غزة

غزة لن تعود وإيران لا ترد ولن تحارب!؟

إيران لن ترد على اغتيال إسماعيل هنية لأنها تخشى الانجرار إلى حرب قد تدمر بلادها. لا يمكن لعاقل أن يتقبل فكرة تدمير دولة بحجم إيران من أجل مدينة صغيرة مثل غزة، لا تشكل أي أهمية استراتيجية لإيران. بل حتى لو دُمر لبنان وحزب الله.

اختلال العقل السياسي دفع حماس إلى أن تأتي بآخر النكبات الكبرى لشعب فلسطين. الحرب ضد غزة وتدمير القطاع بالكامل لن تتوقف؛ فهذه فرصة مثالية لآلة الحرب الإسرائيلية وأفكار الحريديم الانتقامية التي توجه مواقف وسلوكيات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ما جعله يتمادى دون رادع، خصوصًا بعد تراجع قوة التصدي لحماس والجهاد، وحجم الخسائر الهائلة التي أصابت الفلسطينيين.

إيران لن ترد على اغتيال إسماعيل هنية لأنها تخشى الانجرار إلى حرب قد تدمر بلادها. لا يمكن لعاقل أن يتقبل فكرة تدمير دولة بحجم إيران من أجل مدينة صغيرة مثل غزة، لا تشكل أي أهمية استراتيجية لإيران. بل حتى لو دُمر لبنان وحزب الله، فلن تدخل إيران الحرب. في السياسة ومع مصالح الأوطان، لا توجد مبادئ ثابتة، بل هناك موازنات القوة والمصالح. وقد فهم الإيرانيون الدرس بعد حرب الثماني سنوات مع العراق.

من هنا، ينبغي مراجعة الأدوار بحسابات صحيحة للدول التي تذعن لإيران من جهة، وتمارس ازدواجية الموقف مع أميركا من جهة أخرى، وعدم الانسياق خلف الشعارات. إيران لديها استراتيجيات تهدف إلى توسيع الهيمنة والنفوذ في الشرق الأوسط، وهي مستمرة في تنمية محطات وقواعد وجود بديلة وغير مكشوفة حاليًا.

والأقرب من الشرق الأوسط بالأهمية الجيوسياسية دول أفريقيا على البحر الأحمر وكذلك في العمق الإسلامي الأفريقي، حيث منصات “عقائدية وميليشياوية” قد تحل بديلة عن الحوثيين، لأنَّ إيران تدرك أن عمر الحوثي العسكري قصير جدًا، رغم الزخم الإعلامي الذي يوليه الغرب للظاهرة الحوثية وقوتها في تعطيل الملاحة التجارية في إحدى أهم الممرات المائية في الشرق.

الهدية العظمى التي نالتها إيران تتمثل في العراق، الحاجز العقائدي والمورد الأعظم بشريًا وماليًا، وكذلك نمط التبعية اليسير جدًا، بعد الخلل البنيوي الذي حدث في العراق بعد 2003، وانتقال الهوامش والأتباع إلى مركز القرار بدعم وتأييد إيراني، دون وجود معارضة فاعلة تهددها، كما حدث في سوريا ولبنان، البلدان اللذان أصبحا ثقبين أسودين يبتلعان الجنرالات الإيرانية من قادة وخبراء فيلق القدس جراء القنص الإسرائيلي – الأميركي.

إيران تمتلك آفاقًا واسعة للمناورة السياسية، فهي بعلاقة منافع تبادلية مع روسيا، ويمكنها تحجيم العلاقة مع روسيا متى ما وجدت مكاسب أفضل وأقوى من الجانب الأميركي والأوروبي، بما ينسجم مع تنمية مشاريعها الاستراتيجية المتوقفة أو المستحدثة التي تنتظر الانطلاق. ومعروف عن العقل السياسي الإيراني امتلاكه لحيز كبير من البراجماتية السياسية، الأمر الذي جعل النظام الإيراني يتعرض لاهتزازات داخلية وخارجية عديدة وعميقة، لكنه لم يسقط.

اقرأ ايضا| عن حماية المدنيين في غزة

مشروع المقاومة بدأ يخفت صوته، وإن بقيت بعض المنصات تحاول تأكيده. لكن بإمكان أميركا أن تقلب مشروع المقاومة إلى مصالحة وسلام، والانفتاح على مسارات جديدة، بمجرد أن تخفف إجراءات الحصار عن إيران، وتسمح بإطلاق أموالها المحجوزة والاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني. ولا شيء يختلف لدى الولائيين وفق المنطق الذرائعي الذي تتمتع به إيران لتبرير أفعالها أمام الرأي العام الإيراني وكذلك وكلاؤها تحت عناوين حفظ بيضة المذهب وغيرها من التبريرات.

جدل الحرب والسلام والمفاوضات بشأن غزة ومسار الحرب اللبنانية – الإسرائيلية، ربما ينقلب وفق مفاجآت القرار الإسرائيلي الذي يتحين الفرص للحرب مع إيران وحزب الله، ويتحول نحو اجتياح الجنوب اللبناني. عندها، تختفي غزة من نشرات الأخبار وأولوية الاهتمام، ويدخل اللاعبون الكبار الذين تجهزوا بكل شيء خلال عشرة أشهر من أحداث دمار غزة، ولديهم كل شيء واضح ومحدد سواء في الحرب أو في قرار إيقافها والمنافع المتحققة منها استراتيجياً واقتصادياً، مع وفرة الغاز في شواطئ لبنان وفلسطين وسوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى