الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين ليست حديثة العهد
لم تتوقف سياسات الدولة العصابة/ إسرائيل عند الحد المذكور، بل قامت بعمليات اغتيالات منظمة للعديد من سفراء فلسطين ومثقفيها في الخارج، وحتى لعرب وأجانب مناصرين للحق الفلسطيني. ولم تنته فصول الاغتيالات التي تقوم بها الأذرع الأمنية للاحتلال الإسرائيلي.
بعد تقديم دولة جنوب إفريقيا دعوى إلى الجنائية الدولية قبل عدة أشهر لإدانة إسرائيل وتجريمها بسبب قيامها بعمليات إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة منذ تشرين الأول/اكتوبر طلبت المحكمة الجنائية الدولية أخيراً إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكذلك مذكرة اعتقال لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني.
ويوجه الطلب رسائل في عدة اتجاهات أهمها إدانة إسرائيل بشكل مباشر لأول مرة منذ إنشائها قبل أكثر من ستة وسبعين عاماً في ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.
فكرة قديمة
فكرة عمليات الابادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني ليست حديثة العهد بل هي قديمة قدم المشروع الصهيوني وإنشاء العصابة الإسرائيلية المنفلتة. وتعد عبارة بن غوريون، أول رئيس وزراء للدولة العصابة إسرائيل، بمثابة إشارة وانطلاق لارتكاب إبادة جماعية للشعب الفلسطيني، حيث قال “إن الوضع في فلسطين سيُسوّى بالقوة العسكرية، فارتكبت المنظمات الصهيونية المسلحة عشرات المجازر بحق المدن والقرى الفلسطينية، الأمر الذي أدى إلى طرد 850 ألف فلسطيني إلى خارج وطنهم فلسطين بعد نكبة 1948، ليصبح عددهم الآن في نهاية عام 2024 نحو سبعة ملايين لاجئ فلسطيني.
وفي يونيو/ حزيران عام 1967 احتل الجيش الصهيوني الضفة الغربية، بما فيها القدس وقطاع غزة، وتمّ طرد 450 ألف فلسطيني ليصبحوا نازحين ويصل عددهم الآن إلى نحو مليوني فلسطيني. في ذلك الوقت قتلت العصابات الصهيونية الهاغانا والشتيرن والارغون و الايتسل والجيش الإسرائيلي، خلال العامين المذكورين، الآلاف من الفلسطينيين العزل. يذكر أن الجيش الإسرائيلي قد تمّ تأسيسه من العصابات المذكورة.
اقرأ أيضا| حول العملية العسكرية المفاجئة في جباليا
لم تتوقف سياسات الدولة العصابة/ إسرائيل عند الحد المذكور، بل قامت بعمليات اغتيالات منظمة للعديد من سفراء فلسطين ومثقفيها في الخارج، وحتى لعرب وأجانب مناصرين للحق الفلسطيني. ولم تنته فصول الاغتيالات التي تقوم بها الأذرع الأمنية للاحتلال الإسرائيلي، فخلال (1948-2024)، استخدمت العنف والمجازر كأدوات لإبادة الفلسطينيين وتدمير ممتلكاتهم، جنباً إلى جنب مع عمليات اعتقال مزيد من الفلسطينيين، حيث وصل عدد الأسرى الفلسطينيين منذ عام 1965 لأكثر من مليون فلسطيني، وقتل المئات منهم تحت التعذيب في السجون وزنازين الاحتلال الإسرائيلي، وهناك معطيات تشير إلى سقوط (160) ألف شهيد فلسطيني ناهيك من آلاف الجرحى والمعاقين، وتدمير آلاف المنازل، ومصادرة مزيد من الأرض الفلسطينية، وإقامة المستعمرات الصهيونية، وعمليات إحلال تهويدية بغرض التفوق الديموغرافي اليهودي، بعد طرد وتهجير قسري لأصحاب الأرض الفلسطينيين.
لقد كشفت عملية “طوفان الأقصى”، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن إسرائيل هشّة على كافة المستويات العسكرية والأمنية والسيبرانية، ولهذا تسعى حكومة نتنياهو الإرهابية إلى تحقيق نصر وهمي، لكن دون جدوى، فبصمود الشعب الفلسطيني تمّ إفشال كافة الأهداف الإسرائيلية المعلنة وغير المعلنة، وذلك رغم درب الآلام الطويل الذي ساره الشعب الفلسطيني على طريق الحرية ودحر المحتل الإسرائيلي وتحقيق الانتصار الحاسم على عصابة الإبادة الجماعية. ومن نافلة القول إنه رغم ارتفاع عدد الشهداء والجرحى والمفقودين والمخطوفين في قطاع، فإن اللقاءات مع عدد كبير من الغزِّيين تؤكد الإصرار على الصمود والثبات حتى النصر.
وفي هذا السياق نشير إلى بعض المعطيات، حيث قتلت آلة العدوان الإسرائيلية المصنعة غربياً أكثر من (41) ألف شهيد فلسطيني في قطاع غزة، جلهم من الأطفال والشيوخ والنساء، في حين تجاوز عدد الجرحى الـ (90) ألف فلسطيني، ناهيك من تدمير الجيش الإسرائيلي غالبية الوحدات السكنية لمناحي قطاع غزة. وقد أخرج قصف الاحتلال الإسرائيلي العدد الأكبر من المشافي والمراكز الصحية والمدارس والجامعات في القطاع عن الخدمة بشكل كامل تقريباً.
أركان الجريمة
مع استمرار عملية التقتيل اليومية والاعتقالات التي طالت المئات في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وتكميم الأفواه في الداخل الفلسطيني، والملاحقة والاعتقال لمن يشير في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة إلى تعاطفه مع آلام شعبه المكلوم في الضفة والقطاع والداخل الفلسطيني، تكتمل أركان عملية الإبادة الجماعية، التي تقوم بها دولة إسرائيل الإرهابية، ولم تتوقف منذ إنشائها في الخامس عشر من أيار/مايو 1948.