ترمب يحشد قاعدته المتطرفة عبر “تروث سوشال”
بعد تعرضه لانتقادات بسبب إعادة نشره تدوينة جاء فيها أن هاريس حصلت على امتيازات سياسية في مقابل "خدمات" جنسية، أكد ترمب أخيراً في برنامج بودكاست أن "إعادة مشاركة (المنشورات) يخلق الأعداء".
كتب دونالد ترمب خلال شهر ما يزيد على ألف منشور على موقعه للتواصل الاجتماعي “تروث سوشال“، هاجم في أكثر من ثلثها كامالا هاريس، ويرى باحثون أن فيها قدراً كبيراً من التضليل وتغذيّ غضب قاعدته الأكثر تطرفاً.
وعدد متابعي المرشح الرئاسي الجمهوري لانتخابات الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل أقل بكثير من متابعيه على حسابه في منصة “إكس”، الذي تم منعه من استخدامه موقتاً بعد هجوم أنصاره على مبنى الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021 لمنع إقرار نتائج الانتخابات التي فاز بها الديمقراطي جو بايدن.
لكن وتيرة نشره للتدوينات لا تزال منتظمة، بأكثر من 30 مرة يومياً كمعدل خلال سبتمبر (أيلول)، وغالباً ما تنشر في وقت متأخر من الليل، وفق تحليل أجرته “وكالة الصحافة الفرنسية”.
ويمكن قراءة تدوينات تصف كامالا هاريس بأنها “مذنبة بارتكاب جرائم” و”يجب طردها أو محاكمتها”، مع الحفاظ على منسوب العنف المرتفع الذي يظهره في خطاباته واجتماعاته.
ولا يتردد ترمب في وصف منافسته بأنها “مجنونة” أو “متخلفة عقلياً” أو أنها تدفع مقابلاً لمؤيديها.
كما يعد أنصاره في حال فوزه بأن “يعاقب” بشدة من “غشوا” في انتخابات 2020 التي لم يعترف بنتائجها قط كما يواصل تشكيكه في إجراءات تنظيم انتخابات 2024.
محتوى منشوراته
ويرى خبراء أنه بهذا السلوك، يحشد ترمب قاعدته الأكثر تطرفاً ويضع مؤشرات لرفض محتمل لنتائج انتخابات نوفمبر من خلال مواصلة إطلاق التحذيرات من احتمال حدوث تزوير.
ولم يستجب فريق حملة ترمب لطلب “وكالة الصحافة الفرنسية” الرد على استفساراتها في هذا الصدد.
ويؤكد المحلل من جامعة فيرجينيا لاري ساباتو، أن قاعدة ترمب “تحب هذا الهراء”، مضيفاً “لكن هناك الملايين من الأشخاص الآخرين، يقتربون من (قرار) التصويت لمصلحته، لكونهم ربما أصبحوا يشعرون بالرعب”. ويتابع، “قد يشعر الناس وكأنهم مرغمون على قراءة منشوراته عند الاستيقاظ صباحاً”.
وفي حين تتجاوز بعض المنشورات الحد الأقصى المسموح به على “تروث سوشال” وهو ألف حرف، يأتي بعضها موجزاً.
وكتب مرة “أنا أكره تايلور سويفت”، في انتقاد لنجمة موسيقى البوب التي تدعم كامالا هاريس بصورة علنية.
ويعج حسابه باستطلاعات رأي تمنحه تقدماً، وبروابط لمواقع وسائل إعلام محافظة وكذلك بمعلومات كاذبة حول ملفات مثل الإجهاض والهجرة. كما يحمّل في منشوراته هاريس المسؤولية عن الهجرة غير النظامية عبر الحدود مع المكسيك، ويستخدم في كثير من الأحيان إحصاءات قديمة أو مضللة حول الجريمة بين صفوف المهاجرين.
إقرأ أيضا : عام على الطوفان ..ماذا بعد ؟
موقف هاريس
وبينما تتجاهل المرشحة الديمقراطية معظم هذه الإهانات والهجمات، تفضل استفزاز غرور خصمها من خلال وصفه بـ”غريب الأطوار” أو التشكيك في عدد المؤيدين الحاضرين في اجتماعاته الانتخابية.
لكن حملتها لا تتردد في الإشارة إلى كل معلومة كاذبة ينشرها ترمب، وإن كان ذلك لا يوقف انتشارها.
ويرى أستاذ علم النفس والسياسة في جامعة نيويورك جون جوست أن “ترمب رجل يائس ومستعد لقول أو فعل أي شيء، بغض النظر عن الحقيقة”، معتبراً أن سلوكه يغلب عليه “الخوف الكلي والقلق الشديد والكراهية” حين يتعلق الأمر باحتمال خسارة الانتخابات.
وبعد تعرضه لانتقادات بسبب إعادة نشره تدوينة جاء فيها أن هاريس حصلت على امتيازات سياسية في مقابل “خدمات” جنسية، أكد ترمب أخيراً في برنامج بودكاست أن “إعادة مشاركة (المنشورات) يخلق الأعداء”.
لكن ذلك لم يمنعه من مشاركة ونشر نظريات مؤامرة أو نظريات عنصرية فجة. فإثر اعتقال مغني الراب “باف ديدي” بتهم الإتجار بالجنس، شارك ترمب صورة مفبركة تظهر هاريس إلى جانب هذا المغني الشهير.
تشجيع التطرف
ويقول الباحث لاري ساباتو “بالنسبة إلي، وأنا أتابع ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي منذ تسعة أعوام، فإن هذا الأمر صادم”، معتبراً أنه في السابق “لم يكن لأي مترشح أن ينال ترشيح حزبه لو نشر هكذا تعليقاً أخرق”.
وشارك ترمب أيضاً على نطاق واسع في نشر الاتهامات الكاذبة لمهاجرين هايتيين في ولاية أوهايو بسرقة حيوانات أليفة لأكلها، مما أثار جدلاً ألقى بظلاله على الحملة الانتخابية لفترة طويلة.
ونتيجة للاتهامات، أصبح المهاجرون الهايتيون عرضة للتهديدات في هذه الولاية الواقعة شمال شرقي البلاد.
ويشير جاريد هولت من “معهد الحوار الإستراتيجي” إلى أن “منشوراته تشجع وتطبع وتنشر الأيديولوجيات المتطرفة”، معبراً عن خشيته من أن يحمس ذلك “الأطراف الأكثر تطرفاً في الحركة المحافظة الحديثة”.