خيارات الرئيس أبو مازن لمواجهة نتنياهو الفاشل
إعلان أبو مازن عن مصالحة فتحاوية واسعة ودعوة كل أبناء فتح ورموز وقيادات حركة فتح في الداخل و الخارج عن اعلان توحيد حركة فتح بقيادة جديدة من خلال انتخابات يتم التحضير لها لابناء حركة فتح في الداخل والخارج امام العالم.
لم يلتق نتنياهو وأبو مازن منذ فترة طويلة وعلى الأقل منذ تشكيل الحكومة الحالية رفض نتنياهو رفضا مطلقا لقاء أبو مازن، فكيف يمكن ان نجمع بينهما من خلال هذا المقال ؟ بالتأكيد السياسة والمصالح الشخصية لك منهما تجبرهما على اللقاء ولو من خلال قراءة للمشهد الفلسطيني والإسرائيلي .
بعد عام منذ السابع من أكتوبر وعملية طوفان الأقصى، أصبحت إسرائيل غير إسرائيل التي نعرفها ويعرفها العالم الأوروبي وأمريكا وبريطانيا ودول الشرق الأوسط وبالتالي نحن الان امام إسرائيل بعد السقوط ” او كما يسميها نتنياهو “القيام بعد السقوط وليس القيامة” وهذا اعتراف كامل من نتنياهو بسقوط إسرائيل بعد السابع من أكتوبر والعمل على قيامها من جديد .
فكانت سياسة نتنياهو وإعلان الحرب على قطاع غزة وما رافقها من إبادة جماعية وقتل 50 الف فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء وتدمير للمستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد ودمر كل شيء في غزة حتى شبكة المياه والكهرباء حتى أصبحت غزة مكان غير قابل للحياة.
وبعد عام لم يتمكن نتنياهو من تحقيق أهدافه التي وضعها وهي القضاء على حماس والقضاء على يحيى السنوار و نزع سلاح المقاومة وإعادة الاسرى المختطفين احياء الى تل ابيب وإعادة الموتى منهم في توابيت .. هذا وعد من نتنياهو لعائلات الاسرى المختطفين الإسرائيليين.
وبعد الفشل الكامل الأمني والسياسي والقانوني امام منظومة الأمم المتحدة و القانون الدولي ذهب نتنياهو الى الجبهة الشمالية لمحاربة حزب الله وتدمير الضاحية الجنوبية وقد نجح نتنياهو في تحقيق انتصارات معنوية ومؤقتة توجت باغتيال الشهيد حسن نصرالله ولم تستمر نشوة الانتصار لدى نتنياهو حيث تلاشت مع دخول اول قوة إسرائيلية برية الى الجنوب اللبناني حيث وصل اعداد القتلى في الجيش الإسرائيلي وما سمح به للنشر 30 جندي وضابط إسرائيلي وجاءت عملية بنيمينا جنوب حيفا بشن حزب الله هجوم بالطائرات المسيرة على قاعدة بينيمينا وسقوط المسيرة على قاعدة جولاني و على قاعة الطعام و اسفرت عن مقتل أربعة إسرائيليين واصابة 70 إسرائيليا . وفشل نتنياهو حتى اليوم في إعادة مستوطن واحد الى كريات شمونة.
ويبقى السؤال المركزي : ما هي خيارات نتنياهو امام هذا الفشل الأمني والعسكري في قطاع غزة والضاحية الجنوبية ؟ وامام ما تعرض له شعبنا في قطاع غزة وامام سياسة سموتريتش : ما هي خيارات أبو مازن للعودة الى مركز القيادة على مستوى الوطن بشكل كامل؟
أولا خيارات نتنياهو : هناك خيار واحد فقط امام نتنياهو وهو ان يكتفي بروح الانتقام التي شنها على أهلنا في قطاع غزة ودمر كل شيء و ان يعود الى القاهرة من اجل توقيع اتفاق سياسي مع حركة حماس بالعودة الى السادس من أكتوبر 2023 وابرام صفقة تبادل اسرى والحديث عن اليات إعادة اعمار غزة وفتح معبر رفح امام كل اشكال المساعدات الإنسانية وادخال جميع مواد البناء مقابل تعهد من حماس بعدم اطلاق الصواريخ على إسرائيل في اطار اتفاق سياسي يعيد الأمور الى المربع الأول باتفاق سياسي يعترف به نتنياهو بدولة فلسطينية مستقلة مقابل اعتراف حماس بقرارات الشرعية الدولية و قرارات مجلس الامن الدولي بما فيها حل الدولتين .
