في ظل الجهود العالمية لتعزيز مشاركة المرأة في السياسة وصنع القرار، يبرز تمثيل النساء في الحكومات الانتقالية وعمليات السلام كموضوع محوري في تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز الأمن والسلم الدوليين.
ويكشف الواقع عن فجوة كبيرة بين الالتزامات والإنجازات، حيث تظل النساء غالبًا على الهامش في هذه العمليات الحرجة، رغم الأدلة المتزايدة التي تثبت أن مشاركتهن تُسهم في تحقيق سلام أكثر استدامة.
في عام 2022، أفادت هيئة الأمم المتحدة للمرأة بأن النساء يشكلن فقط 23% من المندوبين في عمليات السلام التي تقودها أو تشارك فيها الأمم المتحدة، هذه النسبة، رغم تقدمها البطيء مقارنة بالسنوات الماضية، تعكس استمرار الهيمنة الذكورية على طاولات التفاوض.
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن تمثيل النساء في الحكومات الانتقالية لا يتجاوز 10% في المتوسط عالميًا، مع تباينات واضحة بين المناطق، حيث تحتل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واحدة من أدنى المراتب.
ولا يرتبط هذا التهميش بالقيود الهيكلية داخل الدول فقط، بل أيضًا بغياب الإرادة السياسية لتغيير الأطر التقليدية التي تهيمن على عمليات صنع القرار في اليمن، على سبيل المثال، ورغم الأدوار البارزة التي لعبتها النساء في المراحل الأولية من الثورة، فإنهن استُبعدن بشكل ملحوظ من الحكومات الانتقالية التي تلت ذلك.
وفقًا لتقرير الأمم المتحدة، لم تضم الحكومة اليمنية الأخيرة أي امرأة في مناصب وزارية، وهي المرة الأولى منذ 20 عامًا التي يحدث فيها هذا التراجع، والذي يُلقي الضوء على تحديات خاصة تواجه النساء في سياقات النزاعات المسلحة، حيث تُستخدم القيم التقليدية والسياسية لتبرير إقصائهن.
مشاركات محدودة
وفي دول أخرى مثل العراق وسوريا وليبيا، ورغم التقدم النسبي في تمثيل النساء في بعض لجان المصالحة والمفاوضات، فإن مشاركتهن لا تزال محدودة وغير متكافئة مع حجم التحديات التي تواجهها مجتمعاتهن ففي العراق، تشير الإحصائيات إلى أن النساء يشكلن أقل من 12% من مجموع أعضاء اللجان المعنية بإعادة الإعمار والمصالحة الوطنية، بينما في ليبيا، تراجعت نسبة تمثيل النساء في الحكومة الانتقالية الأخيرة إلى أقل من 15%، رغم الجهود التي بذلتها منظمات المجتمع المدني للمطالبة بزيادة الحصة النسائية.
اقرأ أيضا.. هل بدأت الدول الأوروبية بالضغط على أوكرانيا للتفاوض مع روسيا ؟
ولا يقتصر تأثير غياب النساء عن هذه العمليات على مستوى التمثيل فحسب، بل يمتد ليؤثر على نوعية المخرجات. فقد أظهرت الدراسات أن عمليات السلام التي تشمل النساء تكون أكثر شمولًا وقبولًا شعبيًا، حيث تركز النساء على قضايا تُهمل عادةً، مثل التعليم، والصحة، والعدالة الاجتماعية، تقرير صادر عن معهد أبحاث السلام في أوسلو (PRIO) عام 2021 أشار إلى أن الاتفاقيات التي تساهم النساء في صياغتها تزيد احتمالية استدامتها بنسبة 35% مقارنة بتلك التي يهيمن عليها الرجال.
وينظر إلى النساء باعتبارهن فاعلات ثانويات في الساحة السياسية، حتى عندما يتم إشراك النساء، فإنهن غالبًا ما يقتصر دورهن على مناصب رمزية أو ثانوية، بينما يُحتفظ بالمواقع الحاسمة لصنع القرار للرجال، على سبيل المثال، رغم تعيين نساء في مناصب قيادية رمزية في بعض الحكومات الانتقالية الإفريقية، مثل جنوب السودان، فإن تأثيرهن في المفاوضات الحاسمة يظل محدودًا بسبب الهيمنة الذكورية داخل هذه الحكومات.
وعلى الصعيد العالمي، ورغم الدعوات المتزايدة لتحقيق المساواة بين الجنسين، لا تزال النساء يواجهن تحديات بنيوية تعيق مشاركتهن الفعالة في أفغانستان، وبعد عقود من التقدم النسبي، شهدت البلاد انتكاسة حادة في ظل النظام الجديد الذي حرم النساء من حقهن في التعليم والعمل، ناهيك عن المشاركة السياسية، مثل هذه التطورات تكشف هشاشة المكاسب التي تحققت، وتُظهر أن التقدم الحقيقي يحتاج إلى دعم مؤسسي قوي ومستدام.
تحديات اجتماعية وثقافية
أحد الأسباب الرئيسية وراء التمثيل الضعيف للنساء هو غياب سياسات محددة تفرض حصصًا ملزمة (الكوتا)، في بعض الدول، مثل تونس، كان لإقرار الكوتا تأثير إيجابي في زيادة تمثيل النساء في الحكومة الانتقالية بعد الثورة، حيث وصلت نسبة تمثيل النساء في البرلمان إلى 31% في عام 2019 ولكن، وحتى في الحالات التي تم فيها اعتماد الكوتا، لا تزال النساء يواجهن تحديات اجتماعية وثقافية تقلل من فاعلية مشاركتهن.
ولا يمكن تجاهل دور المجتمع الدولي في هذه المسألة رغم الجهود المبذولة من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي لتعزيز دور النساء في عمليات السلام، إلا أن التأثير لا يزال محدودًا، ففي تقرير للأمين العام للأمم المتحدة في 2022، أشار إلى أن الدول الأعضاء لم تلتزم بالكامل بتوصيات الأمم المتحدة لزيادة تمثيل النساء في بعثات حفظ السلام، حيث لم تتجاوز نسبة النساء في الوحدات العسكرية للأمم المتحدة 5.9%، وفي وحدات الشرطة 14.4%، هذا الفشل يُبرز الحاجة إلى مزيد من الضغط الدولي على الحكومات لتغيير سياساتها.
وفي السياق العربي، ورغم الجهود الحثيثة من بعض المنظمات النسائية والمجتمع المدني، لا تزال هناك فجوة كبيرة بين الطموحات والواقع، فقد أظهرت دراسة حديثة لمنظمة “أوكسفام” أن النساء العربيات يعانين من تهميش مزدوج: الأول يتعلق بالهيمنة الذكورية على النظام السياسي، والثاني مرتبط بالصراعات والنزاعات التي تعرقل جهودهن لتحقيق التغيير.
ولا تقتصر التحديات التي تواجهها النساء على الحواجز السياسية والاجتماعية، بل تشمل أيضًا التهديدات الأمنية، فالنساء اللاتي يشاركن في عمليات السلام والمفاوضات غالبًا ما يتعرضن للتهديدات والعنف في ليبيا، على سبيل المثال، تم استهداف عدد من الناشطات النسويات بالاغتيالات والاعتقالات، ما أضعف من قدرتهم على التأثير والمشاركة الفعالة.
ويرى حقوقيون أنه لمواجهة هذه التحديات، تظهر الحاجة الملحة لتبني سياسات شاملة تعزز من مشاركة النساء في الحكومات الانتقالية وعمليات السلام، يجب أن تبدأ هذه السياسات بتوفير الحماية اللازمة للناشطات، وضمان وجود آليات دعم مؤسسي تسهم في تعزيز دورهن، بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك جهود منهجية لتمكين النساء اقتصاديًا وتعليميًا، حيث أظهرت الدراسات أن التمكين الاقتصادي يسهم بشكل كبير في تعزيز دور النساء في السياسة.
