الحرب والدعاية.. سيناريوهات وأوراق في غزة ولبنان
الواضح أن نتنياهو يريد محو ما جرى فى 7 أكتوبر، ومحو جرائمه ضد الأطفال والمدنيين فى غزة بإعلان انتصارات ضد أعداء أكثر وضوحا، وبعد إخراج إيران من المعادلة يستهدف إنهاء قوة حزب الله، ليجعل حماس فى المواجهة.
مبكرًا جدًا بدت هذه الجولة من الحرب مختلفة عن جولات سابقة، وبينما يقترب تاريخ 7 أكتوبر لتكتمل السنة، هناك تصورات وسيناريوهات تظهر فى العلن، وتتضمن تقييما لعام كامل من المواجهات، قوات الاحتلال تقتحم الحدود الجنوبية للبنان، بعد ضربات قوية وعمليات اغتيال لقيادات حزب الله، وتهديدات لإيران، انتهت باغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والذى أعاد طرح أسئلة حول من الأطراف التى قدمت المعلومات لإسرائيل؟، وهل أفادت ضربات شمال إسرائيل الضغط على غزة؟، وهل تمتلك ضربات الحوثيين فاعلية فى هذه المواجهة؟
إسرائيل أسقطت الحواجز ودخلت فى حرب مباشرة مع إيران، وحزب الله، إيران أعلنت أنها لن تدخل فى حرب شاملة، وبهذا خرجت من المعادلة، وبقى حزب الله وحده، حتى قبل اغتيال الأمين العام، وحتى خطابات نصر الله كانت تؤكد عدم توسيع الحرب، لكن ما جرى أن إسرائيل أسقطت الغلالات التى تحجب الصورة، وأعلنت عن مواجهة مباشرة، وبالتالى لم يبد أن ضربات الشمال خففت عن غزة، التى شهدت دمارا كاملا وإبادة.
أزاح بنيامين نتنياهو الستار وواجه إيران مباشرة: الشرق الأوسط كله اكتشف «الأوتار الفولاذية» لإسرائيل وليس حزب الله وحده.. لا يوجد مكان فى إيران أو الشرق الأوسط لن تصل إليه ذراع إسرائيل الطويلة.. فى 7 أكتوبر، هاجمنا أعداؤنا واعتقدوا أن إسرائيل فى طريقها إلى الانقراض. وبعد مرور عام، ضربة بعد ضربة، إنجاز بعد إنجاز – ها هم يدركون مدى تلاشى آمالهم.. نحن نفوز.. نحن مصممون على مواصلة ضرب أعدائنا.
الواضح أن نتنياهو يريد محو ما جرى فى 7 أكتوبر، ومحو جرائمه ضد الأطفال والمدنيين فى غزة بإعلان انتصارات ضد أعداء أكثر وضوحا، وبعد إخراج إيران من المعادلة يستهدف إنهاء قوة حزب الله، ليجعل حماس فى المواجهة، وفى حال تم عقد اتفاقات لا يكون هناك طرف خفى أو داعم، يريد نتنياهو البرهنة على أنه حقق فى غزة ما فشل فيه «شارون» مرات، وقد بدأت حملات أقرب لحملات انتخابية، وهو ما يشير إلى أن نتنياهو يريد إثبات أنه ربح من 7 أكتوبر بينما خسر الآخرون.
يذهب محللون إلى أن نتنياهو استغل عملية 7 أكتوبر وتهديدات حزب الله فى الشمال والحوثيين من الغرب، ليبيع للولايات المتحدة والعالم خطر التهديد ويحصل على دعم أمريكى كامل، يظهر فى تصريحات بايدن وكامالا وأخيرا وزير الدفاع أوستن، بضمان أمن إسرائيل.
اقرأ أيضا| دول تدفع ثمن تهور «حماس» وبلطجة إسرائيل!
فى نفس السياق، ومع كون التطرف يتغذى على بعضه فإن تيار التطرف فى إسرائيل يرفض الدولتين وهو الأكثر صعودا كرد فعل على خوف قائم فى المجتمع الإسرائيلى نجح نتنياهو فى زرعه داخل إسرائيل، مستغلا تصريحات وتهديدات وادعاءات وظفها، وأزال ستار الحرب بالوكالة لتكون مواجهة علنية واضحة، مع إيران بل والحوثيين الذين لم تشكل ضرباتهم أى تهديد لإسرائيل، لكنها تغذى ادعاءات التعرض للعدوان، وتبرر هجمات إسرائيل.
والواقع أن الحوثيين بكل دعايتهم، لم يتسببوا فى ضرر لإسرائيل، بل إن الضرر على الملاحة فى البحر الأحمر، وقناة السويس التى فقدت أكثر من نصف العوائد، بينما إسرائيل تتخذ من تهديدات الحوثيين ذريعة لمزيد من الحرب والهجمات، وقد نفذ الجيش الإسرائيلى سلسلة من الهجمات والغارات على عدة أهداف فى اليمن بينها مطار وميناء الحديدة غرب البلاد، ومخازن بترول، فى أقوى هجوم يستهدف الحوثيين منذ 7 أكتوبر، بينما الحوثى استهدف مطار بن جوريون السبت الماضى بصاروخ باليستى أسقطته الدفاعات الإسرائيلية، ولم تؤثر ضرباتهم فى تخفيف الحرب على غزة بل ربما ضاعفت منها، كما فتحت ضربات حزب الله الباب لهجمات على جنوب لبنان وحزب الله بشكل منهجى، والآن تستمر عملية الهجوم البرى، بعد تنفيذ اغتيالات وعمليات أضعفت من جبهة جنوب لبنان، بهدف تأمين الشمال.
كل هذا يكشف عن أن الدعايات غير الحرب الحقيقية، وأن منصات الدعاية حفزت العدوان ولم تسهم فى صده، وفتحت الباب لمزيد من الصراعات والحروب، وسط حرب نفسية ودعائية، تغذى آلات الحرب، وتضاعف من معاناة غزة، وتضع توقعات جديدة لسيناريوهات المستقبل بعيدا عن الدعايات، وبناء على حجم الوجود والقدرة على الأرض، حيث إن اللحظة التى تتوقف فيها النار، يحصل كل طرف على ما تملكه يداه على الأرض.