اجتماع القاهرة …هل ينهي المراحل الانتقالية في ليبيا؟
إنهاء المراحل الإنتقالية مطلب شعبي بعد اكثر من عقد شهدت خلالها البلاد اعمال عنف وهدر للمال العام.
على مدى 13 عاما والمراحل الانتقالية لم تتوقف ,مبعوثون امميون لم يكونوا جادين في حل الازمة الليبية, ربما لم يجدوا الدعم الكافي من القوى المتدخلة في الشأن الليبي, صاحب ذلك عدم رغبة الاطراف المحلية في السير بالبلاد نحو انتخابات رئاسية وتشريعية, اتفاق الصخيرات كان المشجب الذي علّق عليه المسؤولين فشلهم في انهاء المراحل الانتقالية وقيام الحروب بين المعسكرين المدعومين اقليميا ما ادى الى تدخل تلك القوى الاقليمية في الشأن الليبي ,بعد خمس سنوات من الحكم سلم السراج السلطة للدبيبة الذي يرغب هو الاخر في ان يظل في الحكم لأطول فترة ممكنة, واعلن مرارا وتكرارا بانه لن يسلم السلطة الا لجسم منتخب شعبيا ووضع العراقيل لكي يحافظ على كرسيه, ربما وجد ضالته في مجلس الدولة الاستشاري (بقايا المؤتمر الوطني) الذي بعث اتفاق الصخيرات الروح فيه من جديد عقب انتخاب مجلس النواب ليحل محله, لكن جماعة الاخوان فعلوا كل ما في وسعهم لاستمرارهم, وارادوا من مجلسهم الاستشاري ان يكون ندا لمجلس النواب للبث في كل القضايا, لكنهم لم يفلحوا , عدم رغبة المجتمع الدولي في انهاء الازمة الليبية ابقاهم طوال الفترة الماضية حجر عثرة في طريق اعادة بناء الدولة ومؤسساتها .
عقد اعضاء من المجلسين عديد الاجتماعات في عديد الدول, لكن أي منها لم تؤتي اكلها,ربما اجتماعات القاهرة حلحلت بعض الامور,وادرك المجتمعون ان السنوات الماضية كانت جد سيئة, طالت حياة المواطن الذي كان ينشد التغيير نحو الافضل, فاذا به يفتقر الى ابسط وسائل العيش ارتفاع اسعار السلع ونضوبها, تهريب النفط ومشتقاته, الفساد المستشري في كافة مؤسسات الدولة ناهيك عن الوضع الامني المزري,حيث الاشتباكات المسلحة بين مختلف التشكيلات تقع بصفة شبه مستمرة ينتج عنها قفل للطرقات وسقوط قتلى وجرحى بين المتحاربين والمدنيين العزل, عادة ما يتدخل رئيس الحكومة الدبيبة لفض النزاعات عبر إغداق الاموال من الخزينة العامة فتهدا الامور لبعض الوقت, سرعان ما تتجدد لأتفه الاسباب.
ميزانية العام الحالي 2024 التي وافق عليها مجلس النواب تعتبر الاكبر حجما في تاريخ البلاد, وهذه الميزانية تكرس الامر الواقع, أي ترضية طرفي الصراع (الانقسام المؤسساتي),المؤكد ان نصف الميزانية قد تم صرفها وفق قاعدة 1/12 المتبعة في حال عدم اقرار الميزانية العامة للدولة, ولكن هل سيكون لهذه الميزانية مردود اقتصادي واجتماعي؟ هناك حديث على ان مخصصات التعيينات(غير المدروسة) التي تمت مؤخرا من قبل الحكومتين قد تم تضمينها في الميزانية العامة ما يعود بالنفع على المنخرطين في العمل بالقطاع العام, ولكن سيشكل ذلك عبئا على الخزانة العامة في السنوات المقبلة حيث ان الرواتب تشكل اكثر من 60% من الميزانية العامة.
عود على بدء, المجتمعون في القاهرة طلبوا من مجلس النواب, الإعلان عن فتح باب الترشح لرئاسة حكومة كفاءات (حكومة موحدة جديدة تنهي الانقسام)تسعى الى اقامة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفق القوانين المتفق عليها الصادرة عن مجلس النواب, وطالب المجتمعون من المجتمع الدولي مساعدة الليبيين في تذليل الصعاب والعبور الى بر الامان, وانهاء المراحل الانتقالية, واحترام إرادة وسيادة القرار الوطني ووحدة وسلامة التراب الليبي.
هذه الاستفاقة وان جاءت متأخرة من قبل المسؤولين, الا انها تظل بارقة امل للشعب, وقبل كل شيء يجب ايجاد حل جذري للتشكيلات المسلحة التي وللأسف تعتبر خارجة عن القانون تغذيها اطرافا محلية (قبلية/اثنية/مناطقية).نتمنى ان تنتهي المراحل الانتقالية, وان ينعم الشعب بالأمن والاستقرار, ورغد العيش وابعاد شبح التقسيم ,بعد اكثر من عقد شهدت خلالها البلاد اعمال عنف وهدر للمال العام.