إقصاء النساء يعيق بناء السلام
وقالت خبيرة حقوق الإنسان، جليلة نعيلات، إن ضعف تمثيل النساء في العمل العام في المراحل الانتقالية وما بعد النزاع، يتسم بتبعات جسيمة تتجاوز حدود الفرد لتطال الأسرة والمجتمع بأسره، استبعاد النساء من المشاركة الفعّالة في صنع القرار يُعد انتهاكاً واضحاً لمبادئ المساواة وعدم التمييز، ويعكس تحدياً هيكلياً في فهم العلاقة بين العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، وفي هذا السياق، لا يمكن إغفال أن غياب النساء عن مراكز القرار يعمّق الفجوات الاجتماعية ويعطل الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار وبناء السلام.
وتابعت نعيلات، في تصريحات لـ”جسور بوست” في ظل النزاعات وما يليها من أزمات سياسية واجتماعية، تعاني النساء من تأثير مزدوج، فمن جهة يتعرضن للعنف والانتهاكات، ومن جهة أخرى يتم تهميشهن في الأدوار القيادية التي تُعد محورية في إعادة بناء المجتمعات، هذه الإقصاء ليس مجرد انعكاس للهيمنة الذكورية، بل هو أيضاً نتاج لثقافة سياسية تقليدية ترى النساء كمستفيدات فقط من عمليات السلام وليس كصانعات لها، والنتيجة الحتمية لهذا النهج هي تجاهل القضايا التي تؤثر بشكل خاص على النساء والأطفال في مراحل ما بعد النزاع، مثل إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، ودعم الأرامل، وتأمين حقوق الأمهات وأطفالهن الذين غالباً ما يكونون الأكثر تأثراً بالنزاعات.
وأشارت إلى أن تأثير هذا التهميش يتجلى في تعطيل دور المرأة كعنصر محوري في تحقيق التنمية الاجتماعية، فالنساء هن الرابط الأساسي داخل الأسرة، وهن القادرات على بناء جسور التواصل والتفاهم في البيئات المجتمعية المعقدة، ومع ذلك، فإن تقليص أدوارهن يقوض قدرتهن على إحداث تغيير إيجابي في بيئاتهن المحلية، ويؤثر بشكل مباشر على رفاه الأطفال، حيث يُحرمون من حقوق أساسية مثل التعليم، والرعاية الصحية، والدعم النفسي اللازم للتعامل مع الصدمات الناجمة عن النزاعات.
وقالت نعيلات، إن ضعف تمثيل النساء في العمليات الانتقالية يؤدي إلى غياب سياسات شاملة تتناول التحديات الفريدة التي تواجههن. فمثلاً، عندما يتم تجاهل احتياجات النساء الناجيات من النزاعات، تتفاقم مشكلات مثل العنف القائم على النوع الاجتماعي، والزواج القسري، والفقر المدقع، وهي مشكلات تنعكس على الأجيال القادمة، ما يخلق دوامة مستمرة من الحرمان وعدم المساواة، هذا الأمر يعكس فشل المجتمعات في الاستفادة من الخبرات الحياتية للنساء، التي يمكن أن تقدم حلولاً مبتكرة ومستدامة لمشاكل ما بعد النزاع.
وذكرت، تعزيز دور النساء في مراحل ما بعد النزاع ليس ترفاً أو امتيازاً؛ بل هو استثمار في مستقبل أكثر عدلاً واستدامة، تمثيل النساء في مراكز القرار يضمن أن تُصاغ السياسات بشكل يعكس الأولويات الحقيقية للمجتمعات المتضررة، كما يساهم في بناء سلام دائم قائم على الشمولية في هذا الإطار، تؤكد التجارب الدولية أن وجود النساء في مفاوضات السلام يزيد من احتمالية التوصل إلى اتفاقات طويلة الأمد بنسبة 35%. هذا يشير إلى أن الشمولية ليست مجرد مطلب حقوقي، بل أيضاً ضرورة عملية لتحقيق الاستقرار والتنمية.
