ملفات فلسطينية

ضرورة تواجد منظمة التحرير الفلسطينية في المفاوضات الحالية

تواجد واشتراك منظمة التحرير الفلسطينية بخبرتها العميقة والتراكمية وبصفتها العنوان والممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، سيكون له الكثير من النتائج الإيجابية ليس فقط على صعيد موقف حركة حماس التفاوضي.

في اللقاءات الأخيرة بين حركتي فتح وحماس خصوصًا والفصائل الفلسطينية عمومًا، تمّ الاتفاق على دخول حركة حماس إلى منظمة التحرير الفلسطينية، طبعًا بعد قبولها الالتزام بالتزامات المنظمة وتعهداتها الدولية التي كانت عاملًا مهمًا لتمثيلها للشعب الفلسطيني وقبولها عالميًا.

ولكن هذا الاتفاق بقي حبرًا على ورق كما كان متوقعًا، وقد أبدى الطرفان تشككًا في إمكانية تطبيقه على الأرض بعد توقيعه مباشرة. وللأمانة الوطنية ودون أي تحيّز، إن تطبيق ما تم الاتفاق عليه في العاصمة الصينية بكين وقبله في العديد من العواصم العالمية، هو ممكن ومتاح حاليًا أكثر من أيّ وقت سابق، ويقع على عاتق حركة حماس بالتحديد، فالكرة في ملعبها اليوم، وتقع عليها مسؤولية القيام بالخطوة الأولى والتي تتجسد بضرورة تواجد واشتراك منظمة التحرير الفلسطينية في المفاوضات الجارية حاليًا والمتنقلة بين الدوحة والقاهرة.

إن تواجد واشتراك منظمة التحرير الفلسطينية بخبرتها العميقة والتراكمية وبصفتها العنوان والممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، سيكون له الكثير من النتائج الإيجابية ليس فقط على صعيد موقف حركة حماس التفاوضي، بل على صعيد القضية الفلسطينية والوسيط العربي المصري والقطري ككل.

فوجود طرف فلسطيني على طاولة المفاوضات، يتحدث باسم الفلسطينيين، لا وسيط عربي مهمته فقط نقل الرسائل بين إسرائيل وأميركا من جهة وحماس من جهة أخرى، سيعزز لا محالة من الموقف الفلسطيني الذي يمثل كل الفلسطينيين لا فصيلا فلسطينيا واحدا أو فصيلين (حماس والجهاد)، وسيفشل كل المحاولات الإقليمية المتقاطعة مع الإرادة الإسرائيلية والأميركية لإقصاء عنوان الشرعية الفلسطينية الذي تمثله منظمة التحرير الفلسطينية.

فهل هناك إجابة مقنعة على سؤال عن “من هو المستفيد من إقصاء منظمة التحرير في المفاوضات الحالية”؟ فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يريد فقط عودة حماس لتولي السلطة في غزة في سيناريو اليوم التالي كما هو لا يريد السلطة الوطنية أيضًا، وهو يرفض “حماستان” و”فتحستان” حسب تعبيره.

يجب على قيادة حركة حماس الاستفادة من الخبرة الدبلوماسية لمنظمة التحرير، فالعمل الدبلوماسي هو الذراع الخارجية للعمل السياسي، مع ضرورة الاعتراف بنقص وفقر التجربة الدبلوماسية لحركة حماس والتي اقتصرت على إقامة علاقات محدودة مع كل من سوريا وتركيا وقطر وإيران والجزائر، وهذه العلاقات لم تكن متوازنة وكانت مؤذية لها وأدت إلى اتهامها بالتبعية مرارًا وتكرارًا.

من الممكن اعتبار أن الدبلوماسية الحمساوية انطلقت في مطلع الألفية الثانية أي بعد انتفاضة الأقصى، مع ضرورة العودة إلى حالة تعاطف مع الحركة في دول الخليج العربي تحديدًا، في مطلع تسعينات القرن الماضي بسبب حرب الخليج الثانية وموقفها من الرئيس الراحل ياسر عرفات (أبوعمار).

ولو قمنا بعملية مراجعة للتجربة الدبلوماسية الفلسطينية لحركة حماس سنجد أنها لم تكن تولي اهتمامًا كبيرًا بالدبلوماسية على عكس الفعل العسكري والسياسي.

