الخلافات تعصف بحكومة نتنياهو ومجلس حربه
"غانتس سيسافر دون طلب موافقة نتنياهو"، في الوقت الذي تشدد منظومة الاحتلال على ضرورة أن يحصل كل وزير على موافقة مسبقة من رئيس الوزراء، بما في ذلك الموافقة على خطة السفر بشكل مسبق
أثارت زيارة عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس إلى الولايات المتحدة تساؤلات بشأن حجم الخلاف الذي وصلت إليه العلاقات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالنظر لحديث تقارير إعلامية دولية عن أن غانتس لم يحصل على موافقة نتنياهو على تلك الرحلة، التي من المقرر أن تشمل كذلك المملكة المتحدة. ووفقاً لما نشر عبر الصحافة الإسرائيلية.
فإن “غانتس سيسافر دون طلب موافقة نتنياهو”، في الوقت الذي تشدد منظومة الاحتلال على ضرورة أن يحصل كل وزير على موافقة مسبقة من رئيس الوزراء، بما في ذلك الموافقة على خطة السفر بشكل مسبق، وهذا ما لا يفعله غانتس.
زيارة غانتس إلى واشطن تظهر بوضوح حجم الصدام مع نتنياهو، خصوصاً في ما يتعلق بضرورة التوصل إلى صفقة من شأنها الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين. وما من شك في أن الزيارة سيكون لها تداعيات على المسار السياسي لحكومة الاحتلال خلال الفترة المقبلة، ويعد زعيم المعارضة غانتس المنافس الرئيسي لنتنياهو على منصبه الحكومي الأبرز، في حين تتزامن زيارته في الوقت الذي أصبحت فيه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن محبطة بشكل متزايد من نتنياهو وحكومته.
وسبق أن حذر بايدن من فقدان حكومة اليمين المتشدد في إسرائيل الدعم الدولي إذا مضت بسياساتها الراهنة، وتأتي زيارة غانتس في خضم تقارير تشير إلى أن إدارة بايدن “باتت تفقد صبرها مع نتنياهو” بشأن إدارته للحرب في غزة ورفضها التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب، ومن المرجح أن ينسحب وزيري المجلس الحربي غانتس وغابي آيزنكوت من مجلس الحرب في حال المراوغة في مفاوضات صفقة الأسرى في غزة، حيث وضعا هذا الملف كأدنى شرط لاستمرار شراكتهما في حكومة نتنياهو.
ويبدو واضحاً أنَّ هناك تباينات في آراء أركان الائتلاف الحكومي، بالنسبة إلى موضوعات أخرى مثل الموقف من وقف إطلاق النار وكذلك المساعدات الإنسانية، ودور السلطة الفلسطينية في القطاع، والاستيطان في قطاع غزة، وعودة ما يسمى نازحي قرى غلاف القطاع إلى بيوتهم مجددًا.
وفي الوقت الذي يترأس فيه نتنياهو أوسع حكومة متطرفة، بدأ الصراع الداخلي يشتد ليشمل جميع محاور المؤسسات الإسرائيلية. وبالرغم من أنَّ الخلاف بين غانتس ونتنياهو “سياسي” في المقام الأول ولا يتعلق بإدارة الحرب، كون أن هناك إجماعاً شبه كامل في إسرائيل، وداخل الائتلاف الحكومي، في ما يتعلق باستراتيجية الحرب، إلا أنَّ الخلافات باتت تعصف بمجلس الحرب وعدم قدرته على مواصله أهدافه المعلنة.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه المظاهرات ضد حكومة الاحتلال، تبدو مهمة نتنياهو أكثر تعقيداً في ظل المشهد الحالي، كونه المستفيد الأول مما يجري، حيث تتصاعد المظاهرات وتتسع وتيرتها وباتت الأمور تتدحرج لتفقد حكومته المتطرفة سيطرتها على الأوضاع الداخلية، وسط رفض أغلب أحزاب المعارضة سياسات حكومته، لاستمراره بالكذب والخداع والمراوغة وعدم جديته في التعامل ضمن معطيات المجتمع الدولي واستحقاقات المرحلة.
وبينما باتت السياسة تعصف في حكومة نتنياهو، فإنَّ تداعيات العدوان الإسرائيلي تتواصل بشكل غير مسبوق في ظل صمت المجتمع الدولي وعدم قدرته على إيقاف هذه الحرب الظالمة والعدوان الدموي، ويجب العمل دولياً على أن يكون اليوم التالي بعد انتهاء العدوان على الضفة الغربية وقطاع غزة ضامناً خلق مسار سياسي شامل وعادل ينهي الاحتلال، ويضمن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 بما فيها عاصمتها القدس.