اقرأ أيضا| فلسطين لشعبها والاحتلال حتماً إلى زوال
وتوقف نتنياهو عن الغطرسة لان استمرار الحرب سوف يكلف نتنياهو ثمنا باهضا في ازدياد اعداد القتلى في الجيش الإسرائيلي بدون ثمن في الوقت الذي انتهت فيه الحرب على غزة بكل المقاييس العسكرية و الأمنية والسياسية وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كل قطاع غزة وفقا لاتفاق انهاء الحرب 21 مايو 2021.
ثانيا : خيارات أبو مازن
نتنياهو قال اكثر من مرة “لا مكان للسلطة الفلسطينية في غزة” اما يؤاف جالانت وزير الدفاع الإسرائيلي قال: “السلطة الفلسطينية غير قادرة على إدارة و حكم غزة” واستطلاعات الراي الفلسطيني اكدت بان الشعب الفلسطيني لا يقبل بقاء الرئيس أبو مازن رئيسا للشعب الفلسطيني” ولكني أقول بان الرئيس أبو مازن مازال يمثل رئيس دولة فلسطين وفقا للأمم المتحدة والبرتوكولات الدبلوماسية المعمول بها في الدول التي تعترف بدولة فلسطين .
وبالتالي لا يمكن للرئيس أبو مازن ان يلتزم الصمت امام ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة وما يتعرض له شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية وما يتعرض له شعبنا في القرى الفلسطينية من عربدة المستوطنين وخطة سموتريتش لضم الضفة الغربية بالكامل وامام سياسة الجيش الإسرائيلي على المخيمات الفلسطينية في شمال الضفة الغربية في جنين وطولكرم ونابلس و طوباس .
وبالتالي فما هي خيارات الرئيس أبو مازن والأوراق التي يملكها بصفته رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني لمواجهة كل التحديات وسياسة القتل والتدمير التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي :
أولا : إعادة هيكلية منظمة التحرير الفلسطينية ويبدأ إعادة تشكيل عضويتها من الفصائل الفلسطينية التي لها امتداد جماهيري في الشارع الفلسطيني وإدخال 3 أعضاء من حركة حماس وعضوين من حركة الجهاد الإسلامي ، والفصائل الفلسطينية التي ليس لها امتداد جماهيري وهي معروفة عند الرئيس أبو مازن وامامها اما الاندماج داخل حركة فتح او الإعلان عن حل نفسها .
ثانيا : اعلان أبو مازن عن مصالحة فتحاوية واسعة ودعوة كل أبناء فتح ورموز وقيادات حركة فتح في الداخل و الخارج عن اعلان توحيد حركة فتح بقيادة جديدة من خلال انتخابات يتم التحضير لها لابناء حركة فتح في الداخل والخارج امام العالم كله بعيدا عن الواسطات والمحسوبية والمشايخ والقبائل، انتخابات فتحاوية ديموقراطية علنية من اجل قيادة فتحاوية منتخبة تحت قيادة أبو مازن.
ثالثا : اصدار قرار رئاسي بتشكيل حكومة توافق وطني فلسطينية بدلا من حكومة محمد مصطفى ، تقوم على إعادة اعمار قطاع غزة بالتوافق والشراكة مع حركة حماس في هذه الحكومة يكون أعضائها من التكنوقراط و من الفصائل الفلسطينية التي لها امتداد جماهيري في الأراضي الفلسطينية المحتلة .
هذه الخيارات والأوراق التي يملكها الرئيس أبو مازن سوف تمنح الرئيس القوة السياسية وسوف تعيد لمنظمة التحرير قوتها في الشرق الأوسط وقتها يعترف العالم كله ومعهم نتنياهو بان منظمة التحرير الفلسطينية قادرة على إدارة غزة وحكم غزة بالشراكة السياسية مع حركة حماس والجهاد الإسلامي . وهذا يعني ان قوة الرئيس السياسية وقوة منظمة التحرير الفلسطينية لا يمكن ان يستمدها الشعب الفلسطيني من وجود الاحتلال او قيادات فلسطينية لا يعترف الشعب الفلسطيني بوجودها في المرحلة القادمة.
وأخيرا … من ينتظر حرب عالمية ثالثة او حرب إقليمية في الشرق الأوسط من هذه الحرب بين نتنياهو والشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، او بين نتنياهو وجبهات الاسناد، عليه ان يعلم ان الحلول السياسية قادمة وطاولة المفاوضات قادمة لان لا خيارات امام نتنياهو سوى طاولة المفاوضات امام حرب الاستنزاف التي تقودها المقاومة في غزة والجنوب اللبناني .
اما الهدف و الحدث الذي يمكن ان يفجر الشرق الأوسط و جنوب شرق اسيا وأوروبا ويؤدي الى حرب إقليمية وربما حرب دولية فهو اصبح قريبا جدا ولكن يتوقف على سياسة نتنياهو والإدارة الامريكية وسيبقى هذا الهدف عنوان المرحلة القادمة وعنوان المقال القادم.