لو تعمقنا أكثر في تجربتها الدبلوماسية لوجدنا أنها مشوبة بالخلل والزلل والانفعال بداية من انقلابها الأسود الذي وتّر علاقاتها مع الكثير من الدول وغيّر نظرة العديد من شعوب المنطقة نحوها وموقفها فيما بعد من ثورات الربيع العربي ككل مما أدى لتصنيفها كحركة إرهابية في بعض الدول العربية، كموقفها من القيادة المصرية وقضية تهريب المساجين من السجون والمحاكمات لبعض الحمساويين على سبيل المثال لا الحصر، مما أدى لوصول العلاقات بين الطرفين للحضيض كما هو معروف.

لو تعمقنا أكثر في تجربة حماس الدبلوماسية لوجدنا أنها مشوبة بالخلل والزلل والانفعال بداية من انقلابها الأسود الذي وتّر علاقاتها مع الكثير من الدول وغيّر نظرة العديد من شعوب المنطقة نحوها

وإن أجرينا نظرة سريعة، نجد أن حركة حماس كانت غير موفقة سياسيًا ولا دبلوماسيًا، وخصوصًا بعد المقارنة بين موقفها وموقف حركة فتح من الأحداث في سوريا، وكيف كان لفتح نظرة عميقة ووطنية وقومية صحيحة على عكس حركة حماس التي استعدت القيادة السورية التي احتضنتها بسخاء، وتحملت تبعات رفضها للضغوط الأميركية لإغلاق مكاتب حماس في دمشق، حيث كانت الأخيرة داعمًا مهمًا للفلسطينيين وخاض جيشها الباسل العديد من المعارك ضد إسرائيل وقدم قوافل من الشهداء، وامتزج الدم الفلسطيني والدم السوري مرات لا تعد ولا تحصى على أرض المعركة.

وبدورها اعتبرت فتح أن خسارة دمشق ستكون كخسارتها لبغداد مما سيضعف القضية الفلسطينية ككل، وستكون لها نتائج سلبية ليس عليها فقط بل على بلد شقيق ومجاور يعامل فيه الفلسطيني كأنه في وطنه ويحظى بحقوق متساوية مع شقيقه السوري وفي وطنه الأم سوريا، بل على صعيد منطقة الشرق الأوسط، فالمستفيد الأول من إنهاك الجيش العربي السوري هو إسرائيل في المقام الأول.

اقرأ ايضا| سلطة فلسطينية أم ميليشيا إقليمية

من المعروف عن القيادة الفلسطينية الحالية رفضها رفضًا قاطعًا لأيّ محاولة تدخل سلبية في أيّ دولة عربية شقيقة وفي المقابل هي ترفض أيّ تدخل في شؤونها وقراراتها ولهذا هي أكدت وتؤكد على القرار الوطني الفلسطيني المستقل الذي أظهر شجاعة نادرة في رفض أيّ تدخل عربي كان أم إقليميا في القضية الوطنية، وتتعامل بندية مع كل الدول العربية والإقليمية.

ومن الضرورة بمكان أن تتذكر قيادة حماس الموقف الدبلوماسي والوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية عندما قادت حملة دبلوماسية كبيرة ناجحة أفشلت تصنيف حركة حماس كحركة إرهابية داخل أروقة الأمم المتحدة وبتوجيهات مباشرة من شيخ الدبلوماسية الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن).

على حركة حماس اليوم الانصهار داخل منظمة التحرير الفلسطينية، وألا يكون ما حدث من لقاءات سابقة هو مناورة سياسية فقط لكسب الوقت وللاحتماء داخل المنظمة المسوّرة بالشرعية والمعمّدة بدماء الشهداء، وللوصول لموقف فلسطيني موحّد ولضرب أكثر من عصفورين بحجر واحد، يجب المباشرة بالعمل لتشكيل وفد فلسطيني موحّد يشارك في المفاوضات والاستفادة من الخبرات العملية والعتيقة لمنظمة التحرير الفلسطينية، فهذا الوفد لا يعزز الموقف الفلسطيني فقط ويحرج الموقف الأميركي والإسرائيلي، بل هو يوجّه ضربة قوية لسيناريوهات اليوم التالي التي تقصي كل عنوان فلسطيني للحكم في غزة سواء كان من فتح أو من حماس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى