المجتمع الدولي وفلسطين!!
بدون شك إن هذا التصعيد، الأكثر عنفاً وقتلاً وتشريداً في حلقات الصراع الإسرائيلي -العربي، والذي أصبح فلسطينيا بكل أسف، ومنذ أكثر من خمسين عامًا، يتطلب نهجاً جديداً من جميع الأطراف ومن المجتمع الدولي؛ إذ ينبغي أن تكون حماية المدنيين بأراضي دولة فلسطين المحتلة هي أولوية جميع الأطراف الدولية.
لا شك أن مجريات الأحداث منذ احتلال فسطين عام 1947 وثم عام 1967 الى الانتفاضات والاجتياحات والنكبات والنكسات وصولاً الى 7 أكتوبر ولبنان وسوريا واليمن العراق وما بينهم ومحيطهم الى يومنا هذا، والمجتمع الدولي بمؤسساته يصدر القرارات، سواء من المؤسسات الدولية المختلفة الى هيئة الأمم المتحدة، وصولاً الى مجلس الأمن الدولي وهي بالمئات، ولكن هل طبق منها قرار واحد؟
بكل تأكيد لا، ولن يطبق منها قرار واحد متعلق بفلسطين، لأن طبيعة تكوين هذه المؤسسات الدولية وتشكيلاتها هي مفصلة بالكامل لمصالح محددة ولدول أيضا محددة وهذه الدول المحددة الكبرى التي ما زالت أسيرة عقلية استعمارية بائدة، تشرع كما تريد، وتصدر القرارات أيضاً كما تريد، وتجير كافة المؤسسات الدولية لإرادتها التي هي بكل الأحوال لمصالحها.
وقد يقول البعض أن فلسطين حصلت على قرارات مهمة، وهذا صحيح، لكنها لم تمس الجوهر للقضية الفلسطينية المتعلق بالاستقلال والدولة والحماية وكف الأذى عن الشعب الفلسطيني بشكل عام. فمنذ مطلع هذا القرن، تتصاعد أعمال العنف والإرهاب ومحاولات الشطب والتذويب والاقتلاع بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، مما أسفر عن مقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين، فضلاً عن التوسع في بناء المستوطنات والبؤر الاستيطانية الإسرائيلية والتي أصبحت منظمة ومخططا لها وليست عشوائية، وصولاً الى الحرب والعدوان الدمويّ والذي يصنف على أقل تقدير بأنه حرب إبادة جماعية وارتكاب للمجازر والمذابح والتشريد والاجبار على النزوح والهجمات المتواترة من المستوطنين الإسرائيليين على المدنيين الفلسطينيين.
اقرأ أيضا| حظر الأونروا في فلسطين.. تشريع فاشي بتداعيات كارثية
إلى جانب التهديدات المتكررة من القيادات العسكرية الإسرائيلية وحكومات الاحتلال المتعاقبة وآخرها حكومة نتنياهو الأكثر تطرفاً بضم مزيد من الأراضي الفلسطينية وطرد الفلسطينيين من القدس، بالإضافة إلى توتر الأوضاع في الضفة الغربية؛ إذ لا يملك الفلسطينيون سبيلاً لإعمال حقوقهم المنصوص عليها في القانون الدولي، بما في ذلك حقهم في تقرير المصير. فعلى مدى عقود، واصلت إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال انتهاك القانون الدولي وسط إفلات تام من العقاب، وتجاهل وعصف مستمر بقرارات الأمم المتحدة، بمساعدة الحكومات الغربية.
وحسبما أشارت الأمم المتحدة في العديد من تقاريرها؛ فإن إسرائيل تنتهج سياسة شاملة للهندسة الديموغرافية ومنح الأراضي والموارد لمواطنيها من “اليهود” فقط، بعد انتزاعها ممتلكات وأراضي الفلسطينيين، وحرمانهم، بمن فيهم اللاجئين، من حقوقهم الأساسية غير القابلة للتصرف، مخالفة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، في ممارسات تصل حد جريمة الفصل العنصري.
في المقابل ما هو المطلوب ..؟
بدون شك إن هذا التصعيد، الأكثر عنفاً وقتلاً وتشريداً في حلقات الصراع الإسرائيلي -العربي، والذي أصبح فلسطينيا بكل أسف، ومنذ أكثر من خمسين عامًا، يتطلب نهجاً جديداً من جميع الأطراف ومن المجتمع الدولي؛ إذ ينبغي أن تكون حماية المدنيين بأراضي دولة فلسطين المحتلة هي أولوية جميع الأطراف الدولية، في الوقت الحالي الملحّ وفي المستقبل، وحتى حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الوطنية المشروعة والتي أقرتها القرارات والمواثيق الدولية.
إن المجتمع الدولي كاملاً يتحمل مسؤولية حماية المدنيين في قطاع غزة والضفة والقدس الشرقية، ويتحمل مسؤولية الجرائم التي ارتكبت وترتكب ضدهم ولا ينبغي أن يسمح له بالتهرب من هذه المسؤولية، بل يفترض تفعيلها وتطويرها، وأقصد هنا الحماية الدولية وأيضا محاسبة صناع القرار على كل القرارات التي ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في زيادة معاناة المدنيين الفلسطينيين، وهو أمر لن يحدث من تلقاء نفسه، ولا يمكن التعويل فيه على السياسيين فقط، بل يمكن للمنظمات الإنسانية والقانونية وناشطي حقوق الإنسان حول العالم، أن يقدموا تقاريرهم ومراجعاتهم ورؤيتهم لما حدث من انتهاكات وجرائم وأهوال تم ارتكابها بحق الشعب الفلسطيني عبر أكثر من 76 عاماً.