إبادة شعب أمام مرأى ومسمع من المجتمع الدولي
الكيان فرض حصاراً خانقاً على القطاع، خصوصاً في الأسابيع الأخيرة، ومنع دُخول أي مُساعدات إنسانيّة لمواطني غزة، من غذاء ودواء وآليات طبيّة. ومع عدم السماح بدخول الأدوية والآليات الطبيّة، والنقص الحادّ في عدد الأطقم الطبية.
منذ الاجتياح الإسرائيليّ لقطاع غزة، بعد طوفان الأقصى، في 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، وجيشُها يَعتو في الأرض قتلاً وجَرْحاً وتدميراً للبنية التحتية. لقد منحت أميركا ومعظم البلدان الغربيّة الضوء الأخضر للكيان الإسرائيلي من أجل القضاء على الشعب الفلسطينيّ في غزة.
وَعدت هذه الدول إسرائيل بالوقوف معها في حربِها الشعواء بالمال وأحدث المعدّات الحربيّة، ومساعدتها بالوسائل الاستخباراتيّة واللّوجيستيّة، مِمّا شجَّعها على الاستمرار في عدوانها الهمجي والوحشي على المدنيّين العُزَّل الأبرياء.
تقوم إسرائيل بقصف البيوت بأطنان من المتفجّرات من خلال استخدام طائراتها الحربيّة الأميركيّة الصّنع، التي تستهدف منازل المُواطنين وتنسفُها على رؤوسهم. كما تتعمَّد قصفَ طواقِم الإسعاف لمنعهم من الوصول إلى أماكن القصف وإنقاذ الأحياء من تحت الأنقاض، لقتل أكبر عدد مُمكن من المواطنين.
في ظلّ هذه الإبادة الجماعيّة للشعب الفلسطينيّ، تعمَّدت القوات الإسرائيليّة استهداف المستشفيات وتدميرها وإخراجها عن الخدمة، وقتل الأطبّاء الساهرين على مُعالجة الجرحى الذين نجوا من المجازر اليوميّة التي تقترفُها إسرائيل، والتي يذهب ضحيتَها العشرات من الشهداء والمُصابين يومياً، بل في كل لحظة.
كما أن الكيان فرض حصاراً خانقاً على القطاع، خصوصاً في الأسابيع الأخيرة، ومنع دُخول أي مُساعدات إنسانيّة لمواطني غزة، من غذاء ودواء وآليات طبيّة. ومع عدم السماح بدخول الأدوية والآليات الطبيّة، والنقص الحادّ في عدد الأطقم الطبية، بات من المستحيل إنقاذ الجرحى، وخصوصاً المصابين بجروح خطيرة الذين يموتون بعد مرور وقت قصير من دخولهم إلى المُستشفيات بسبب عجز الأطباء عن إسعافهم وتقديم العلاج اللّازم لهم.
يرتكب الجيش الإسرائيلي مجازر مروّعة بحقّ السكان، وآخرها ما وقع في 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2024، في مجزرة “مشروع بيت لاهيا”. وقالت وزارة الصحة في غزة في بيان صحافي إن “مجزرة الاحتلال الإسرائيلي بحق المواطنين في مشروع بيت لاهيا بمحافظة شمال غزة، منذ ليلة أمس السبت وفجر اليوم الأحد، راح ضحيتها 87 شهيداً ومفقوداً تحت الأنقاض”، بالإضافة إلى عشرات الجرحى، مُعظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ.
اقرأ أيضا| صمود الفلسطينيين.. وعار الصمت
مذبَحة تُدمي القلوب، حيث تستقبل مستشفيات القطاع الشهداء أشلاءً مُمَزَّقة، وجرحى في حالة مُروِّعة، منهم من فقدَ جميع أطرافه، ومنهم من بُترت ساقُه أو يديه. إنها حالات إنسانيّة مُرثيّة تدلّ على وحشِيّة الجيش الصهيوني الفاقد لكلّ الأخلاق الآدميّة والحِسّ الإنساني.
يقع كلّ هذا الإجرام أمام أعين ومسامع (المجتمع الدوليّ) و(المنظمات الإنسانيّة والحقوقيّة)، التي تسير وفق ما تريده الإدارة الأميركيّة المُسيطرة والمتحكِّمة فيها. لقد قامت أميركا والغرب بتعرية (الأمم المتحدة) وإظهارها على حقيقتها، حين شلّت قدرتها على الدفاع عن شعب يُذبَحُ جماعياً على مرأى ومسمع منها، كما ألغت “ميثاقها” المزعوم، الذي لم يَعُد يُساوي الحِبْر الذي كُتِبَ به.
وما يدعو إلى الحسرة والأسف هو موقف الدول العربيّة المُخجِل، التي تتفرّج على شعب عربيّ يُباد ويُنكَّل به، ولم تُحرِّك ساكناً لنُصرته ورفع الضيم الذي نزل به، ولو بأدنى حدٍّ من المُساندة، وذلك بالعمل على وقف الإبادة الجماعيّة التي يتعرّض لها من خلال الضغط على أميركا بكل الوسائل من أجل وضع حدّ لهذه المَأساة الإنسانيّة.
علماً أنّها تملك العديد من الوسائل لإرغام أميركا على إنهاء هذه الحرب التي أتت على الأخضر واليابس في غزة. فلو قطعت جميع البلدان العربيّة علاقاتها مع أميركا وإسرائيل والدول الغربيّة الدّاعمة ومنعت عنها تصدير النفط والغاز، لأوقفت فوراً هذه الحرب الهمجيّة والوحشيّة والبربريّة على الشعب الفلسطينيّ، الذي لا يُطالِب إلّا بحقّه المشروع في تقرير مصيره وإقامة دولته المُستقلة على أرضه المُحتلّة منذ أكثر من سبعة عُقود.