دولة الإحتلال

المعارضة الإسرائيلية تغطي قذارة الفاشية الأصولية

الصهيونية تنتهج التمييز العنصري، لأنها تؤمن أن شعباً بعينه هوشعب الله المختار ومفضل على سائر شعوب الأرض، وتفترض وتصف من ليسوا يهوداً"بالأغيار"، وتضع حاجزاً نفسياً واجتماعياً وسياسياً بين اليهود الإسرائيليين في فلسطين والفلسطينيين الأصليين.

لم تكن قرارات الكابينت الإسرائيلي الأخيرة، تشريع 5 مستوطنات  جديدة،ما رفع عدد المستوطنات  الجديدة التي بنتها الحكومة الإسرائيلية إلى خمسة عشر، بالإضافة إلى بناء 21 ألف وحدة استيطانية جديدة، وتحويل 26 ألف دونم إلى أراضي دولة لتخصيصها للمستوطنين والمستعمرين، ومصادرة 12.5 كم² من أراضي الأغوار، والتي تشكل أكبر عملية مصادرة منذ توقيع اتفاق أوسلو، إلى جانب عدد من القرارات الاستراتيجية الإسرائيلية نهاية المطاف. إذ أضيف إليها قرار سلب الصلاحيات المدنية في ما يسمى مناطق(ب) من السلطة الفلسطينية بعد أن سلب الاحتلال منها السيطرةالأمنية على مناطق (أ)، و ذلك يعني أن حكومة إسرائيل تستطيع الآن ليس فقط بناء ما تشاء من المستوطنات، بل وهدم كل ما تشاء من البنايات والمنشآت الفلسطينية في 82% من الضفة الغربية.

ولمن لم يعاصر اتفاق أوسلو، نذكر أنه نص على ترتيبات مؤقتة تمنح من خلالها السلطة الفلسطينية االسيطرة الأمنية والمدنية على مناطق(أ) التي تشكل حوالي 18% من مساحة الضفة الغربية، والسيطرة المدنية على مناطق (ب) التي تشكل حوالي 18% أخرى. في حين بقيت السيطرة الأمنية والمدنية الكاملة على 62% من الضفة الغربية بما فيها مناطق (ج)، بما في ذلك منطقة القدس بيد إسرائيل.

ولتبرير ذلك التقسيم العجائبي، قيل إن المفاوضات ستؤدي إلى نقل مزيد من الأراضي من مناطق (ج) إلى مناطق (ب) و(أ).

ومنذ عام 2006 لم تُنقل أي مناطق للسلطة الفلسطينية، بل بدأتقليص صلاحياتها الأمنية في منطقة (أ). والآن، نجح نتنياهو سمورتيتش في أخذ كل شيء وحشر السلطة المدنية الفلسطينية في أقل من 18% من أراضي الضفة الغربية المقطعة الأوصال في بانتوستانات ومعازل.

وهذا ما قصده وزير المالية الإسرائيلي والحاكم الفعلي للضفةالغربية، المستوطن الفاشي سموتريتش، عندما قال إن حكومته”غيرت كل نظام الاحتلال في الضفة الغربية وألقت بمفهوم الدولة الفلسطينية إلى مزبلة التاريخ”.

والواقع أن الذي أُلقي به إلى مزبلة التاريخ هو اتفاق أوسلو وكل وهم بإمكانية الوصول إلى حل وسط مع الحركة الصهيونية عبرا لتفاوض.

مضمون الإجراءات الإسرائيلية التي صممها وقادها نتنياهو، العدوالأكبر لفكرة الدولة الفلسطينية، هو الضم الفعلي والتهويدالتدريجي عبر الاستيطان الكامل للضفة الغربية بالتوازي مع إعادة احتلال قطاع غزة عبر الإبادة الجماعية.

ليس مفاجئا أن يقوم نتنياهو وحكومته الفاشية الأصولية بكل ذلك، فهو ينفذ برنامجه المعلن منذ عام 1994، ولكن الغريب والمقزز هو ما يقوم به بعض أركان المعارضة الصهيونية الذين يواصلون الإدعاء بأنهم مع حل الدولتين، ولكنهم يواصلون تغيير وتكييف هذا الشعار ليتناسب مع كل توسع استيطاني. وهم جميعا ممن بدأوه وشاركوا في توسيعه سواء عندما كانوا في حكومات حزب العمل أو حكومة أولمرت أو ائتلافات الليكود مع شمعون بيريز. هؤلاء جميعا، مثل صفقة القرن التي طرحها ترامب، يريدون تكييف الكيان الفلسطيني ليتناسب مع ثلاثة أمور:

أولاً: بقاء الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة تحت سيطرة الاحتلال والهيمنة الإسرائيلية، محروما من حق تقرير المصيرو راضخا لمنظومة الأبارتهايد العنصرية الإسرائيلية.

ثانيًا: تشريع كل مستوطنة استعمارية قائمة وإبقاء الباب مفتوحا للتوسع الاستيطاني.

ثالثا ً: تحويل الضفة الغربية من أراض فلسطينية محتلة بها أجسام غريبة وهي المستوطنات، إلى أرض إسرائيلية بها أجسام فلسطينية غريبة هي المدن والقرى الفلسطينية.

وبذلك يتم فصل السكان الفلسطينيين عن أرضهم المصادرة والمستباحة من منظومة الاستعمار الاحتلالي الصهيوني، وتحويل فكرة الكيانية الفلسطينية إلى كيانية سكانية وليس كيانية أرض ودولة وحق في تتقرير المصير.

ما هو الحل الذي تقدمه المعارضة الصهيونية الزائفة للمعضلةالديمغرافية الفلسطينية، أي السكان؟

يريدون فرض ترتيبات تجعل السكان المقيمين في الضفة الغربية”مواطنين أردنيين” في حالة وجود مؤقت على أرض فلسطين، مع الاستمرار بالضغط عليهم لترك وطنهم فلسطين.

وتمثل هذه المقترحات التي تأتي من جهة ما يسمى “باليسارالصهيوني” إعادة تدوير خطة الليكود القديمة والمتطرفة بأن الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين. وتتجاهل أن الأردن لم يوافق يوماً ولايستطيع الموافقة على مثل هذه الحلول التصفوية التي تضر بمصالحه كما تضر بحقوق الشعب الفلسطيني.

وهي لا تمثل سوى محاولة وقحة ممن يسمون أنفسهم “المعارضةالصهيونية” للتغطية على قذارة الفاشية الأصولية وسعيها  لضموتهويد جميع أراضي فلسطين وتهجير كل من بقي من أهلها الأصليين في استكمالل شرس للمشروع الاستيطاني الإحلالي.

ويعيدنا ذلك لمناقشة بعض المفاهيم الأساسية. هل حقاً يمكن للصهيوني أن يكون “يسارياً أو ديمقراطياً” بالمفهوم الحقيقي للكلمة؟

الصهيونية تنتهج التمييز العنصري، لأنها تؤمن أن شعباً بعينه هوشعب الله المختار ومفضل على سائر شعوب الأرض، وتفترض وتصف من ليسوا يهوداً”بالأغيار”، وتضع حاجزاً نفسياً واجتماعياً وسياسياً بين اليهود الإسرائيليين في فلسطين والفلسطينيين الأصليين، وترفض مساواتهم حتى لو كانوا يحملون الجنسية الإسرائيلية. وذلك هو مضمون قانون القومية الذي شرعه الكنيست الإسرائيلي والذي ينص على أن حق تقرير المصير في أرض فلسطين التاريخية التي يسمونها “أرض إسرائيل” هو لليهود فقط.

وكيف يمكن للإنسان أن يكون ديمقراطياً عندما يحصر الحقوق الديمقراطية الكاملة بجنس أو دين دون الآخرين ممن يعيشون في نفس المكان و ينتمون لشعب أو دين آخر؟

وهل يمكن أصلاً الادعاء بأن إسرائيل “ديمقراطية”، بل والادعاءانها” الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، وهي التي تمارس التطهير العرقي منذ76 عاماً والاحتلال للضفة والقدس وقطاع غزة منذ 57 عاماً، وتوسع منظومة الأبارتايد الأسوأ في تاريخ البشرية، بل وتضيف إلى ذلك ثلاث جرائم حرب بالتوازي في قطاع غزة: الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والعقوبات الجماعية بما في ذلك تجويع شعب بأكمله.

ولا يمكن بالتأكيد لأي إنسان ان يكون يساريا أو ديمقراطيا دون أن يرفض المشروعا الاستعماري الإحلالي الإسرائيلي برمته و دون أن يطالب بفرض العقوبات على منظومةالإبادة الجماعية و الاحتلال و التطهير العرقي التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى