أكثر من 11 عاماً مرت على إعلان المصريين سقوط ونهاية جماعة الإخوان المسلمين فى مصر.. بعد أكثر من 80 عاماً منذ عام تأسيسها على يد حسن البنا.. استطاعت الجماعة خلال هذه السنوات كلها أن تكوّن شبكات عنقودية تضرب جذورها فى المجتمع المصرى فى غياب تام للدولة المصرية منذ إطلاق سراحهم من السجون على يد الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
سنوات تركت فيها الأنظمة السابقة الفرصة لطيور الظلام لتشكيل مجموعات والتكاثر والعمل تحت سطح الأرض وفوقها، ودخول مجلس الشعب والمحليات، والسيطرة على قطاعات كبيرة من الدولة جعلت جماعة الإخوان تعتقد بعد حراك 2011 أنها أقوى من الشعب والجيش والداخلية وباقى التيارات السياسية فى مصر، وهو ما انعكس على قول قياداتها آنذاك بأنهم سيستمرون فى حكم مصر على الأقل 800 عام بعد جلوس الرئيس الراحل محمد مرسى على كرسى الحكم.
ولكن الشعب المصرى قلب المعادلة وقرر أن ينهى فترة حكم الإخوان بعد مرور عام واحد فقط.. رأت فيه مصر ما لم تره منذ حكم الهكسوس.. مصر على مر تاريخها لم تعرف طريقاً أو معنى للحرب الأهلية.. حتى فى أشد لحظات الفتن التى عاشتها البلاد على مدار تاريخها.. لم يقتتل الشعب المصرى ولم ينقسم إلى نصفين.. ولكن جماعة الإخوان فى عام واحد استطاعت أن تحقق هذا الأمر، وتضع الشعب المصرى لأول مرة فى تاريخه موضع الحرب الأهلية وحمل السلاح فى مواجهة بعضنا البعض.. لا لشىء سوى أن الناس لم تعد مقتنعة بأن هذه الجماعة تصلح لحكم البلاد، أو أن رجلهم يصلح لحكم مصر.
اقرأ أيضا.. جهود «عبدالعاطي» في لبنان وحقيقة الموقف المصري!
وهنا يجب أن نتذكر المقولة الخالدة «يا نحكمكم يا نموّتكم»، وهى واحدة من المقولات الشهيرة التى كانت تخرج من اعتصامات رابعة وكوبرى الجامعة اللذين شهدا كل أنواع التهديد والإرهاب للشعب المصرى على قراره برفض استمرار الإخوان بالحكم وعقاب المؤسسة العسكرية بالاستهداف والتكفير، لانحيازها لخيار الشعب والوقوف مع رغبته فى التغيير وبداية فترة سياسية جديدة لمصر من تاريخها الحديث.
11 عاماً وأكثر مرت ولم تتغير عقلية الإخوان فى تعاملهم مع الشعب المصرى أو الدولة المصرية بشكل عام.. رفضوا الاستسلام لسياسة الأمر الواقع التى فرضتها الإرادة المصرية التى تعاملت مع فترة حكم الإخوان باعتبارها ماضياً لم يكن.. رؤوس الأموال تجمعت وفُتحت خزائن الجماعة ومن يمولها عن آخرها لتشكيل أكبر منظومة إعلامية ولجان إلكترونية عرفها التاريخ الحديث.. منظومة إعلامية وشبكات عنكبوتية من اللجان الإلكترونية هدفها الوحيد هو التشكيك فى الدولة المصرية والوقيعة بين مؤسسات الدولة والشعب لإحباط الشعب والوصول به لنقطة الغليان من أجل الانفجار، وهدم ما تم بناؤه خلال العشر سنوات الماضية.
تعددت دعوات الخروج والتظاهر ودائماً تكون المحصلة «صفر».. الشعب دفع غالياً ثمن غياب مؤسسات الدولة وهدمها والغياب الأمنى وسيطرة التيارات الدينية والترهيب والخوف وغياب المستقبل والأمل فى أى إنجاز حقيقى حتى ولو كان العودة إلى بيتك آمناً بعد انتهاء عملك أو عودة أولادك من مدارسهم وجامعاتهم آمنين.. المصريون قد يغضبون من الحكومة بسبب موجة ارتفاع أسعار أو وقوع حادث طريق عرضى، ولكنهم لن ولم يفكروا فى إسقاط الدولة المصرية أو تلبية الدعوات الخبيثة التى يعرفون جيداً أنها فخ كبير نصبته جماعة الإخوان أملاً فى أن نقع فيه، ليتحقق حلمها بالعودة من جديد.. وهو الحلم الذى وضعت له الجماعة خطة طويلة الأمد من أجل تحقيقه.. نتحدث عنها لاحقاً إن شاء الله.