إيران والقاعدة: تاريخ من الدعم ومستقبل غامض
بحث أجرته الجبهة الوطنية المتحدة في أفغانستان يكشف النقاب عن التزام النظام الإيراني بتوفير التمويل والإيواء والتدريب لمقاتلي القاعدة في أفغانستان، بالإضافة إلى دعم عمليات الجماعة الإرهابية في الشرق الأوسط
في ظل الظروف التي تتكالب فيها أجنحة النظام الإيراني في الداخل، ويعاني النظام من الأزمات الخارجية والتصعيد في المنطقة، دعا المرشد الأعلى علي خامنئي إلى إنهاء الخلافات مؤكدًا على ضرورة أن “يسمع العالم صوتًا واحدًا من إيران”. في هذا السياق المتوتر، برزت من جديد تقارير عن دعم النظام الإيراني لتنظيم القاعدة، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في المنطقة.
بحث أجرته الجبهة الوطنية المتحدة في أفغانستان يكشف النقاب عن التزام النظام الإيراني بتوفير التمويل والإيواء والتدريب لمقاتلي القاعدة في أفغانستان، بالإضافة إلى دعم عمليات الجماعة الإرهابية في الشرق الأوسط. ويأتي ذلك كجزء من اتفاق سري بين إيران وطالبان والقاعدة.
ووفقًا للوثائق، اجتمع إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، سرًا مع ممثل عن طالبان وسيف العدل، زعيم القاعدة الحالي، في طهران في تشرين الأول (أكتوبر) 2021. أسفر هذا الاجتماع عن اتفاقية لتعاون جميع فروع القاعدة والجماعات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني في الشرق الأوسط وأفريقيا.
تضمن الاتفاق أن توفر طالبان البنية التحتية والأدوات اللازمة لتدريب مقاتلي القاعدة في أفغانستان، بينما يتكفل الحرس الثوري الإيراني بتمويل عمليات القاعدة ونفقاتها في المنطقة. وأكد البحث أن هذا الاجتماع كان الأول من نوعه بين كبار المسؤولين الثلاثة من الحرس الثوري الإيراني وطالبان والقاعدة.
على مر السنوات، كانت هناك تقارير متعددة تشير إلى العلاقات الوثيقة بين النظام الإيراني وتنظيم القاعدة. في آذار (مارس) 2024، صرحت وزارة الخارجية الأمريكية بأن إيران سمحت للقاعدة بتسهيل أنشطتها الإرهابية عبر أراضيها، مشيرة إلى أن إيران كانت تُستخدم كقناة لتحويل الأموال والمقاتلين إلى جنوب آسيا وسوريا ومناطق أخرى.
أفاد بحث الجبهة الوطنية المتحدة في أفغانستان أنه بعد اجتماع تشرين الأول (أكتوبر) 2021، تم التوصل إلى اتفاق سلام بين الحوثيين في اليمن وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وهو اتفاق لا يزال مستقرًا. ومن بين نتائج هذا الاجتماع أيضًا تعاون تنظيم القاعدة مع الجماعات المتحالفة مع النظام الإيراني في سوريا والعراق ولبنان، بما في ذلك حزب الله.
في 4 أيار (مايو)، نشرت صحيفة التلغراف تقريرًا عن توسع التعاون بين الحوثيين والقاعدة في اليمن، مشيرة إلى أن الحوثيين يزودون القاعدة بالأسلحة والطائرات المسيرة ويتبادلون الأسرى. ووفقًا لبحث الجبهة الوطنية المتحدة، ازداد تجنيد القاعدة وعدد مراكز التدريب في أفغانستان بشكل كبير بعد اجتماع طهران.
تعزيز القدرات المالية للقاعدة مكّنها من بناء المزيد من المنازل والمخيمات لأعضائها القادمين من الشرق الأوسط وأفريقيا. في تقرير صدر في شباط (فبراير) 2023، ذكرت الأمم المتحدة أن سيف العدل، زعيم القاعدة، واصل أنشطته في إيران تحت حماية النظام الإيراني لسنوات.
وزير الخارجية الإيراني السابق، حسين أمير عبد اللهيان، نفى إقامة سيف العدل في إيران، واصفًا مثل هذه الأخبار بأنها “رهاب إيران”. ولكن وفقًا للجبهة الوطنية المتحدة، أعرب إسماعيل قاآني عن ارتياحه لعودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان، قائلاً: “لقد قمنا بعمل رائع، والآن يجب علينا طرد الأمريكيين من الشرق الأوسط”.
جدير بالذكر أنه في وقت سابق اعترف القيادي في الحرس الثوري الإيراني حسين الله كرم، الذي يقود مجموعة أنصار حزب الله، بارتباط كيانه مع تنظيم القاعدة. جاءت اعترافاته تأييدًا لتصريحات سابقة لزميله سعيد القاسمي. وقال القيادي الإيراني إن للقاعدة مستويات مختلفة، فكان هناك فرع لقوات البوسنة والهرسك، وكان مرتبطاً بنا بطريقة أو بأخرى. وبالرغم من أنهم كانوا يتدربون في مقر القاعدة، لكن عندما يستلمون أسلحتهم كانوا ينضمون إلينا لأسباب مختلفة وعموماً كانت العلاقة مع القاعدة بهذا المستوى.
هذا التعاون المتزايد بين النظام الإيراني وتنظيم القاعدة يعكس تعقيد التحديات الأمنية في المنطقة، ويثير تساؤلات حول دور إيران في دعم الجماعات الإرهابية وتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط وأفريقيا.