ملفات فلسطينية

بعد عودة ترامب.. ما مصير صفقة القرن

في هذه المعادلة ينبغي ألا يوجد مكان للمجاملات. بمعنى عاد ترامب ولم تعد معه الآمال، فالفترة الترامبية الحالية في ما يخص حلحلة القضية الفلسطينية لا تحمل في طياتها ما هو جديد على صعيد إنصاف الشعب الفلسطيني ونيل حقوقه كاملة.

في مطلع 2020 أعلنت إدارة دونالد ترامب تفاصيل الشق السياسي المتعلقة بحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وسبق ذلك إعلانها عن الخطة الاقتصادية التي أطلق عليها “السلام من أجل الازدهار”. أما تفاصيل الدولة التي أعلن عنها ترامب، فهي دولة على 58 في المئة من أراضي الضفة الغربية المحتلة، علاوة على قطاع غزة، من دون سيادة، ومن دون حدود أو جيش أو سيطرة على المعابر البرية وعلى المجالين الجوي والبحري، ومن دون القدس ومن دون حل مشكلة اللاجئين.

وقصارى القول في هذا الشأن إن هذه الصفقة التي أطلق عليها ترامب – نتنياهو “صفقة القرن” ترمي إلى تحويل قضية فلسطين من قضية تحرر وطني إلى مشكلة إنسانية، وتتم معالجة مأساة اللاجئين بالاندماج الإقليمي في النطاق العربي.

لا بد من التذكير، أن هناك التقاء فكريا كبيرا بين ما طرحه ترامب ووافق عليه بنيامين نتنياهو وبين موشيه ديان، الذي عرض خطته لحل القضية الفلسطينية بطريقة اعتبرت إجحافًا بحق الشعب الفلسطيني. إن غزة لن تكون مصرية مجددًا، والجولان لن يكون سوريًا، والقدس لن تكون عربية، ولن تقوم دولة فلسطينية، ولن ننسحب من المستعمرات، وكل ما نتطلع إليه هو استيطان غير محدود، وحكم ذاتي محدود.

هذه التصورات التي يخرج علينا بها كبار قادة الاحتلال ما هي إلا فكرة واحدة تتمحور حول حكم ذاتي محدود دون سيادة كاملة على أراضي عام 1967، وهذا يعني أن أي حل أو مقترح أميركي ما هو إلا فكرة ولدت من الرحم الإسرائيلي.

وفي هذه المعادلة ينبغي ألا يوجد مكان للمجاملات. بمعنى عاد ترامب ولم تعد معه الآمال، فالفترة الترامبية الحالية في ما يخص حلحلة القضية الفلسطينية لا تحمل في طياتها ما هو جديد على صعيد إنصاف الشعب الفلسطيني ونيل حقوقه كاملة. وهذا ما صرح به ديفيد فريدمان، السفير الأميركي السابق في إسرائيل، حيث قال “إن ترامب وصل إلى قناعة بأن فلسطين لا تحتمل دولتين.” هنا نستطيع القول إن الحالة الفلسطينية في السنوات الأربع القادمة ستبدو أسوأ من الفترة التي شهدناها في ظل حكم الديمقراطيين.

وفي جذر ذلك ما تقدم ذكره، وما صرح به ترامب بنشر السلام في الشرق الأوسط. فهو حسب مثل ما معروف عنه يقول كثيرًا، ويبدل ما قاله بسرعة. التوصيف الذي أجمع عليه أغلبية المراقبين بأنه بلا أيديولوجيا، فالسلام الذي تكلم عنه ترامب لا يتجاوز حلولًا اقتصادية للشعب الفلسطيني، وإنهاء الحرب في غزة ولبنان حسب الشروط الإسرائيلية.

لا تختلف نظرة ترامب عن جو بايدن تجاه حماس وحزب الله والداعم الحصري لهم إيران. هنالك مخططات للإدارة الأميركية القادمة وهو فرض المزيد من العقوبات على إيران، وحتما زيادة تدفق المساعدات العسكرية لإسرائيل. فتوجه ترامب هو القضاء على حماس بشكل كلي.

اقرأ أيضا| ما المتوقع من ترامب في أوكرانيا وفلسطين ؟

السؤال المهم: هل يستطيع ترامب إجبار الفلسطينيين على القبول بصفقة القرن بشكلها القديم أم يجري تعديلات عليها بعد الحرب على غزة؟ المختلف هذه المرة هو أن الفترة الحالية لحكم ترامب مغايرة عن الفترة السابقة، أي الفترة التي كان ترامب فيها رئيسًا للولايات المتحدة. هنا دخل عامل آخر وهو قد يكون دافعًا رئيسيًا لترامب ليجري تعديلات على الصفقة التي أعدها في فترة حكمه السابقة. بمعنى آخر، صفقة دون كامل قطاع غزة ودون الجنوب اللبناني حتى الليطاني.

وأهم ما يرعب في الفترة الجديدة لحكم ترامب وما يخشاه الجميع هو إقدام الرئيس الأميركي المنتخب على ضم الضفة الغربية. هنالك توافق بين نتنياهو وترامب، حسب ما يُسرب من أخبار، وهو ضم الضفة الغربية. وإذا حدث ذلك فإن ملامح صفقة القرن تغيرت بشكل كلي.

المختصر صفقة بلون وطعم آخر، اعتراف أميركي لإسرائيل على أجزاء من غزة، وهي المناطق الشمالية للقطاع، ووسط قطاع غزة، ومحور فيلادلفيا، فضلا عن سيطرة إسرائيل على الجنوب اللبناني. هذا ما يسعى إليه نتنياهو ويريد أن يتحقق في فترة حكم ترامب.

وفي أساس نسيج المفارقات داخل الحزب الجمهوري نفسه، على سبيل المثال لا الحصر، جورج دبليو بوش أول رئيس أميركي يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية، جنبًا إلى جنب مع “إسرائيل” في سلام وأمن. وقدمت السعودية خطة سلام تدعمها جامعة الدول العربية تدعو إلى انسحاب “إسرائيلي” من الأراضي التي احتلتها في 1967، وقبول “إسرائيل” لدولة فلسطينية مقابل تطبيع العلاقات مع الدول العربية.

الكل يعلم بأن هذه الخطة قتلتها إسرائيل في مهدها، رغم أنها أميركية وتبنتها الرباعية الدولية. وهذا يدلل على الفجوة في الطرح بين بوش وترامب. الأخير ابتعد كثيرًا عن منطق بوش لحل القضية، وعلى هذا النحو يُفهم بأن الحلول لا يتبناها الحزب الديمقراطي أو الجمهوري، وإنما تبقى مبادرات شخصية من هذا الرئيس وذاك، ولهذا السبب تموت في مهدها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى