كل ما تريد معرفته عن «شادو بان» وعلاقته بمواقع التواصل الاجتماعي
يعد الحظر الخفي أحد أهم وأقوى أساليب العقاب التي تستخدمها منصات التواصل الاجتماعي لتقويض وصول المحتوى الذي يخالف السياسات العامة للمنصة لمختلف المستخدمين حول العالم، ورغم أن هذا المحتوى لا يخالف السياسات.
تمتلك منصات التواصل الاجتماعي قوانين مجتمعية وضعت لمراقبة المحتوى وحذف ومعاقبة من يسيء استخدام المنصات لنشر محتوى ضار عبر حظر الحساب أو إيقافه تمامًا، فإن بعض أنواع المحتوى المشارك تقع في منطقة رمادية، إذ إنه لا يخالف القوانين والقواعد بشكل مباشر حتى يتم حظر صاحبه، ولكنه أيضًا لا يتماشى مع سياسات الشركة مهما كانت، لذا ظهرت الحاجة إلى مفهوم “شادو بان” (Shadow Ban)، وهو الحظر الخفي الذي لا يعيق المستخدم من الوصول إلى المنصة.
◄ تطوير الذكاء الاصطناعي
ورغم غياب الإحصائيات عن عدد المنشورات التي تتم مشاركتها عبر منصات التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة، فإن حجم المستخدمين الهائل يشير إلى وجود الملايين من المنشورات يوميًا، وبسبب صعوبة مراقبة ملايين المنشورات بشكل يدوي، بزغت الحاجة لتطوير الذكاء الاصطناعي والخوارزميات لفرز وتنقيح هذه المنشورات من أجل تعزيز ظهور المنشورات المناسبة وإخفاء المنشورات غير المناسبة أو السيئة من وجهة نظر المنصة. حسب «الجزيرة».
وفق صفحة “غوغل” لتتبع الصيحات عبر محرك البحث، فإن مفهوم “شادو بان” ظهر للمرة الأولى في نهاية عام 2016، وبدأ باكتساب شعبية عالمية بحلول أغسطس/آب 2017، وفي المنطقة العربية، بدأ المفهوم باكتساب شعبيته عام 2020.
◄ فكرة شادو بان
ورغم هذه الشعبية، فإن فكرة “شادو بان” تظل حتى اليوم أسطورة شعبية منتشرة بين مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها، ففي حين ترفض الشركات تأكيد وجودها، يؤكد خبراء التواصل الاجتماعي والتسويق الرقمي من أمثال نيل باتيل على وجودها وعلى وجود قواعد بعينها تجعل الحسابات تقع فيه.
ويعد الحظر الخفي أحد أهم وأقوى أساليب العقاب التي تستخدمها منصات التواصل الاجتماعي لتقويض وصول المحتوى الذي يخالف السياسات العامة للمنصة لمختلف المستخدمين حول العالم، ورغم أن هذا المحتوى لا يخالف السياسات بشكل كاف ليتم حظر الحساب بشكل كامل، فإن المنصات ترغب في منع انتشار بعض المنشورات بعينها بشكل خفي.
◄ خوارزميات المنصة
بالطبع ترجع الشركات هذا الأمر إلى مخالفة معايير المجتمع والنصائح العامة التي تقدمها لكل منصة على حدة حول آليات التعامل مع خوارزميات المنصة وجعلها تنشر المحتوى وتروج له، ويعد مفهوم “شادو بان” موجودًا في جميع منصات التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها، سواءً كانت “فيسبوك” أو “إكس” أو “تيك توك” أو إنستغرام” أو “يوتيوب” وحتى محرك بحث “غوغل”.
ويختلف الحظر الخفي عن الحظر الكامل في أن المستخدم يستطيع الوصول إلى المنصة بشكل كامل واستخدامها بشكل كامل وحتى مشاركة بعض المنشورات عبرها، ولكن في النهاية، فإن هذه المنشورات لا تصل إلى جميع المستخدمين ولا تحصل على فرصة عادلة أمام الخوارزميات، أي أن هذه المنشورات لا يتم نشرها عبر الخوارزمية، وربما لن تظهر حتى للأصدقاء المقربين والمشتركين مع المستخدم الرئيسي، وذلك وفق ما يراه خبير التسويق الرقمي نيل باتيل في تدوينة عبر موقعه الرسمي.
◄ الأهداف التجارية
من أجل فهم دوافع منصات التواصل الاجتماعي المختلفة لاستخدام هذا الأسلوب، يجب النظر إلى الأهداف التجارية لهذه المنصات، فرغم أن استخدام معظم مزايا منصات التواصل الاجتماعي يعد مجانيًا، فإن هذه المنصات تعتمد على الإعلانات الممولة وحملات الترويج المدفوع لتحقيق الأرباح.
