لماذا استخدمت إسرائيل أجواء العراق لضرب إيران؟
الطائرات الإسرائيلية “هاجمت عدة مواقع عسكرية ورادارات إيرانية انطلاقا من المجال الجوي العراقي وعلى بعد حوالي 70 ميلا من الحدود الإيرانية” معتبرة ذلك تواطؤا أمريكيا “لا شك فيه” لأن “المجال الجوي العراقي يخضع لسيطرة وإشراف الجيش الأمريكي.
بعد الساعة الثانية من فجر يوم السبت الماضي بقليل شنّت إسرائيل على إيران هجمات استمرّت قرابة أربع ساعات. تحدّثت مصادر تل أبيب عن قيام 100 طائرة حربية بهجمات بالصواريخ على 20 موقعا.
حسب بعثة إيران الدائمة لدى الأمم المتحدة فإن الطائرات الإسرائيلية “هاجمت عدة مواقع عسكرية ورادارات إيرانية انطلاقا من المجال الجوي العراقي وعلى بعد حوالي 70 ميلا من الحدود الإيرانية” معتبرة ذلك تواطؤا أمريكيا “لا شك فيه” لأن “المجال الجوي العراقي يخضع لسيطرة وإشراف الجيش الأمريكي”.
تجاهلت الولايات المتحدة وإسرائيل هذه المزاعم، وجاء التأكيد في العراق من مصادر غير حكومية، فحث رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر، حكومته على “الرد بسرعة بإجراءات دبلوماسية وسياسية” ضد إسرائيل، وحمّل هادي العامري، أحد قادة “الحشد الشعبي” الأمريكيين المسؤولية.
إضافة إلى ذلك فإن “اللجنة التنسيقية العليا” الأمريكية – العراقية اجتمعت أمس الأحد برئاسة نائب رئيس الحكومة وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين “لاستعراض المنجزات” ومناقشة “أوراق العمل المستقبلية” التي تشمل “التعاون في المجالات السياسية والدبلوماسية، والأمن والدفاع، والطاقة، والاقتصاد، والتعليم، والصحة، والبيئة”.
اقرأ أيضا| استراتيجية نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى
تحتاج الوقائع الآنفة إلى قراءة ما وراء السطور، وأولها أن إسرائيل، وعلى عكس الضربة السابقة التي وجهتها لإيران، تجنبت استخدام المجالات الجوية العربية للأردن والسعودية وللدول العربية الأخرى القريبة من إيران، وهو ما يعني أن تلك الدول رفضت استخدام أجوائها، سواء اعتبرنا ذلك استجابة لمطالب طهران، أو كتعبير عن رفضها للسياسات الإسرائيلية في غزة ولبنان والإقليم، أو ببساطة خوفا من حرب إقليمية واسعة تضرّ الجميع، وربما للأسباب الآنفة كلها. لا يتجاهل التحليل الآنف، احتمالات أخرى، ومنها أن دولة عربية أو أكثر خلصت إلى عدم وجود قرار أمريكي بضربة كبرى لإيران، وأنها فضّلت بالتالي، في هذه الجولة على الأقل، أن ابتعادها عن الصراع هو الخيار الأفضل حاليا، وبذلك تتجنّب ردود فعل إيرانية لاحقة، وتنتظر، على الأغلب، احتمالات انتخاب دونالد ترامب.
يحتمل استخدام المجال الجوي العراقي، ضمن السياقات الآنفة، معاني مختلفة يصعب على الجميع التصريح عنها، فتمكن قراءته باعتباره استمرارا للاحتلال الأمريكي لأجواء العراق، أو باعتبار الهجوم شكلا من أشكال الإدارة الأمريكية المتوازنة لاحتواء الصراع، وهو ما عبّرت عنه تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن في تعليقه على ما جرى حين قال: “استهدف الإسرائيليون مواقع عسكرية فقط، وآمل أن يكون هذا آخر تبادل للضربات بين تل أبيب وطهران”.
وبهذه الحالة، فإن استخدام الأجواء العراقية (التي تحكمها حكومة قريبة من إيران) كان جزءا من تسوية ضمنية (مؤقتة؟) للنزاع لا تُفسد “المجال الجوي” للانتخابات الأمريكية، ولا تجبر إيران على الردّ على إسرائيل، وفي أثناء ذلك تستمر معارك الأطراف والمذابح في غزة ولبنان.