تصاعد الصراع الداخلي على السلطة في إيران بعد تصريحات بيزشكيان الصحفية
في مؤتمره الصحفي، حاول بزشكيان التقليل من دور النظام في عزلته العالمية من خلال إلقاء اللوم بالكامل على الولايات المتحدة، وذكر أن "أميركا بحاجة إلى إثبات أنها ليست معادية لنا"، متجاهلًا العدوان الإقليمي الطويل الأمد للنظام، وسعيه للحصول على أسلحة الدمار الشامل، ودعمه للإرهاب
اشتدَّ الاقتتال الداخلي المتعمق داخل النظام الإيراني عقب المؤتمر الصحفي الأول لرئيس نظام الملالي، حيث واجه انتقادات لاذعة من الفصائل المتنافسة. وسرعان ما تم تقويض التلاعب بالكلمات الذي قام به مسعود بزشكيان ومحاولته تقديم صورة مختلفة للجمهور والمجتمع الدولي بسبب الهجمات الحادة من المتشددين والشخصيات السياسية النافذة المقربة من المرشد الأعلى علي خامنئي.
في مؤتمره الصحفي، حاول بزشكيان التقليل من دور النظام في عزلته العالمية من خلال إلقاء اللوم بالكامل على الولايات المتحدة، وذكر أن “أميركا بحاجة إلى إثبات أنها ليست معادية لنا”، متجاهلًا العدوان الإقليمي الطويل الأمد للنظام، وسعيه للحصول على أسلحة الدمار الشامل، ودعمه للإرهاب.
وحاول بزشكيان التهرب من الأسباب الحقيقية لوضع طهران المنبوذ دوليًا. كان حديثه عن “الأخوة مع الشعب الأميركي” محاولة مستترة للمطالبة برفع العقوبات من جانب واحد، من دون معالجة القضايا الأساسية التي أدت إلى عزلة النظام.
واجهت هذه التصريحات ردود فعل عنيفة من داخل النظام. وانتقد أمير حسين ثابتي، عضو مؤثر في البرلمان الخاضع لرقابة مشددة، تعليقات بزشكيان بشأن عدم سعي إيران لتصدير ثورتها، وقال: “السيد بزشكيان، أنت مسؤول عن الحفاظ على الدستور. المادتان 152 و154 تنصان بوضوح على تصدير الثورة. هل نغير الدستور أم تطبقونه بعد القسم؟”.
كما تحدى ثابتي لفتة بزشكيان بشأن تعزيز العلاقة الأخوية مع أميركا، واصفًا إياها بأنها غير واقعية: “أنت تقول إننا إخوة مع الأميركيين، لكنهم أثبتوا أنهم يريدون العداء. لقد تراجعنا وفرضوا المزيد من العقوبات. هذا حب من طرف واحد. متى سنتوقف عن تكرار هذا المسار الخاطئ؟”.
انتقدت صحيفة “وطن أمروز”، المملوكة للوزير السابق مهرداد بزرباش، ردود أفعال بزشكيان في السياسة الخارجية ووصفتها بأنها “غير ناضجة وتفتقر إلى البروتوكول الدبلوماسي”. خاصة تعليقاته بشأن الضربات الصاروخية في اليمن، ووصفتها بأنها “مؤسفة” وتدل على أن بزشكيان لم يفهم بعد مسؤوليات دوره بالكامل.
تهرب بزشكيان بشكل مخادع من أي علاقة لإيران بالهجوم الصاروخي الأخير على إسرائيل، مدعيًا كذبًا أن النظام نفسه لا يمتلك تكنولوجيا الصواريخ الباليستية المتقدمة.
انتقدت “رجا نيوز”، وهي وسيلة إعلامية متحالفة مع فصيل سعيد جليلي، أداء بزشكيان ووصفته بأنه “ضعيف ومثير للخلاف”. وذكرت القناة أن “المؤتمر الصحفي الأول كان أضعف بكثير مما كان متوقعًا لرئيس دولة، وربما كان التأخير لمدة شهرين في عقد هذا الحدث أكثر منطقية”. واتهمت الفريق الإعلامي لبزشكيان بتنظيم جلسة أسئلة وأجوبة مزورة، مشيرة إلى أن اختيار الصحفيين تم ترتيبه مسبقًا.
كما انضمت صحيفة “كيهان”، الموجهة من مكتب خامنئي، إلى جوقة الانتقادات، متهمة بزشكيان بالتهرب من الأسئلة حول احتجاجات عام 2009، والتي يعتبرها النظام محاولة “فتنة”. وكتبت الصحيفة: “تهرب الرئيس من سؤالنا حول فتنة 2009، ووصفها بأنها مجرد خلاف وخلل في الحركة، مما يدل على عدم الفهم أو رفض الاعتراف بالحقيقة”.
هاجم محمد سراج، عضو آخر في البرلمان، ادعاءات بزشكيان بقيادة “حكومة وحدة وطنية”، قائلاً: “يبدو أن الوحدة هي فقط من أجل تمرير التصويت على الثقة في البرلمان”.
أثار الاقتتال الداخلي أيضًا جدلاً حول التعيينات المثيرة للجدل داخل إدارة بزشكيان، حيث يتم إعادة تعيين حلفاء سابقين للرئيس المقتول إبراهيم رئيسي في مناصب مؤثرة، ويستبدلون بموالين لبزشكيان.
انتقد حميد راساي، برلماني مؤثر، عودة محمد جواد ظريف إلى منصب النائب الاستراتيجي للرئيس، قائلاً: “إذا تم تجاهل القوانين، فما الفائدة من تمريرها؟”.
كما انتقدت شخصيات أخرى بزشكيان بسبب المحسوبية. وأثار علي رضا سليمي مخاوف بشأن مشاركة أفراد عائلة بزشكيان في الرحلات الحكومية الرسمية، قائلاً: “لقد أصبح اتجاه المسؤولين لإحضار أفراد الأسرة إلى الاجتماعات والرحلات الرسمية أكثر تكرارًا”.
في ظل تصاعد الصراع الداخلي على السلطة، بدأت الشخصيات المقربة من المرشد الأعلى خامنئي، مثل مهدي فضائلي، بالتدخل. وحذر فضائلي من أنه يجب على بزشكيان تحديد إطار واضح للوحدة الوطنية.
في خضم هذا الاقتتال، تستمر الانقسامات الداخلية في إضعاف النظام الإيراني، مما يعمق من حالة عدم الاستقرار في البلاد.