سقوط نظام بشار الأسد في سوريا شكل صدمة كبرى لمحور إيران، وعلى رأسه الحوثيون، الذين وجدوا أنفسهم أمام تحديات مصيرية حول مستقبلهم. ومع أن هذا الحدث كان فرصة لاستخلاص العبر، إلا أن تعاطيهم مع تداعياته كشف عن ارتباك وتناقض واضحين.
المخاوف الحوثية من تكرار السيناريو السوري في اليمن برزت في خطابهم الإعلامي. سعى الحوثيون للتمايز عن نظام الأسد عبر التأكيد على أنهم أكثر قوة وتحصيناً، وأن نظامهم ليس قمعياً أو بوليسياً، مع الإشادة بما وصفوه بـ”حكمة القيادة” لعبد الملك الحوثي. ولكن هذا الخطاب بدا متناقضاً، حيث سعت الجماعة إلى طمأنة أنصارها، بينما أظهرت مخاوف واضحة من التحركات الداخلية والخارجية التي قد تستهدفهم.
تزايدت هذه المخاوف مع تصاعد الحديث عن استعدادات الحكومة الشرعية بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا، مما يعزز احتمالية حدوث تصعيد عسكري مدعوم بديناميكيات دولية شبيهة بتلك التي أطاحت بنظام الأسد. الحوثيون يدركون أن مثل هذا التحرك، إذا تحقق، قد يغير موازين القوى في اليمن.
ورغم كل التغيرات، لم يظهر الحوثيون استعداداً للتخلي عن الأدوات القمعية التي أسقطت النظام السوري. تتكرر ذات السياسات من اعتقالات تعسفية وتعذيب وإخفاء قسري، مما يجعلهم في موقف صعب، يزيد من عزلتهم الداخلية والخارجية، ويضعهم في موقف ضعيف أمام تحركات الأطراف المناوئة.
اقرأ أيضا| تهديدات عبدالملك وفليته.. «الهنجمة نصف القتال»
الاعتماد المفرط على الدعم الإيراني يزيد من هشاشة الحوثيين. ومع تزايد الضغوط على إيران، يبدو موقف الحوثيين غامضاً، خاصة إذا تقلصت قدرة طهران على تقديم الدعم السياسي أو العسكري.
في ظل هذا الواقع، تبدو جهود الحوثيين لتجاوز التحديات محدودة التأثير، وغير قادرة على صياغة رؤية متماسكة للتعامل مع المتغيرات.
لايمكن إغفال حقيقة أن الظروف التي أسقطت نظام بشار الأسد لا تختلف كثيراً عن تلك التي يمكن أن تهدد أي نظام مشابه، بما في ذلك الحوثي. فالأنظمة القمعية تشبه بعضها، والوقائع أثبتت مراراً أن غياب الإصلاح والمرونة يؤدي حتماً إلى النهاية نفسها، مهما بدت الظروف في ظاهرها مختلفة
في المحصلة، يظهر أن الحوثيين لم يستفيدوا من سقوط نظام الأسد.
السؤال الحقيقي هو: هل يستمرون في اتباع نفس السياسات التي تقودهم نحو المصير نفسه؟
التحديات أمامهم تتصاعد، وهم يواجهون اختباراً حقيقياً حول قدرتهم على التكيف مع التحولات الجارية، أو مواجهة السقوط المدوي على غرار حليفهم السوري.