ملفات فلسطينية

على خط أوكرانيا.. فلسطين ليست فقط معايير مزدوجة !

كافة الدول الغربية، بما فيها الاستعمارية، تعترف بالشعب الفلسطيني وبحقوقه الوطنية، كما تقر بأن وجود اسرائيل فوق أرضه هو احتلال. لكن هذا الاعتراف لم يرتق الى درجة اتخاذ اجراءات ميدانية او سياسات مباشرة.

السمة الاساسية في تعاطي الدول الغربية مع القضية الفلسطينية ومع المنطقة بشكل عام هي المعايير المزدوجة. بدت واضحة هذه السياسة منذ ان وطأت اقدام الانتداب البريطاني ارض فلسطين، الذي انحاز مع القوى الاستعمارية الاخرى الى جانب الحركة الصهيونية ومشروعها في فلسطين، وارتكبا أبشع عملية تطهير عرقي يشهدها العالم، بعد ان تم تدمير نحو 530 قرية ومدينة، وتهجير اهلها على يد العصابات اليهودية المدعومة من تلك القوى الاستعمارية.

كانت نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948 محصلة للرعاية والدعم الغربي والاحتضان الذي حظيت به الحركة الصهيونية ومشروعها الفاشي من قبل كافة دول الاستعمار الغربي. وشكلت تلك النكبة مأساة كبرى ليس في تاريخ الشعب الفلسطيني فحسب، بل وفي تاريخ المنطقة والانسانية، لما قادت اليه سياسات ومواقف الدول الغربية من اختلال فادح في موازين العدالة التي ما زالت غائبة عن سماء وارض فلسطين، وما زالت سياسة الانحياز قائمة، بل تعمقت وازدادت شراسة، في تعامل تلك الدول مع قضية فلسطين، وفي تهربها الدائم من استحقاقات نيل الشعب الفلسطيني لحقوقه السياسية والوطنية.

من الناحية النظرية، فإن كافة الدول الغربية، بما فيها الاستعمارية، تعترف بالشعب الفلسطيني وبحقوقه الوطنية، كما تقر بأن وجود اسرائيل فوق أرضه هو احتلال. لكن هذا الاعتراف لم يرتق الى درجة اتخاذ اجراءات ميدانية او سياسات مباشرة، على غرار ما فعلته هذه الدول مع الحركة الصهيونية حين نشأتها، وبما يوصل الشعب الفلسطيني الى دولة نادى بها العالم منذ العام 1947 من خلال قرار الامم المتحدة رقم 181 الذي اقر بتقسيم فلسطين الى دولتين يهودية وعربية، بسطت الاولى سيطرتها بقوة العدوان والارهاب والدعم الغربي، وتعطل قيام الثانية نتيجة الدعم الذي ما زالت تحظى به اسرائيل من قبل دول غربية كانت السبب الاساس في نشوء اسرائيل.

لا نحتاج لكثير عناء كي نثبت ان الدول الغربية، في سياساتها وترجماتها، تعتمد المعايير المزدوجة في اسوأ اشكالها. ففي مناطق معينة نراها حريصة على النظام الدولي وقراراته، حازمة في دفاعها عن القانون الدولي، حتى لو تتطلب الامر خوضها لحروب عسكرية وسياسية واقتصادية، متسلحة بمزاعم الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الانسان.. وفي مناطق اخرى نراها مهادنة، متواطئة بل شريكة ومشجعة على عدم تطبيق القرارات الدولية، خاصة حين تكون اسرائيل طرفا، فتوضع القوانين في الادراج، وتفصل العدالة على مقاسها.. فكم من حروب خاضتها هذه الدول، ومن تدخلات في شؤون دول تحت مزاعم الدفاع عن تلك الشعارات، بغض النظر ان كانت هذه الحروب والتدخلات تحت العلم الازرق.. وكم من الازمات الدولية تجاهلتها، وكم من حقوق انسان انتهكت امام اعين تلك الدول.