واسترسلت، على الرغم من هذه الحقائق، تستمر الحكومات في الوطن العربي في تقديم تمثيل رمزي للنساء، غالباً لتهدئة الضغوط الدولية، دون أي نية حقيقية لتفعيل دورهن، هذا النهج يزيد من ترسيخ الصورة النمطية عن النساء ويُعزز من ثقافة الإقصاء، والأسوأ من ذلك، أنه يحرم الأجيال الصاعدة من رؤية نماذج نسائية قيادية تُلهمهن للمشاركة في بناء المستقبل.
وقالت نعيلات، إنه على المجتمعات أن تعي أن تهميش النساء في مراحل ما بعد النزاع ليس مجرد مسألة تتعلق بالعدالة الاجتماعية، بل هو أيضاً عائق أمام التعافي الشامل، تحتاج الدول العربية إلى تبني سياسات جريئة تُعزز من مشاركة النساء في العمل العام، بدءاً من مستويات المجتمع المحلي وصولاً إلى المناصب السياسية العليا، ويجب أن تكون هذه السياسات جزءاً من رؤية متكاملة تُعطي الأولوية لبناء هياكل اجتماعية عادلة وشاملة.
وأتمت، فإن معالجة ضعف تمثيل النساء في المراحل الانتقالية وما بعدها هي مسؤولية جماعية، إنها تتطلب جهوداً متضافرة من الحكومات، والمجتمع المدني، والمنظمات الدولية، لتحطيم الحواجز التي تُقصي نصف المجتمع من المساهمة في بناء مستقبل مستدام بدون تمكين النساء، ستظل جهود السلام والتنمية مبتورة، وسيستمر الأطفال والمجتمع ككل في دفع الثمن الأكبر.التزام حقوقي مهمل
وقال الخبير الحقوقي، حسين أبو خماس، إن الحديث عن نسبة تمثيل النساء في الحكومات الانتقالية وعمليات السلام يتجاوز كونه نقاشًا عن الأرقام ليصبح قضية جوهرية تمس العدالة والمساواة، وهما من المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، ورغم ما تظهره الإحصائيات من تقدم نسبي في تمثيل النساء، فإن هذا التقدم يبقى ضئيلًا وغير كافٍ لتحقيق المساواة بين الجنسين، هذا الواقع يعكس استمرار هيمنة البنى الاجتماعية والسياسية التي تستبعد النساء من مواقع صنع القرار، ما يقوض أسس العدالة الاجتماعية ويعيق الجهود الرامية إلى بناء سلام مستدام وشامل.
وتابع في تصريحات لـ”جسور بوست”، أن أحد المبادئ الجوهرية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو المادة الأولى التي تنص على أن “جميع الناس يولدون أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق” هذا النص يُلزم الدول بأن تعمل على إزالة كافة العوائق التي تعترض تحقيق المساواة، لا سيما تلك التي تُقصي النساء عن المشاركة السياسية، ومع ذلك، فإن ممارسات العديد من الدول تتعارض مع هذا المبدأ، حيث يتم تجاهل النساء أو منحهن أدوارًا هامشية لا تتناسب مع إمكاناتهن أو مساهماتهن المحتملة، هذا الإقصاء يمثل انتهاكًا صريحًا لمبدأ المشاركة السياسية، كما ورد في المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يؤكد حق كل فرد في المشاركة في إدارة الشؤون العامة بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأشار إلى أن التمييز بين الجنسين في عمليات السلام يثير قلقًا عميقًا ليس فقط لأنه يحرم النساء من حقوقهن، ولكن لأنه يعوق أيضًا تحقيق أهداف السلام والتنمية المستدامة، تشير الأدلة المتراكمة إلى أن وجود النساء على طاولات المفاوضات يساهم في تعزيز شمولية القرارات وزيادة احتمالية استدامة الاتفاقيات، ومع ذلك، فإن استمرار انخفاض نسبة تمثيلهن يعكس غياب الإرادة السياسية لتغيير الأنظمة القائمة، هذا الإهمال لا يتعارض فقط مع مبدأ المساواة المنصوص عليه في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، ولكنه يفضح أيضًا التناقض بين التزامات الدول المعلنة وسلوكها الفعلي.
