أذرع إسرائيل: كيف يعزز الطائفيون الاجندة الصهيونية؟
لقد دفعت داعش نحو خلق بيئة طائفية حادة، استغلها الكيان الصهيوني لزعزعة الاستقرار في المنطقة، والمضي في مشروعه نحو تغيير الجغرافيا
لطالما استغل الصهاينة الخلافات المذهبية بين المسلمين لتحقيق أهدافهم التوسعية. اذ يشكل الانقسام المذهبي أحد أبرز التحديات التي تواجه المنطقة في العصر الحديث.
هذا الانقسام، الذي يتغذى على الاختلافات الفقهية والتاريخية والسياسية، أدى إلى تشتت الجهود واضعاف مكانة الدول العربية والإسلامية، وتفريغ المجتمعات من قوة التضامن الجماعي.
وقد حظيت الحركة الصهيونية بعد الحرب العالمية الثانية بدعم انتقالي من قوى استعمارية، وفرت لها كل انواع الاسناد، حتى تمكنت من تحويل وجهة الصراع الى الداخل، بهدف تعطيل مشاريع المقاومة.
فهل يساهم الانقسام المذهبي في تمكين إسرائيل من ارتكاب المزيد من المجازر في غزة ولبنان وغيرها؟
في سياق الاجابة عن هذا السؤال يكفي ان نتذكر ان من ابسط آثار الانقسام المذهبي هو تشتيت الجهود وتقويض مقاومة المشروع الصهيوني.
فبدلاً من التكاتف والعمل لصد أخطر مواجهة تقع بين المسلمين والصهاينة، ينشغل المسلمون في تفاصيل الخلافات والانقسامات الداخلية، مما يسمح للكيان الصهيوني بالتمادي في العدوان دون رادع.
ولذا لا يمكن استبعاد دور أجهزة الاستخبارات الصهيونية في تغذية النعرات الطائفية وتعميق الصراعات. ويمكن النظر إلى “مشروع داعش التمزيقي” كمرحلة تمهيدية حاسمة لـ”مشروع التوسع الصهيوني”.
لقد دفعت داعش نحو خلق بيئة طائفية حادة، استغلها الكيان الصهيوني لزعزعة الاستقرار في المنطقة، والمضي في مشروعه نحو تغيير الجغرافيا.
ويمكن ملاحظة التطابق الزمني بين تصاعد نشاط داعش في مناطق معينة وبين عمليات التوسع الاستيطاني الإسرائيلي بعدها بفترات محددة، مما يدعو إلى التساؤل حول مدى وجود تنسيق أو تآزر بين الطرفين؟
خلال هذه الفترة، عملت آلة الدعاية الإسرائيلية جاهدة على تحريف حقيقة الصراع الدائر ضد الجماعات المسلحة، وتصويره بأنه صراع طائفي بين السنة والشيعة. في مسعي إسرائيلي إلى تقويض أي تحرك مناهض للاحتلال، لاسيما بعد الزخم الشعبي الذي اكتسبته المقاومة منذ عام 2006.
إقرأ أيضا : حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!
ومن السخرية ان بعض شيوخ الدين سرعان ما صعدوا الموجة الطائفية، وتبنوها نيابة عن الصهاينة، حتى أن أحدهم لم يخف سعادته البالغة من قصف المسلمين والابرياء في الضاحية الجنوبية، واعتبرها مصداقا لإشغال الظالمين بالظالمين.
هذا القصور في الفهم الديني يؤجج الفتن الطائفية، حيث لا يتورع بعض الدعاة عن الافتاء بضلال نصرة أهل غزة لأنهم “أخوان”، وضلال نصرة جنوب لبنان لأنهم “شيعة”، لينتهي بهم المطاف تلقائيا الى نصرة الصهاينة.
وفي حين تدرك القيادات الميدانية بوضوح ضرورة توحيد الصفوف لمواجهة التحديات الراهنة، انطلاقا من فهمها حجم وخطورة المعركة، فان بعض رجال الدين يصرون على إذكاء الفتن وإحياء صراعات جانبية.
وفيما ينتظر المسلمون من العلماء والفقهاء توحيد الصفوف، وأن يكونوا قادةً روحيين، فان البعض منهم انتقل إلى خانة التحريض، وبدلًا من أن يكونوا جزءًا من الحل، أصبحوا جزءًا من المشكلة، وربما ذراعا اسرائيليا في المنطقة.