قد نبدأ ولا ننتهي في ايراد نماذج عن المعايير المزدوجة في تعاطي الدول الغربية مع قضايا كونية شبيهة بأوضاعنا. ولعل النموذج الفاقع في ازدواجية المعايير هو الحرب في اوكرانيا وما شكلته من تحد لهذه الدول التي تعاطت معها بشكل مختلف عن تعاطيها مع قضايانا، خاصة القضية الفلسطينية، التي ما من قضية عالمية تضاهيها في حجم الدعم الدولي وبالعدد الكبير من القرارات الدولية التي حظيت به.. وبالامكان استعراض مؤشرات لعناوين معينة بالمقارنة ما بين الحرب في اوكرانيا والقضية الفلسطينية:

1) اذا كان لكل دولة توصيفها الخاص للعملية العسكرية الروسية في اوكرانيا، فان توصيف الدول الغربية لما حدث، انه غزو وجب مواجهته من خلال مد اوكرانيا بكل ما تحتاجه من دعم عسكري وسياسي ومالي وصولا الى فرض عقوبات على روسيا ومواطنيها. وبغض النظر عن اهداف هذا الدعم وخلفياته، فالسؤال المشروع هو: اذا كانت الدول الغربية تقر باحتلال اسرائيل للارض الفلسطينية، وتعترف ان مجموعات صهيونية ارهابية ارتكبت الجرائم لتنفيذ مشروعها في فلسطين، فلماذا لم تمد تلك الدول يد العون والمساعدة للشعب الفلسطيني ومساعدته على مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، كما فعلت مع اوكرانيا؟ ولماذا لم تتخذ من الاجراءات العقابية ضد اسرائيل وعصاباتها المسلحة والكيانات الصهيونية التي قدمت لاسرائيل كل الدعم، وهي تتخذ من الدول الاوروبية ملاذا آمنا في تزويد اسرائيل “الدولة” بكل اشكال العدوان.. بل ان ما فعلته الدول الغربية كان اسوأ من توصيف افعالها بالمعايير المزدوجة، بعد ان قامت باحتضان “الدولة العدوانية الوليدة” ووفرت لها كل اشكال الديمومة والحماية كي تتمكن من اداء الوظيفة التاريخية التي اوكلت اليها بالدفاع عن المصالح الغربية في المنطقة، لذلك ليس غريبا ان تأتي هذه الدول بأساطيلها وبوارجها وسفنها الحربية دفاعا عن هذه المصالح، بعد ان عجزت اسرائيل الدفاع عن نفسها في عملية طوفان الاقصى.

2) تعاطت الدول الغربية مع العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا باعتبارها احتلال، بعد ان اصدرت الامم المتحدة قرارين بهذا الخصوص (الاول يدين “ضم روسيا لمناطق أوكرانية” في تشرين اول 2022 والثاني في شباط 2023 يدين “الغزو الروسي لأوكرانيا”). وعلى هذين القرارين بنت الدول الغربية استراتيجياتها في دعم اوكرانيا. اما على مستوى القضية الفلسطينية فان كافة الدول الغربية، ورغم انها تعترف بوجود الشعب الفلسطيني وبان الضفة الغربية وقطاع غزه والقدس الشرقية هي اراض فلسطينية محتلة باقرار عشرات بل مئات القرارات الدولية من مجلس الامن والجمعية العام ومجلس حقوق الانسان ومن عشرات المنظمات الدولية التي اصدرت قرارات تحث العالم على دعم الشعب الفلسطيني وتمكينه من ممارسة حقوقه الوطنية. لكن الدول الغربية، وفي تناقض تام مع ما تدعيه من التزام بقيم العدالة والديمقراطية وحقوق الانسان التي وضعت جانبا، وذهبت بعيدا في توفير الدعم للمحتل، ووفرت له مقومات وجوده فوق الارض الفلسطينية، وشاركت في حرمان شعب من حقه بتقرير مصيره بحرية فوق ارضه، وحين فكرت في العقوبات، فقد فرضتها على الضحية التي تقاوم الغزاة المحتلين.. وحتى اللحظة ما زالت العلاقة غير متوازنة في طريقة وشكل التعاطي السياسي والامني والاقتصادي للدول الغربية مع الاسرائيليين وكياناتهم التي تتخذ من الارهاب وسيلة وحيدة لتحقيق اهدافها، ومع الفلسطينيين ومنظماتهم السياسية الذين يحاصرون ويحاربون ليس لسبب سوى لأنهم يدافعوا عن ارضهم، مثلما فعل الاوكران في دفاعهم عن ارضهم في مواجهة “الغزو الروسي”.

3- رغم ان عددا من الدول الغربية قد وقعت على “الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة”، والتي تعتبر هذا الامر بمثابة الجريمة، الا ان بعض الدول شجعت على هذه الجريمة من خلال توفير الحماية للمرتزقة الذين يقاتلون في اوكرانيا، وقد زاد عددهم عن 13 الف جندي. الغريب هنا ان بعض هذه الدول سنت قوانين داخلية لحماية مواطنيها المرتزقة من الملاحقات القانونية، كونهم “مقاتلي حرية” يدافعون عن قيم العالم الغربي. بينما كانت النظرة الى فصائل المقاومة الفلسطينية والمنتمين اليها مختلفا، حيث وصفتهم بأسوأ الصفات وخلعت عنهم انسانيتهم عندما استعانوا بحق مباح لهم وفقا للقانون الدولي اولا وللقيم التي تزعم تلك الدول الدفاع عنها.. ووصل الامر ببعض الدول درجة سنها قوانين تجرم الشعب الفلسطيني على مقاومته الاحتلال وايضا قوانين تلاحق مواطني تلك الدول المتعاطفين مع القضية الفلسطينية تحت شعارات “العداء للسامية”. وهنا التناقض الفاضح بين شعب له الحق بالمقاومة باعراف القانون والطبيعية والاخلاق والسياسية والانسانية لكنه يلاحق ويتهم بالارهاب، ومرتزق لا تربطه بمكان الصراع سوى المصالح الشخصية البعيدة عن الوطن والوطنية لكن يتم احتضانه وتغدق عليه كل المحفزات والامتيازات.

4- نموذج آخر يبرز التناقض في التعاطي بين مسألة تتشابه الى حد كبير في الكثير من عناصرها وهي ازمة اللاجئين الاوكران. ومع التأكيد على حق لاجئي اوكرانيا بالحصول على كل اشكال الدعم من اعضاء الاسرة الدولية وتوفير احتياجاتهم المعيشية، فان التناقض يبرز واضحا في النظرة التمييزية لمعظم الدول الغربية تجاه حالات انسانية مماثلة في اماكن اخرى من العالم وتجاه لاجئين من اجناس واعراق مختلفة.

لقد اغدقت الاموال على اللاجئين الاوكران الذين فروا نتيجة الحرب الى دول مجاورة، اما اللاجئون الفلسطينيون الذين يتجاوز عددهم ستة ملايين ونصف المليون، فهم عاجزون عن الوصول الى احتياجاتهم المعيشية والحياتية، بسبب المشكلة المالية التي تعيشها وكالة الغوث (الاونروا)، المعنية بتوفير الخدمات لهم، لدرجة ان هذه الوكالة لم تعد قادرة على مواصلة تقديم خدمات الصحة والتعليم، وتعجز الدول الغربية عن معالجة عجز مالي بمبلغ بسيط جدا لا يكاد يساوي شيئا مقارنة بما قدمته لمناطق اخرى، بل على العكس فان وكالة الغوث (التي هي جزء من منظومة عمل الامم المتحدة) هي اليوم في مرمى النار الاسرائيلية، لكن لا نجد من تلك الدول سوى الشكوى والاحتجاج الذي لا غير من واقع ولا قدم حلولا للمشاكل المالية والسياسية التي تشكو منها الاونروا، نتيجة لتسييس الدعم المالي من قبل دول تسعى لتحقيق اهداف سياسية لصالح اسرائيل.

5- في مجال العقوبات، وفي تأكيد على سياسة المعايير المزدوجة في التعاطي مع القضايا الدولية، فقد فرضت الدول الغربية على روسيا اكبر حزمة من العقوبات تشهدها دولة خلال فترة قصيرة (من عام 2022 وحتى عام 2024)، حيث بلغ عددها حوالي 17 الف عقوبة شاركت فيها بشكل اساسي: الولايات المتحدة وعدد من الدول الاوروبية وكندا واليابان، وشملت افرادا وكيانات روسية رسمية وخاصة سياسية، واقتصادية ومالية، وثقافية وفنية، وإعلامية ورياضية.

اقرأ أيضا| لا وجود لما يسمى «المناطق الإنسانية» في غزة

اما في العلاقة مع اسرائيل، ورغم مرور ما يزيد عن 76 عاما على احتلال فلسطين و67 عاما على احتلال الضفة الغربية وقطاع غزه والقدس الشرقية، المرسم بقرارات من الامم المتحدة ومجلس الامن وعشرات المنظمات الدولية والاقليمية، الا ان الدول الغربية لم تتخذ ما ينسجم مع كون اسرائيل كدولة محتلة، رغم ان هذا التوصيف يحظى باجماع دول العالم واكدته مؤخرا محكمة العدل الدولية في تموز 2024 حين اعتبرت ان الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية مخالف للقانون الدولي ووجب على جميع الهيئات والدول الامتناع عن مساعدة أو دعم اسرائيل.. لكن رغم ذلك لم تفرض على اسرائيل اية عقوبة ذات شأن، بل على العكس، زادت الدول الغربية والولايات المتحدة من دعمها لاسرائيل على كافة المستويات العسكرية والمادية والسياسية والقانونية والقضائيو، ووفرت لها ديمومة البقاء والاستمرارية.

لن نستعرض تاريخ المجازر والجرائم الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، فقد نود الاشارة الى انه خلال السنوات الاربعة الاخير (2021 – 2024) استشهد برصاص الاحتلال والمستوطنين اكثر من1500 شهيد فلسطيني في الضفة الغربية والقدس، اضافة الى آلاف الاعتداءات التي توزعت على اطلاق نار، حرق منازل وممتلكات، هدم منازل، اعتقالات واختطاف اطفال وغير ذلك من ممارسات ارهابية لم تجد من الدول الغربية الا الادانة اللفظية وعقوبات على بضع افراد من المستوطنين. وهذه العقوبات هي بحد ذاتها تفتقد الى التوازن وتشكل انحيازا للاحتلال بل تواطؤ في الجريمة. فالحديث عن ما يسمى “عنف المستوطنين” لا يعكس حقيقة ما يجري على الارض ويقدم المشهد على غير حقيقته. لأن ما يجري ليس استفزازات غير قانونية كما تزعم بعض الدول، في محاولة لتخفيف وقع الاجرام الاسرائيلي، بل هو ارهاب منظم ومسلح.. بل سياسة ممنهجة تحظى بدعم الحكومة ومختلف مؤسساتها وتهدف الى طرد وتهجير الشعب الفلسطيني في اطار استراتيجية نظام الابارتهايد الاسرائيلي.

وبعيدا عن توصيف اسرائيل ككيان احتلالي يمارس كل اشكال الارهاب الموصوف وعشرات الجرائم التي تشكل كل واحدة منها سببا كافيا لعزلها ومقاطعتها على المستوى الدولي. وما فعلته اسرائيل خلال عام فقط في قطاع غزه يستحق ما هو ابعد من حالات الاستنكار التي لا انهت احتلالا ولا اوقفت ممارسات احتلالية لم يشهدها اي احتلال على وجه الارض.. ففي ارض القطاع، وخلال اقل من عام فقط، شهدت الانسانية افظع صور الابادة التي طالت كل شرائح المجتمع الفلسطيني، ما يؤكد ان اسرائيل اعتمدت سياسة الارض المحرق بتدمير كل شيء.

لقد قتلت اسرائيل في حرب الابادة في غزه الآلاف من المبدعين والمفكرين الذين يتوزعون على كافة صنوف العلم والمعرفة من اساتذة جامعات وقامات علمية سجلت ابداعاتها لدى الهيئات الدولية (اكثر من 150 شخصية من حملة درجة البروفيسور والدكتوراه والماجستير)، صحفيين، اطباء، مهندسين، ادباء، كفاءات من أصحاب الاختصاصات النادرة، رجال اعمال فنانين، اكثر من 800 من الكوادر الطبية، منهم اصحاب تخصصات نادرة وأساسية، تدمير أكثر من 110 جامعات ومدارس بشكل كلي، إضافة إلى تدمير 316 جامعة ومدرسة بشكل جزئي.

كما طالت الحرب ايضا اكثر من 350 شهيدا من الرياضيين المنتمين الى اتحادات محلية واعضاء في الاتحادات الاقليمية والدولية، اضافة الى ان نحو 90 بالمائة من المرافق الرياضية تعرضت للتدمير. ورغم ان الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم على سبيل المثال قد خاطب الاتحادات الرياضية الغربية والدولية بشأن جرائم اسرائيل واستهدافها المتعمد للحركة الرياضية ودعوتها لمقاطعتها، كما حصل مع الاتحادات الرياضية الروسية، الا ان ردة فعل تلك الاتحادات كانت الصمت والعجز نتيجة الضغوط السياسية التي تتعرض لها من الحكومات الغربية بشكل خاص.

وبغض النظر عما قامت به المقاومة الفلسطينية في 7 اكتوبر من عملية جاءت نتيجة تراكمات من القهر والحصار والاحتلال والجرائم، فموقف الدول الغربية، خاصة تلك التي اعلنت دعمها للعدوان الاسرائيلي على غزه، ما زالت تعتبر ان اسرائيل تدافع عن نفسها، رغم انها دولة احتلال. فأية قوانين استندت اليها تلك الدول في منح دولة احتلال الحق بالدفاع عن نفسها من شعب محتلة ارضه ويعيش القهر اليومي نتيجة هذا الاحتلال وما يترتب عليه من فظائع يومية. بل ان القانون الدولي هو الذي يبيح لشعب رازح تحت ظلم الاحتلال ان يقاومه بمختلف الاشكال، والواجب الاخلاقي والسياسي والقانوني والانساني لدول العالم هو دعم الشعب الذي يعيش الاحتلال ومعاقبة من يحتل الارض وليس العكس.

يعلم الشعب الفلسطيني وكل الشعوب الحرة ان العلاقات الدولية لا تتحرك استنادا للقانون والعدالة، بل ان المصالح هي التي تتحكم بسياسات الدول، التي تعرف لدينا بالنفاق السياسي، فكيف يمكن مطالبة الولايات المتحدة ان تفرض عقوبات على دولة هي من تمدها بكل اشكال الدعم، بل انها تشكل اكسيرالحياة بالنسبة لاسرائيل ككيان ذو وظائف امنية واستراتيجية. وكيف لدول مثل بريطانيا وايطاليا والمانيا وغيرها ان تكون متوازنة في علاقاتها الدولية وهي من تساهم في تزويد اسرائيل بالاسلحة وبالمعلومات الاستخباراتية والامنية، وهي التي تدافع عنها في المحافل الدولية وداخل الدول في مواجهة كل من يحاول انتقاد هذه السياسات.

لذلك لا يمكننا توصيف سياسة الشراكة في الجريمة بالمعايير المزدوجة، بل توصيفه الحقيقي الذي ينسجم مع الواقع هو ان الدول الغربية جزءا اساسيا من المشكلة، ولو ارادت ان تفرض على اسرائيل استجابتها والتزامها بالحد الادنى من قيم العدالة والانسانية لفعلت ذلك، لكن الواضح ان الوظيفة التاريخية التي اوكلت لاسرائيل، ورغم تآكلها وتعرضها لضربات كبيرة، فما زالت الدول الغربية تبذل محاولات لانعاشها، لكن المؤكد، وكما اكدت تجارب التاريخ، ان ارادة الشعوب هي الباقية والمنتصرة دوما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى