مجزرة “الطحين” في غزة تطحن الإنسانية
أودت المجزرة بأكثر من 112 شهيداً وخلفت نحو 800 مصاب خلال عملية تسليم مساعدات إغاثية في شمال غزة، وقد جرت في ظروف مروعة في الوقت الذي تم فيه استبعاد طواقم الأمم المتحدة والتي لم تكن حاضرة خلال توزيع هذه المساعدات
وحشية وبشعة المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين العزل في شارع الرشيد بمدينة غزة، أثناء انتظارهم الشاحنات المحملة بالمساعدات الإغاثية، ما أدى إلى استشهاد وإصابة المئات منهم أطفالاً ونساءً وشيوخاً، وتأتي في ظل استمرار الصمت الدولي المخزي على جرائم الاحتلال وعدم ردعه ومحاسبته على ما يرتكبه بحق المدنيين الفلسطينيين من الأطفال والنساء والشيوخ.
أودت المجزرة بأكثر من 112 شهيداً وخلفت نحو 800 مصاب خلال عملية تسليم مساعدات إغاثية في شمال غزة، وقد جرت في ظروف مروعة في الوقت الذي تم فيه استبعاد طواقم الأمم المتحدة والتي لم تكن حاضرة خلال توزيع هذه المساعدات.
ممارسات الاحتلال ومجازره المروعة تتصاعد، ومثلها الخسائر البشرية المأساوية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي الذي خلف حتى الآن أكثر من 30 ألف شهيد و70 ألف جريح، ومن المؤسف أن عدداً غير معروف من الأشخاص ما زالوا تحت الأنقاض وأن المدنيين اليائسين في غزة بحاجة إلى مساعدة عاجلة، بما يشمل المحاصرون في الشمال، حيث لم تتمكن الأمم المتحدة من تقديم المساعدات لأكثر من أسبوع، ما يؤكد على وجوب الوقف الفوري لإطلاق النار.
إنَّ تلك الجريمة المشينة واللا أخلاقية تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ولا يمكن استمرار الصمت الدولي من قبل مجلس الأمن وتخليه عن تحمل مسؤولياته ومنها الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
يجب على البرلمانات الدولية والإقليمية والأوروبية الضغط على حكوماتها للتحرك في المحافل الدولية كافة للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع الجرائم، ومحاسبة الاحتلال ومثوله أمام الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي يمارسه بحق الشعب الفلسطيني.
ونستغرب فشل مجلس الأمن الدولي في إقرار بيان رئاسي يعبر فيه عن “قلقه العميق” إزاء المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في شارع الرشيد بمدينة غزة، بحق المواطنين الذين كانوا ينتظرون وصول شاحنات المساعدات، ما أدى إلى استشهاد وإصابة المئات. وكان المجلس قد عقد جلسة مغلقة، بناء على طلب الجزائر، بخصوص التطورات الأخيرة في قطاع غزة، عقب مجزرة “الطحين”.
وطرحت الجزائر على طاولة المجلس مشروع بيان رئاسي يعبر فيه أعضاء مجلس الأمن الـ15 عن “قلقهم العميق” إزاء المجزرة، ويحمل المسؤولية لقوات الاحتلال الإسرائيلي التي أطلقت النار صوب الآلاف من المدنيين العزل الذين كانون ينتظرون وصول شاحنات المساعدات، ولكن النص لم يمر لأن إقرار البيانات الرئاسية لا يتم إلا بالإجماع، حيث أيد النص 14 عضواً وعارضته الولايات المتحدة الأميركية، التي صوتت ضده في خطوة تعبر عن دعمها لمجازر الاحتلال المروعة وحمايتها لمجرمي الحرب.
هذه المجزرة الوحشية دليل على أنه ما دام مجلس الأمن مشلولاً ويتم فرض الفيتو، فإنَّ الفلسطينيين يدفعون حياتهم ثمناً، وكانت الولايات المتحدة قد استخدمت حق النقض (الفيتو) الأسبوع الماضي للمرة الثالثة لعرقلة مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة.
الموقف الدولي لا يمكن أن يبقى رهينة للفيتو الأميركي، وعلى مجلس الأمن أن يتخذ موقفاً عاجلاً بضرورة وقف الحرب ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني إذا كانت لدى الدول الأعضاء فيه الشجاعة والتصميم لمنع تكرار هذه المجازر ووقف حرب الإبادة الجماعية.