لذا يجب على إدارة هذه المنصات الموازنة بين جانبين متضادين، الأول، وهو المستخدمون الذين تظهر لهم الإعلانات، إذ يجب إرضاؤهم وعرض المحتوى الذي يجذبهم ويحافظ عليهم داخل المنصة، فضلًا عن الحفاظ على رغبات المعلنين ومنع أي محتوى قد يرونه ضارا بهم ومخالفا لمعاييرهم الخاصة.
◄ هجرة المستخدمين
وإذا قامت المنصات بحظر أي حساب يتعارض مع المعلنين، فإن هذا يؤدي إلى نفور عام من المنصة وهجرة للمستخدمين إلى أي مكان آخر يقدم حرية رأي أو يلبي احتياجاتهم، مما يضر في النهاية بمصالح المعلنين والمنصات، وإذا تركت المنصات هذا المحتوى المخالف للمعلنين ينتشر بشكل كبير، فإن المعلنين يبتعدون عنها ويتجهون إلى منصات أخرى، مما يضر بأعمال المنصة.
اقرأ أيضا| جوجل تعزز خدماتها للذكاء الاصطناعي بميزة جديدة
“ميتا” متهمة بمنع وصول المحتوى المتضامن مع القضية الفلسطينية لا سيما بعد حرب غزة (الفرنسية)
ويمكن القول بأن الـ”شادو بان” يقدم حلًا مرضيًا لجميع الأطراف، بين أن تمنع المنصات انتشار المحتوى المخالف غير المرضي للمعلنين دون أن تثير غضب المستخدمين بشكل مباشر، إذ تستطيع دومًا إدارة المنصة إنكار وجود “شادو بان” أو حظر جزئي لأي حساب وإرجاء الأمر إلى كون الخوارزمية وجدت المحتوى غير جدير بالنشر ومخالفا لها.
◄ آلية القمع
وربما كان ما حدث من “ميتا” مع المحتوى المتضامن مع القضية الفلسطينية منذ بدء حرب غزة في العام الماضي مثالًا حيًا على ذلك، إذ كانت المنصة تقوض وصول المنشورات التي تتضامن مع الفلسطينيين منذ اليوم الأول للحرب، وذلك وفق ما نشره موقع “ذا كونفرزيشون” (The Conversion) الغربي حول هذا الأمر، فضلًا عن ملاحظة العديد من المستخدمين للحظر الخفي عند نشره نصوصًا وصورًا تتضامن مع القضية.
ويمكن اعتبار “شادو بان” آلية القمع التي تستخدمها المنصات بشكل خفي دون أن يشعر بها أي طرف غير المستخدم الرئيسي الذي شارك المحتوى المخالف لما تراه الشركة.
رسميًا، لا توجد طريقة واضحة لاكتشاف وضع “شادو بان”، وذلك لأن المنصات لا تعترف بوجوده من الأساس، ولكن يمكن استنتاج ما يحدث عند مراقبة التحليلات المكثفة للمنشورات المختلفة، فإذا لاحظ المستخدم أن بعض منشوراته لا تصل إلى المستخدمين كما كانت، أو أن معدل التفاعل ووصول المنشورات انخفض رغم الحفاظ على جودة المنشور ومحتواه، فإن هذا يؤكد وجود “شادو بان”.
وتنطبق هذه الطريقة على جميع منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، سواءً كانت لمشاركة مقاطع الفيديو أو مشاركة الصور أو النصوص، وتجدر الإشارة إلى أن بعض المستخدمين طوروا أدوات لاكتشاف هذا الحظر الخفي، ولكنها لا تفلح مع جميع الشركات ولا يمكن الاعتماد عليها بشكل كامل.
◄ خدمة المنصات
رسميًا لا توجد طريقة واحدة أو ثابتة للتغلب على هذا النوع من الحظر، إذ لا يمكن التواصل مع ممثلي خدمة المنصات وتقديم شكوى بوجود حظر خفي، لأنه في النهاية ليس أمرًا تعترف به المنصة من الأساس.
ولكن بشكل عام، يمكن تفادي هذه الآليات عبر التغلب على آليات الاكتشاف لدى الخوارزميات، وذلك عبر كتابة النصوص العربية دون نقاط كمثال، أو تشويه الكلمة بحيث يمكن التعرف عليها من قبل المستخدمين البشر ولكن يصعب على الآلة التعرف عليها.
ورغم أن “شادو بان” لا يكون نشطا دائمًا، فإن بعض المنصات تجعله دائمًا على الحسابات التي تكرر مشاركتها لمحتوى مخالف للسياسات أو ترغب المنصة في إخفائه، وفي هذه الحالة، ينصح بترك الحساب الأصلي وبناء حساب جديد تمامًا من أجل ضمان الوصول بشكل مناسب.