دولة الإحتلال

في معنى ترويج نتنياهو “صفحة جديدة”

ما يجري في الشرق الأوسط هو محور متابعة المتنافسيْن على الرئاسة في الولايات المتحدة، وإذا كان لديهما شك في رصيد إسرائيل بالنسبة إلى واشنطن فقد جاءت أحداث الأيام الأخيرة لتبدّد هذا الشك. وإذا كان هناك تراجعٌ في رؤية أن إسرائيل هي رأس الحربة في المواجهة ضد قوى الشر في إيران

تناول المحللون وكُتّاب الرأي المقرّبون من الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو قضايا كثيرة مُلفتة في إجمال عام من الحرب على قطاع غزّة، والتي اتّسع نطاقها أخيراً ليشمل لبنان وإيران، وفقاً لتقديراتٍ يشاركهم فيها محللون آخرون. وسنتوقف عند بعض هذه القضايا نظراً إلى أنها تعكس الأفكار المعشّشة في ذهن نتنياهو، ومن شأنها أن تؤشّر إلى وجهته.

أولى هذه القضايا، وهي ما سبق لكاتب هذه السطور أن توقّف عندها، ما شهدته الجبهة الشمالية مع لبنان وسورية من مستجدّاتٍ تتعلق بالمواجهة بين إسرائيل وحزب الله، حيث يُشار بصددها إلى: أولا، تسبّبت هذه المستجدّات بصرف الاهتمام عن سيرورة الحرب في غزّة، وبالأساس عن مصير المخطوفين الإسرائيليين في القطاع.

ثانيا، إعادة حالة الإجماع القومي في الحلبة السياسية الإسرائيلية الداخلية حيال تصعيد القتال ضد حزب الله.

ثالثا، تعزّز نفوذ نتنياهو في هذه الحلبة السياسية إلى درجة من شأنها أن تؤدّي إلى فتح صفحة جديدة تجاهه. رابعاً، لم تعبّر الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن عن تحفّظ شديد إزاء آخر خطوات الجيش الإسرائيلي وتحرّكاته، فهي لا تنفك تصرّح علنًا بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها عبر خطوات هجومية ضد أعدائها، وينطبق هذا على الهجوم المتوقع على إيران، الذي يمكن أن يكون موجّهاً ضد منشآت عسكرية، كما ينطبق على العملية البرّية الإسرائيلية في جنوب لبنان (يلمّح محللون في إسرائيل ضمنا إلى أن الولايات المتحدة تمارس الخديعة، حيث يؤكّدون أنها وافقت بصورة غير مباشرة على تحرّك الجيش الإسرائيلي عدة أسابيع، بينما زعم الموفد الخاص للرئيس الأميركي عاموس هوكشتاين أن الإدارة لم تعطِ الضوء الأخضر مسبقًا للعملية!).

أمّا “الصفحة الجديدة” التي يتطلّع نتنياهو إلى أن يقنع الإسرائيليين بوجوب فتحها له بما يؤول إلى التغاضي عن صفحته السوداء ارتباطا بعملية طوفان الأقصى وما نجم عنها، فإنها تشمل فقط ما حقّقه من إنجازات حتى اللحظة. ويظل في مقدّمها إظهار الحمض النووي الثابت أو “الطبيعة الحقيقية” لإسرائيل آلة حرب هائلةٍ لا تكلّ ولا تملّ، مثلما كتب الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي مئير بن شبات، الذي يترأس حالياً أحد معاهد الأبحاث للشؤون الاستراتيجية المموّل من اليمين الإسرائيلي، في سياق مقالٍ تلخيصي نشره أخيرا في صحيفة مكور ريشون.

وفي قراءة بن شبات هذه هي صورة إسرائيل التي يرونها في طهران خلال مجمل النقاشات بشأن الرد على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وسبل تدخّل إيران في كل ما يجري، وفق ما انعكس الأمر بالأساس في كلمة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في الجمعية العمومية للأمم المتحدة وقال فيها: “في العام الأخير شاهد العالم طبيعة إسرائيل الحقيقية”.

إقرأ أيضا : الانفتاح الصيني على الغرب.. كيف ساهم في الإصلاح الاقتصادي

وتتعلق المسألة الثانية في هذه “الصفحة الجديدة” بدفع نتنياهو بفكرة شرق أوسط جديد يُبنى على خلفية فرض إسرائيل شروطها لنهاية الحرب. وبحسب ما يروّجه الناطقون بلسان نتنياهو، ، فإن التطورات الأخيرة تساهم في إضعاف هذه الرؤية.

وبطبيعة الحال، لا تقتصر المتابعة على الولايات المتحدة، بل تنسحب على دول أخرى كثيرة، بما في ذلك دول عربيّة في المنطقة سوف تؤثر نتائج الحرب وتطوّرها على موقفها إزاء إسرائيل.

وضمن قائمة التحدّيات الماثلة أمام إسرائيل في سبيل فتح الصفحة الجديدة المشتهاة لنتنياهو، إقامة ائتلاف إقليمي، وعقد مزيدٍ من اتفاقيات التطبيع، بقيادة الولايات المتحدة ولكن انطلاقاً من انتصار إسرائيل في الحرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى