هل تندلع حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل؟
هذه المرة، يتابع حزب الله كل كلمة تصدر عن نتنياهو وغالنت ورؤساء الموساد الذين يعرفون المنظمة والأرض اللبنانية. ويقدر حزب الله بأن القرار في شكل الرد الإسرائيلي “الذي سيكون قوياً”
ذكرت مجلة إيكونوميست البريطانية في تقرير لها أن كبار العسكريين الإسرائيليين يخشون الدخول في حرب شاملة مع حزب الله اللبناني بعد الذي حدث في قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل قبل يومين.
وسقط صاروخ على مجدل شمس في 27 يوليو/تموز الجاري أدى إلى مقتل 11 من سكانها وجرح العشرات، واتهمت إسرائيل حزب الله بإطلاقه، في حين نفى الحزب هذه الاتهامات.
وأضافت الصحيفة أن هناك تخوفات من أن اندلاع حرب قد يشتت الانتباه والجهود عن محادثات وقف إطلاق النار في غزة، وأشار التقرير إلى أن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين توقعوا مؤخرا التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس.
وأضاف التقرير أن الخوف من اندلاع حرب أخرى قد يدعم نجاح مفاوضات السلام في غزة، إذ إن إسرائيل قد تسعى إلى تفادي القتال على جبهات متعددة، خصوصا أن وقف الحرب على غزة قد يدفع حزب الله إلى وقف الهجوم على إسرائيل.
كيف سيكون الرد؟
وأضافت إيكونوميست أن الجانب الإسرائيلي يفكر بالرد إما بالهجوم على المباني المدنية اللبنانية أو بضرب هدف رئيسي لحزب الله في لبنان.
من جانبها، قالت مجلة تايمز البريطانية إن الجانب الإسرائيلي متأكد من أن حزب الله هو المسؤول عما جرى في مجدل شمس.
إقرأ أيضا : الأقاليم في العراق… حلول أم وسيلة للمصالح الشخصية؟
وأشارت المجلة إلى أن الحزب كان قد أعلن أنه استهدف مقر قيادة لواء حرمون في ثكنة “معاليه غولاني” الإسرائيلية بالجولان المحتل، ويظن الجانب الإسرائيلي أن الصاروخ أصاب القرية عن طريق الخطأ.
وزاد هذا الهجوم الصاروخي الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاتخاذ رد حاسم اتجاه حزب الله، والذي اضطر إلى العودة من زيارته للولايات المتحدة مبكرا بعد إدلائه بخطاب أمام الكونغرس الأميركي.
يديعوت أحرونوت : نصر الله لايرغب في الحرب
يرى الكاتب سمدار بيري أن السلوك الحالي لزعيم حزب الله حسن نصر الله يشهد على شخص يخاف على حياته. هي المرة الثانية في هذا الشهر التي يكون فيها نصر الله في ضغط، ويخشى من اغتيال مفاجئ. كانت المرة الأولى في 3 حزيران، بعد أن قصفت طائرات سلاح الجو في العمق اللبناني. في حينه، صدر بيان صاخب لرئيس الموساد السابق يوسي كوهن، جاء فيه أن “إسرائيل تعرف بالضبط مكان نصر الله، ويمكن إنزاله في أي لحظة”. كما سمح كوهن بأن نفهم أن الحديث لا يدور عن مصاعب تنفيذية للموساد، بل عن قرار سياسي. وأوضح بأنه “إذا ما صدر أمر التصفية من الكابنت الأمني أو من مجموعة وزراء ضيقة، فليس للموساد مشكلة في تصفية نصر الله. في ضاحية بيروت أيضاً سمعوا، وتحفزوا. سارع نصر الله لترجمة الأقوال إلى تهديد حقيقي، وأمر -كما أفيد- باتخاذ إجراءات الحذر.
هذه المرة، يتابع حزب الله كل كلمة تصدر عن نتنياهو وغالنت ورؤساء الموساد الذين يعرفون المنظمة والأرض اللبنانية. ويقدر حزب الله بأن القرار في شكل الرد الإسرائيلي “الذي سيكون قوياً”، اتخذه رئيس الوزراء مذ كان في واشنطن، وتبلور ونزل إلى تفاصيل التفاصيل بالتوازي مع لقاء الكابنت. غير أن حزب الله يجري هذه المرة، حسب شهادات، مشاورات عن بعد. اختفى قادته الكبار خوفاً من ضربة من جهة غير مرتقبة.