وقال أبو خماس، إن عدم المساواة بين الجنسين في التمثيل السياسي لا يمكن تفسيره فقط على أنه نتيجة للتمييز المتعمد، بل يعكس أيضًا غياب السياسات والآليات التي تضمن مشاركة النساء، الكوتا النسائية، التي تمثل واحدة من الحلول المقترحة، أظهرت فاعليتها في بعض السياقات، لكنها في الوقت نفسه ليست كافية إذا لم يتم تعزيزها بإجراءات دعم مستدامة، على سبيل المثال، تمثل النساء غالبًا نسبة كبيرة من القوى العاملة المدنية، ولكن أدوارهن في مراكز صنع القرار تظل محدودة. هذا يعكس اختلالًا منهجيًا يتطلب مراجعة شاملة للسياسات العامة بحيث تكون قادرة على خلق بيئة تضمن المساواة الفعلية.
وأكد أن المساواة بين الجنسين ليست مسألة اختيارية أو من قبيل التفضل، بل هي التزام قانوني وأخلاقي يقع على عاتق الدول المبادئ الأساسية التي نصت عليها المواثيق الدولية، مثل مبدأ عدم التمييز الوارد في المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تُلزِم الحكومات باتخاذ إجراءات إيجابية لضمان تحقيق المساواة. في سياق عمليات السلام، يعني هذا أن على الدول ضمان إشراك النساء بشكل كامل وفاعل في كل مراحل العملية، بدءًا من التخطيط وحتى التنفيذ والمتابعة.
واسترسل الخبير الحقوقي، الوضع الحالي يُظهر أن الدول غالبًا ما تتعامل مع مشاركة النساء كأولوية ثانوية تُطرح فقط تحت ضغط المنظمات الدولية أو المجتمع المدني، هذا النمط من الاستجابة يعكس غياب الاعتراف الحقيقي بدور النساء وأهميته، كما أنه يُظهر أن الحديث عن المساواة بين الجنسين لا يزال في كثير من الأحيان خطابًا للاستهلاك الإعلامي، بدلاً من كونه التزامًا فعليًا يُترجم إلى سياسات وممارسات ملموسة.
وعن العوائق التي تواجه النساء، ذكر أنها ليست مقتصرة على التمثيل السياسي فقط، بل تشمل أيضًا التحديات الثقافية والاجتماعية التي تكرس التمييز في كثير من السياقات، تُستخدم العادات والتقاليد لتبرير إقصاء النساء أو تقليص أدوارهن، هذا الإقصاء يمثل انتهاكًا واضحًا لمبدأ الكرامة الإنسانية، الذي يجب أن يكون الأساس لأي مجتمع يسعى لتحقيق العدالة والمساواة، وعندما تُقصى النساء، فإن ذلك يعني أيضًا استبعاد نصف المجتمع من المساهمة في صنع مستقبل أفضل، ما يُضعف قدرة الدول على مواجهة التحديات المتزايدة.
وأتم، فإن تمثيل النساء في الحكومات الانتقالية وعمليات السلام ليس مجرد مطلب حقوقي أو خطوة نحو تحقيق المساواة، بل هو ضرورة استراتيجية لبناء مجتمعات أكثر شمولًا وعدلًا، إذا كانت الدول جادة في التزاماتها تجاه حقوق الإنسان، فإن عليها أن تتخذ خطوات جريئة لمعالجة التمييز الممنهج وتغيير الثقافة السياسية والاجتماعية التي تُقصي النساء وحدها، هذه الجهود ستُسهم في تحقيق العدالة الحقيقية، وضمان أن تكون عمليات السلام مبنية على أسس قوية ومستدامة.