديد»، وقدم شى جين بينغ تعهدات للدول المختلفة على هامش اجتماعات المنتدى بدعم بلاده لتنمية الدول الإفريقية المختلفة، وأكد أن منتدى عام ٢٠٢٤ سيكون بمثابة نقطة تحول حاسمة فى مسار العلاقات الصينية- الإفريقية.
وعمد الرئيس الصينى خلال المنتدى إلى تأكيد أن بكين تنظر للدول الإفريقية باعتبارها حليفة وشريكة فى النظام العالمى المضطرب، وركّز شى على ضرورة بناء وتعزيز التحالفات مع الدول الإفريقية المُختلفة من أجل دعم جهود الصين فى «إصلاح مؤسسات الحوكمة العالمية». ومن خلال الترويج لفكرة الصداقة طويلة الأمد والماضى المشترك والنضال من أجل الحرية، وهى الأفكار التى تشكل جزءا رئيسيا من الخطاب الدبلوماسى الصينى، وتسعى بكين لبلورة الأسس لشرعية المستقبل المشترك بين الصين ودول القارة الإفريقية فى النظام الدولى الجديد. فقد ركزت الصين خلال منتدى «فوكاك» التاسع على نهج جديد فى التحديث، يستهدف الأبعاد الاقتصادية والأيديولوجية، بما يعنى حق الطرف الآخر فى متابعة نهجه الخاص فى التحديث، مُستفيدةً فى ذلك من الإحباط الإفريقى من النموذج الغربى.
سياسات مُحتملة
فعليًا لا تشكل إدارة ترامب انقطاعا حقيقيا عن مسار السياسة الأمريكية التقليدية تجاه القارة الإفريقية، سواء أكان من يشغل البيت الأبيض ديمقراطيا أم جمهوريا، فلطالما حظيت إفريقيا باهتمام هامشى على أجندة السياسة الخارجية الأمريكية. واستنادا لهذا الطرح، ومن منظور المنافسة المحتدمة مع الصين، يمكن أن تتشكل سياسة ترامب المحتملة إزاء القارة الإفريقية على النحو التالى:
١- تباين فى التزام واشنطن بالشراكات القائمة: أثارت بعض التقديرات تخوفات عدة بشأن احتمالية أن تتجه إدارة ترامب للتخلى عن بعض الشراكات التجارية الثنائية ومتعددة الأطراف فى القارة الإفريقية، بما فى ذلك مشروع ممر لوبيتو، الذى يمتد من الساحل الأطلسى لأنجولا مرورًا بجمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا وصولًا للمحيط الهندى شرقًا، حيث كانت إدارة الرئيس الأمريكى، جو بايدن، قد أعلنت عن هذا المشروع لتطوير ممر لوبيتو وخط سكة حديد زامبيا- لوبيتو، واعتبرته آنذاك أهم بنية تحتية للنقل طوّرتها واشنطن منذ سنوات، خاصةً أنه قد يشكل جزءًا من رؤية أشمل تسعى لربط المحيطين الهندى والأطلسى. بينما نظر البعض لهذا المشروع باعتباره محاولة للتنافس مع مُبادرة الحزام والطريق الصينية، والتى ساعدت على بناء العديد من الموانئ والطرق والسكك الحديدية فى مختلف أنحاء القارة الإفريقية.
فى المقابل، شكّكت تقديرات أخرى فى احتمالية أن تتراجع إدارة ترامب عن شراكاتها التجارية الثنائية ومتعددة الأطراف فى القارة الإفريقية؛ بل على العكس ربما تتجه هذه الإدارة نحو توسيع هذه الشراكات التجارية مع دول القارة الإفريقية، فى ظل محورية البعد الاقتصادى والتجارى لدى ترامب.
٢- صفقات مُحتملة مع القارة الإفريقية: يمكن أن تنطوى ولاية ترامب الثانية فى إفريقيا على بعض الصفقات التى يمكن عقدها مع دول القارة الإفريقية، وهو ما يتسق مع تصريحات المبعوث السابق لإدارة ترامب إلى منطقة البحيرات العظمى والساحل الإفريقى، جيه بيتر فام، الذى أشار إلى أن إدارة ترامب المقبلة ربما تبحث عن وضع مربح للجانبين، وهو ما قد يشمل تجديد قانون النمو والفرص فى إفريقيا (AGOA)، والذى يمنح بعض الدول الإفريقية المؤهلة حق الوصول إلى الأسواق الأمريكية مُعفاة من الرسوم الجمركية. ورغم أن هذا الأمر ربما يتعارض مع السياسات الجمركية المحتملة لترامب؛ فإن الأخير يمكن أن يستثنى القارة الإفريقية من التعريفات الجمركية المرتقبة، فى محاولة لتعزيز علاقات واشنطن بدولها.
٣- خفض التمويل فى العديد من أنحاء إفريقيا: تتجه إدارة الرئيس الأمريكى المنتخب، دونالد ترامب، إلى تخفيض التمويل الخارجى لها، بما فى ذلك العديد من البرامج الممولة من الولايات المتحدة فى القارة الإفريقية، وربما تدعم ذلك تصريحات نائب المدير السابق للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ماكس بريموراك، الذى انتقد مشروع ٢٠٢٥ فى بعض برامج الوكالة، حيث ينطوى هذا المشروع على مُخطط مكون من نحو ٩٠٠ صفحة، تم اقتراحها من قبل مؤسسة «هيريتيج» The Heritage Foundation، ذات الميول المحافظة؛ تستهدف إعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية، وتتوافق هذه الوثيقة بدرجة كبيرة مع رؤية ترامب.
وتجدر الإشارة إلى أن إدارة ترامب الأولى عمدت إلى خفض تمويل الشؤون الخارجية بنسبة وصلت أحيانا إلى ٣٠٪. وبينما أعلنت إدارة الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن، فى ديسمبر ٢٠٢٣، أنها استثمرت نحو ٢٢ مليار دولار فى القارة الإفريقية، متعهدة بمزيد من الاستثمارات هناك، لكن تتزايد الشكوك بشأن مدى التزام إدارة ترامب المقبلة بالمشروعات الأمريكية الرئيسة فى إفريقيا والمتعلقة بمجالات الصحة والأمن والتنمية.
٤- دور أمريكى قوى فى مُكافحة الإرهاب: استمرارًا للدور القوى الذى حافظت عليه إدارة ترامب الأولى فى جهود مكافحة الإرهاب فى إفريقيا، يتوقع أن تتوسع إدارته الثانية فى استهداف الجماعات الإرهابية فى منطقة الساحل والقرن الإفريقى، وزيادة فى الدعم العسكرى لمبادرات مكافحة الإرهاب فى القارة الإفريقية، مع تفضيل متوقع للدول الحليفة فى غرب إفريقيا، كغانا ونيجيريا وساحل العاج، وبعض دول منطقة القرن الإفريقى، ولاسيما كينيا، لكن لا يتوقع أن يكون هذا الالتزام العسكرى مصحوبا بإرسال مزيد من القوات الأمريكية على الأرض.
وفى الختام، يبدو أن الإدارة الجديدة لدونالد ترامب ستواجه احتكاكات بين ميولها الانعزالية، القائمة بالأساس على شعار «أمريكا أولاً»، ورغبتها القوية فى مواجهة النفوذ المتنامى للصين فى مختلف أنحاء العالم، بما فى ذلك الساحة الإفريقية التى تشكل أهمية استراتيجية يتوقع أن تجعلها ساحة رئيسة للتنافس الحاد بين واشنطن وبكين.