أميركا… الانتخابات وإثارة المخاوف ضد الصين
تعد ولاية ميشيغان من الولايات المتأرجحة المحورية في انتخابات نوفمبر المقبل، وأظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» وجامعة سيينا هذا الشهر أن نائبة الرئيس كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية، تتقدم على الرئيس السابق دونالد ترمب، المرشح الجمهوري، بنسبة 4 في المائة
على مدى عامين، كانت بلدة ريفية في وسط ولاية ميشيغان متورطة فيما يشبه الحرب الأهلية بسبب خطط من قبل شركة صينية لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية لبناء مصنع تبلغ قيمته 2.4 مليار دولار أميركي.
وفي يوم الثلاثاء الماضي، اصطدم السخط المحلي بالسياسة الرئاسية في الوقت الذي سعت فيه حملة ترمب إلى الاستفادة من المشاعر والمخاوف المعادية للصين بشأن مستقبل صناعة السيارات الكهربائية في ميشيغان لتحقيق مكاسب سياسية.
وقد حوّل الصراع على منشأة بطاريات السيارات الكهربائية بلدة غرين تشارتر – التي تقع على بعد 60 ميلاً شمال غراند رابيدز – إلى ساحة معركة حول الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة. وأعرب السكان عن مخاوفهم من المصنع، بما في ذلك أن الصين سوف تستغله للتجسس على الأميركيين، وسوف يُلوث البيئة المحلية.
وأدى النقاش حول نيات الشركة الصينية «غوشن»، إلى عقد اجتماعات مفتوحة غاضبة، وإقالة مجلس بلدية المدينة في انتخابات جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، هذا غير الدعاوى القضائية حول مستقبل المشروع.
تعد ولاية ميشيغان من الولايات المتأرجحة المحورية في انتخابات نوفمبر المقبل، وأظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» وجامعة سيينا هذا الشهر أن نائبة الرئيس كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية، تتقدم على الرئيس السابق دونالد ترمب، المرشح الجمهوري، بنسبة 4 في المائة.
وفي مزرعة للخيول تبلغ مساحتها 150 فداناً، ويملكها أحد أكثر الناشطين صخباً في حملة «لا لشركة غوشن»، ألقى السيناتور جيه دي فانس، المرشح لمنصب نائب الرئيس ترمب، باللوم على هاريس لوصول شركة «غوشن» إلى ميشيغان. في عام 2022 أدلت هاريس بصوتها الحاسم الذي مكّن من تمرير قانون خفض التضخم، والذي خلق مليارات الدولارات من إعانات دعم الطاقة الخضراء الجديدة، وجذب الشركات الأجنبية إلى الولايات المتحدة.
وقال فانس بعد ظهر يوم الثلاثاء إن «كامالا هاريس لا تريد فقط السماح للحزب الشيوعي الصيني ببناء مصانع على الأراضي الأميركية، بل تريد أن تدفع لهم مقابل ذلك من أموال الضرائب التي لدينا». وأضاف أن «الديمقراطيين يساعدون الصين في تدمير صناعة السيارات واستبدالها من الداخل والخارج». وانفجر حشد من نحو 500 من مؤيدي حملة ترمب، والبعض منهم كان يرتدي القمصان يتهمون الشركات الصينية باستخدام العمالة القسرية، في صيحات استهجان صاخبة عندما ذكر فانس اسم شركة «غوشن».
وقدرت وزارة الخزانة الأميركية أن 2 في المائة فقط من استثمارات الطاقة النظيفة التي تمت في الولايات المتحدة خلال إدارة بايدن كانت من قبل شركات صينية، وأن الشركات الأميركية أو حلفاء الولايات المتحدة يمثلون النسبة الباقية.
خلال فترة ولايته القصيرة في مجلس الشيوخ، حيث يمثل ولاية أوهايو، كان فانس من الصقور المناوئين للصين. فقد قدم مشروع قانون عام 2024 لمكافحة التلاعب بالعملة الصينية، فضلاً عن تشريع آخر من شأنه أن يضمن عدم تصنيع الاختراعات الناجمة عن الأبحاث الممولة من دافعي الضرائب في بلدان معادية مثل الصين.
كما تحدث ترمب بشدة عن الصين، ففرض رسوماً جمركية شديدة على صادراتها أثناء توليه الرئاسة، وانتقل إلى حظر تطبيق «التيك توك» من متاجر التطبيقات الأميركية بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي. ومنذ ذلك الوقت ظل يراوغ «تيك توك» قائلاً إنه إذا انتخب «فسوف يُنقذ (تيك توك)». ورغم آرائه المعادية للصين، فإن الرئيس ترمب رحّب بالاستثمار الأميركي من قبل شركة «فوكسكون» التايوانية، التي تستمد كثيراً من إيراداتها من مصانعها الصينية.
وجاء قرار فانس بخوض المعركة بشأن شركة «غوشن» في أعقاب تحول آخر من طرف ترمب، الذي أشار في وقت سابق من هذا العام إلى الانفتاح على الاستثمار الأجنبي. وخلال تصريحات أدلى بها في مارس (آذار) الماضي، وفي خطابه الذي ألقاه في يوليو (تموز) الماضي في المؤتمر، أشار ترمب إلى أنه سيرحب بالشركات الأجنبية، بما في ذلك الشركات الصينية، التي تبني مصانع سيارات في الولايات المتحدة إذا كانت مزودة بعمال أميركيين.
وقد تبنى تشاك ثيلين، نائب رئيس شركة «غوشن» للصناعات التحويلية في أميركا الشمالية، تلك التصريحات خلال اجتماع افتراضي رسمي الشهر الماضي، مما يشير إلى أن ترمب كان داعماً للشركات الصينية مثل شركة «غوشن» التي تنشئ مصنعاً في الولايات المتحدة.
في الأسبوع الماضي، غيّر ترمب موقفه بشأن هذه القضية. وقال إنه يُعارض مشروع الحكومة الذي يدعمه الديمقراطيون في ميشيغان. ومن بينهم الحاكمة غريتشن ويتمر التي أشاد بها بوصفها مكسباً للولاية. ومن المتوقع أن يُوفر مصنع البطاريات أكثر من 2000 فرصة عمل في المنطقة.
وقال ترمب عبر منصات التواصل الاجتماعي: «سيكون مصنع (غوشن) سيئاً للغاية بالنسبة للولاية ولبلدنا. فهذا من شأنه أن يضع سكان ولاية ميشيغان تحت رحمة الحزب الشيوعي الصيني في بكين. أنا معارض بنسبة مائة في المائة!».
وقال ثيلين في بيان له إنه لم يقصد الإشارة إلى أن ترمب يدعم «غوشن»، لكنه أشار إلى أن الشركة لديها علاقة جيدة مع إدارة ترمب. وقال إن الشركة تمضي قدماً في خططها. وأضاف أن «ترمب يريد أن يزدهر سكان ولاية ميشيغان واقتصادنا المحلي من هذه الأنواع من الوظائف، ونحن كذلك».
وحصلت شركة «غوشن» على 800 مليون دولار في شكل إعانات حكومية، مثل المنح والإعفاءات الضريبية، من الصندوق الاستراتيجي لميشيغان. ويمكن للشركة أيضاً أن تحصل على إعفاءات ضريبية من قانون خفض التضخم.