كيف يخطط البيت الأبيض لاستغلال الذكاء الاصطناعي؟
تتمتع تقنيات الذكاء الاصطناعي بإمكانات هائلة قد تثري العالم أو تدمّره. وقد تمّت دراسة التداعيات الأمنية الوطنية بشكل مكثف في اجتماع لمجموعة استراتيجية أسبن في تموز (يوليو)، حيث قدّم فيليب زيليكو، مسؤول سابق في وزارة الخارجية وأستاذ في جامعة ستانفورد، اقتراحًا للحدّ من المخاطر.
تركّز الاستراتيجية الجديدة للبيت الأبيض على وكالات الدفاع والاستخبارات، بمساعدة معهد سلامة الذكاء الاصطناعي الذي تمّ إنشاؤه مؤخّرًا في وزارة التجارة والمعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا التابع لها. وستعمل وزارة الدفاع ومجتمع الاستخبارات والتجارة على تطوير شراكات مع 5 شركات خاصة تهيمن على أبحاث الذكاء الاصطناعي، وكلها أميركية: “أوبن إيه آي” المدعومة من “مايكروسوفت”، وDeepMind التابعة لشركة “غوغل”، و”إكس أيه آي” التابعة للملياردير إيلون ماسك، و”ميتا إيه آي” والشركة الناشئة “أنثروبيك”.
وتعمل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على إعداد “مذكرة أمن قومي” رسمية تتعلق بالذكاء الاصطناعي، بهدف استكشاف سبل تمكن الولايات المتحدة من “الحفاظ وتوسيع المزايا الأميركية” في تقنيات الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تُحدث تحولًا في مجالات العلوم والأعمال والحرب، وفقًا لما ذكره مسؤول كبير في الإدارة الذي اطلع على مسودة المذكرة. وفقا للنهار العربي.
مشروع مانهاتن الأصلي
وقال المسؤول في الإدارة، إن المذكرة “ستوفّر إطارًا للاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي، ما سيمكن من التبنّي بشكل أسرع” في الحكومة والقطاع الخاص. ولفت إلى أن المذكرة يجب أن تكتمل في أواخر أيلول (سبتمبر) أو أوائل تشرين الأول (أكتوبر).
وقال الكاتب ديفيد إغناثيوس في صحيفة “واشنطن بوست” لن يتبنّى فكرة “مشروع مانهاتن للذكاء الاصطناعي”، الذي طالب به البعض، وهو اقتراح يهدف إلى تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بسرعة وكثافة، على غرار مشروع مانهاتن الأصلي الذي أدّى إلى تطوير القنبلة النووية خلال الحرب العالمية الثانية. بدلاً من ذلك، سيقدّم النهج الجديد منصة للتعاون والاختبار بين القطاعين العام والخاص، تشبه المختبرات الوطنية مثل لورانس ليفرمور في بيركلي، كاليفورنيا، أو لوس ألاموس في نيو مكسيكو.
التكنولوجيا التحويلية
إن كيفية تعامل الحكومة مع هذه التكنولوجيا التحويلية هو موضوع يثير اهتمام صنّاع السياسات على الصعيدين المحلي والدولي. وقد تمثّل الاختبار الأول في مشروع قانون سلامة الذكاء الاصطناعي الذي أقرّه المجلس التشريعي في كاليفورنيا مؤخّرًا.
يتضمن هذا القانون بندًا رئيسيًا يُلزم شركات الذكاء الاصطناعي باتخاذ “العناية المعقولة لتجنّب المخاطر غير المعقولة” التي قد تؤدّي إلى كوارث، وفقًا لمحامي سلامة الذكاء الاصطناعي الذي عمل على التشريع. وقد أثار مشروع القانون انقسامًا كبيرًا بين شركات التكنولوجيا في وادي السيليكون، ولم يعلن الحاكم بعد ما إذا كان سيوقّع عليه أم لا.
التداعيات الأمنية
يسعى البيت الأبيض إلى ربط الرقابة الفيدرالية المستقبلية على الذكاء الاصطناعي بوضع المعايير الدولية التي بدأت بالفعل. وقد تبنّى الاتحاد الأوروبي مؤخّرًا أول إطار تشريعي رئيسي للذكاء الاصطناعي في العالم. كما ساعد معهد سلامة الذكاء الاصطناعي البريطاني في عقد قمة ضمّت 28 دولة في بلتشلي بارك في تشرين الثاني (نوفمبر)، واجتماع متابعة في سيول في أيار (مايو)، بمشاركة الصين.
اقرأ ايضا| أطلقتها «إنتل».. ما هي شرائح لونر ليك؟
تتمتع تقنيات الذكاء الاصطناعي بإمكانات هائلة قد تثري العالم أو تدمّره. وقد تمّت دراسة التداعيات الأمنية الوطنية بشكل مكثف في اجتماع لمجموعة استراتيجية أسبن في تموز (يوليو)، حيث قدّم فيليب زيليكو، مسؤول سابق في وزارة الخارجية وأستاذ في جامعة ستانفورد، اقتراحًا للحدّ من المخاطر. وأكّد زيليكو أن التزام الحكومة الأول هو تقييم التهديدات، بما في ذلك الكوارث التي قد تخلقها “أسوأ الناس والحكومات في العالم”، باستخدام النماذج المتقدمة. كما يجب على الحكومة تقييم الدمار الذي قد يخلّفه الذكاء الاصطناعي “المارق” واتخاذ التدابير المضادة المناسبة.
البحوث النووية
تشبيه مشروع مانهاتن مغرٍ، حيث أشار زيليكو إلى أن ميزة التحرك الأول قد تكون حاسمة تاريخيًا، لافتاً إلى الخطر الذي كان يمكن أن يشكّله أدولف هتلر إذا طور القنبلة النووية أولاً. ومع ذلك، يزعم غراهام أليسون، أستاذ في كلية هارفارد كينيدي، أن واشنطن قد لا تستطيع قيادة الذكاء الاصطناعي بنفس الطريقة التي قادت بها البحوث النووية، نظرًا لأن التقنيات المتطورة والأموال اللازمة لتمويلها مملوكة للقطاع الخاص.
مؤسسة “راند”، RAND Corporation التي تأسست عام 1948 كمؤسسة غير ربحية لتقديم تحليلات وأبحاث للقوات المسلحة الأميركية، تلعب الآن دورًا أساسياً في مساعدة صنّاع السياسات على التفكير في مخاطر الذكاء الاصطناعي، من خلال مشروع “الجغرافيا السياسية لمبادرة الذكاء الاصطناعي العام”. يهدف المشروع إلى استكشاف أوجه عدم اليقين حول ظهور الذكاء الاصطناعي العام، وما إذا كانت الدولة التي تحصل عليه أولاً ستتمتع بميزة استراتيجية لا يمكن كسرها.
المناقشة حول الذكاء الاصطناعي مستمرة، والعالم التكنولوجي يشهد انقسامًا حادًا. هناك “المتشائمون” الذين يرون في الذكاء الاصطناعي العام تهديدًا وجوديًا للبشرية، في مقابل “المسرعين” الذين يعتبرونه أداة لتحسين كل جوانب حياتنا، كما يعبّر عن ذلك المتفائل التكنولوجي مارك أندريسن، الذي كان له دور في اختراع أول متصفح للإنترنت.
تعليق واحد