التغطية على ضعف النظام الإيراني
يحاول النظام الإيراني الإيحاء أن التحولات المختلفة في المنطقة والعالم لا تؤثر على قوته ومناعته
هناك مسعى محموم وملفت للنظر من جانب النظام الإيراني من أجل إبراز قوته وإظهار نفسه وكأن كل تلك الضربات المميتة التي تعرض لها أهم وكلائه في المنطقة لم تؤثر عليه. حتى إن لوبيات النظام الإيراني في الغرب تقوم بالمهام الموكلة إليها في الاتجاه ذاته، والذي يمكن استخلاصه وفهمه من هذا المسعى، إذ إنه يجري من أجل التخفيف من وطأة التداعيات السلبية للهزائم السياسية والعسكرية التي واجهها النظام ووكلاؤه في المنطقة، وكذلك بهدف حرف الأنظار عن العقوبات الجديدة المفروضة على النظام والدعوات المتزايدة لإدراج جهاز الحرس الثوري في قائمة المنظمات الإرهابية.
هذا المسعى الذي يحاول النظام الإيراني تأكيده بصورة أو بأخرى من أجل خلق حالة نفسية توحي بأن النظام ما زال يمسك بزمام المبادرة، وأن في جعبته أكثر مما يمكن توقعه، يتزامن أيضاً مع نشاطات الشبكات الداخلية التابعة لمنظمة مجاهدي خلق في مدن إيرانية مختلفة، حيث يتم الحرص فيها على ضرب مواقع تابعة للنظام، ولا سيَّما مقرات الحرس والباسيج ومراكز أخرى تعمل في خدمة النظام. الملفت للنظر أن هذه النشاطات تتوسع دائرتها يوماً بعد يوم لتشمل مناطق ومدناً أخرى، بالإضافة إلى التحركات الاحتجاجية في مجالات وقطاعات مختلفة ضد الأوضاع السلبية السائدة في البلاد.
اقرأ أيضا.. إيران ــ ترمب… لماذا الآن؟
يدرك النظام الإيراني جيداً أن حالة الكآبة والوجوم المصحوبة بتزايد مشاعر السخط والغضب الشعبي ضد النظام في سائر أرجاء إيران مؤشر لا يبشر بالخير للنظام، في وقت يزداد فيه أيضاً تركيز أوساط سياسية وإعلامية دولية على دور ونشاط منظمة مجاهدي خلق، والإشادة بها، والدعوة إلى اعتبارها بديلاً للنظام. خصوصاً أنَّ هذه الأوساط تسلط الأضواء كثيراً على برنامج العشرة نقاط لمريم رجوي، الذي يؤسس لإيران ديمقراطية حضارية مؤمنة بحقوق الإنسان والتعايش السلمي، وجعل إيران غير نووية، وغيرها من الأمور التي يعاديها هذا النظام كما عاداها نظام الشاه سابقاً، ويرفضها رفضاً قاطعاً. لهذه الأسباب، يخشى النظام كثيراً من اشتعال نار الغضب الشعبي واندلاع انتفاضة ستكون حتماً أقوى من تلك التي شهدها في 16 أيلول (سبتمبر) 2022، ويجد نفسه مضطراً لإبراز عضلاته المرتخية وقواه الواهية، والتأكيد عبثاً ومن دون طائل أنها أقوى بكثير من السابق.
الحقيقة المرة جداً، والتي يصعب على النظام كثيراً تجرعها والاعتراف بها كأمر واقع، هي أن يومه هذا لا يشبه أمسه أبداً، إذ إنه ومع مرور الزمن، تسوء أوضاعه يوماً بعد يوم. والأكثر مرارة وسوءاً من ذلك، أنه ليس هناك من بارقة أمل في المستقبل المنظور، خصوصاً بعد أن لم يعد هناك ما يمكن أن يغطي أو يستر دوره المشبوه في المنطقة والعالم، وأنه كان ولا يزال عاملاً رئيسياً في زعزعة الأمن والسلام في المنطقة والعالم. أما الأكثر مرارة وألماً من كل ذلك، فهو أن مسعى النظام لإبراز قوته والتأثير على المنطقة والعالم، أشبه ما يكون بحجب شعاع الشمس بغربال!