وتابع الكاتب أن نصر الله هو الأمين العام الثالث لحزبه بعد صبحي طفيلي الذي انتخب في 1989 وترك بسبب النزاعات، وعقبه عباس موسوي انتخاباً وصفته إسرائيل في شباط 1992. منذئذ، مرت 32 سنة، رقم قياسي عالمي، ونصر الله يتولى المنصب أميناً عاماً كاريزماتياً وذكياً جداً – حتى في نظر خبراء إسرائيليين. مكانته قوية ليس فقط في لبنان فحسب، بل وفي مكتب الحاكم علي خامنئي بطهران والحرس الثوري. مؤخراً، أصبح نموذجاً للاقتداء لدى زعيم الحوثيين في اليمن عبد المالك الحوثي، الذي علق صوره في شوارع مدينة صنعاء العاصمة. في لحظات قليلة، اعتقد بعض من قيادة حزب الله وجوب إلقاء مسؤولية الصاروخ على مجدل شمس على الحوثيين في اليمن. أما أمس، فهناك من ذكر نصر الله، بخبث، أن الحصانة لا تدوم وأن لكل زعيم موعد نفاد. يصعد اسم هاشم صفي الدين المرة تلو الأخرى، وهو ليس ابن عم نصر الله فقط، بل وصهر الزعيم المحبوب لـ “فيلق القدس” في إيران الذي صفاه الأمريكيون، قاسم سليماني. حتى لو اختفيت، كما يطلقون لذعتهم نحو نصر الله، فلن يضيع حزب الله. إذا لم تكن أنت، فسيحل مكانك زعيم آخر.
صاروخ مجدل شمس.. هل يفجّر حرباً شاملة؟
يرى وسام أبو شمالة أن مؤسسة صنع القرار الإسرائيلي ارتباكاً غير مسبوق منذ أحداث السابع من أكتوبر. وقد اختلطت الحسابات المهنية مع الحسابات السياسية والحزبية والشخصية لنتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف.
في الخلفية المهنية، فقدت “إسرائيل” بعد السابع من أكتوبر الركائز الرئيسية في عقيدتها العسكرية على صعيد الردع والإنذار والحسم والدفاع، والتي صاغتها بشكل رئيسي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بيد أنَّ تلك الركائز الأربع بنيت في الأساس لمواجهة دول وأنظمة وجيوش تقليدية، ولم يتم تطوير العقيدة العسكرية الإسرائيلية بشكل يلائم طبيعة المواجهة مع فواعل وجبهات مقاومة ما دون الدولة تتمتع بقدرات عسكرية قادرة على الهجوم والمبادرة من جهة، والدفاع والصمود من جهة أخرى.
وتبنَّت “إسرائيل” منذ الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005 وحرب تموز/يونيو عام 2006 مع لبنان نظرية المعركة بين الحروب التي صاغها بالأساس رئيس الأركان الأسبق غادي آيزنكوت، والتي توافقت مع مبدأ الاحتواء الذي اعتمده نتنياهو تجاه جبهتي غزة ولبنان.
بعد ابتعاد خطر الحروب الكلاسيكية الكبرى مع دول المواجهة منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر و”إسرائيل”، وبدء مسار التسوية والتطبيع في المنطقة، تبنّت المؤسسة العسكرية خططاً لإعادة بناء الجيش الإسرائيلي كي يواكب التحولات في المنطقة ويستثمر التطور الهائل في المجال التكنولوجي، وبدأ الجيش بتقليص قوته البشرية وإنشاء ما سمّاه بجيش صغير وذكي، كما تراجع الاهتمام بتطوير القوات البرية، بيد أنَّ الحرب على غزة أثبتت فشل توجهات الجيش بسبب حاجته المرتفعة إلى مزيد من القوات في ضوء خسائره المرتفعة في القوات والعتاد، وفي ضوء استعداداته لاندلاع الحرب على الجبهة اللبنانية في أي لحظة.
إن الاعتبارات المهنية والموضوعية الإسرائيلية بعد الاستنزاف الذي عاناه الجيش الإسرائيلي في الحرب على غزة وعدم جاهزيته للحرب على جبهتين وخشيته من تداعيات الحرب الواسعة والآثار الاقتصادية وعدم دعم الإدارة الأميركية لتوسيع الصراع وحاجة الجيش إلى الدعم العسكري الأميركي، إضافة إلى غياب أهم عنصر في الانتصار في المعركة، وهو عامل المفاجأة، كلها عوامل لا تدفع الجيش إلى الانجرار إلى حرب واسعة في هذا التوقيت، بيد أن انهيار نظريات الردع والإنذار والحسم والدفاع سيجبره على اختيار اللحظة المناسبة لشنّ هجوم واسع ومباغت على لبنان، وذلك بعد إنهاء الحرب على غزة ورفع مستوى الجاهزية والاستعداد والحصول على غطاء أميركي، الأمر الذي سيدفع الجيش إلى تبني هجوم موضعي على المقاومة اللبنانية بعد حادثة مجدل شمس بمستوى أعلى من الهجمات السابقة، من دون تكسير الأواني والمجازفة بالانجرار إلى حرب في توقيت غير مناسب، فالجيش يؤمن بحاجته الماسة إلى إضافة عنصر المبادرة العسكرية في المرحلة القادمة، وذلك بعد رفع مستوى الجاهزية وتحسين قدراته العسكرية، ولا سيما تطوير قدرات قواته البرية.
2 تعليقات