من أوّل لحظة في اوّل يومٍ من هذه الحرب، المُنفلتة من عِقال الإنسانية والبشرية وقواعد الحروب المعروفة، على قطاع غزة المُحاصر على مدى عشرات السنوات،
صرّح نتنياهو حينها وارغد وازبد وارعد وزمجر وهدد بانه سيُحيل غزة إلى ركام، وكل ما صنعه جيشه هو تنفيذ وتحقيق نتاج هذه العقلية الاجرامية في تدمير البيوت والمباني على رؤوس المدنيين، الذين لم يعودوا لا آمنين ولا سالمين، في اي بقعة او”قرنة” من قطاع غزة، اجتياح لشمال قطاع غزة، ثمّ لمدينة غزة ومخيماتها واحيائها.
واجتياح لوسط قطاع غزة وجنوبه، واخيرا اجتياح لمدينة رفح التي كانت تكتنز في رحمها حوالي 2 مليون فلسطيني ساكن ونازح، مُكدّسين في الشوارع وفي خيام لا تقي حرّ الصيف ولا برد الشتاء، فقد تبدّلت الفصول عليهم خلال عشرة اشهر من عمر الحرب العدوانية على القطاع، دون هوادة ولا توقّف ولا ابطاء ولا حتى هدنة، والحرب على قطاع غزة حربان، حرب النار واللهب والبارود والدمار والقتل والبطش والاعدامات الميدانية، والاغتيالات.
وحرب الجوع والتجويع والعطش وتدمير المستشفيات والمراكز الصحية وتفجير مخازن الادوية وتكسير وتدمير المعدات والاجهزة الطبية، واعتقال الاطباء والكوادر الطبية وزجهم في المعتقلات واغتيال العديد منهم في حالات موثقة.
يقترف الجيش الاسرائيلي الغازي جرائم وراء جرائم ضد المدنيين، وبين الجريمة والجريمة يقترف جريمة جديدة!!.
وبالرغم من الادانات الاممية والدولية وتوصيات واجراءات محكمة العدل الدولية ضد الابادة الجماعية التي تمارسها اسرائيل في غزة، وبالرغم من تلويحات وتصريحات وتهديدات محكمة الجنايات الدولية ضد مجرمي الحرب الاسرائيليين، عسكريين وسياسيين، إلا ان اسرائيل ماضية بخطى حثيثة نحو مزيدٍ من القتل والتدمير وارتكاب المجازر اليومية ضد المدنيين الذين لا حماية ولا سقف لهم يجتاحون الشجاعية والنصيرات ويدمروها ويقتلوا ويبطشوا، ثم بعد فترة يعودوا إلى نفس الاماكن ليقتلوا اكثر ويُدمّروا اكثر.
مسلسل قتل وتدمير متواصل لامتناهي، جنازير الدبابات الاسرائيلية المُعتدية “تفرم” حجارة البيوت ورمل الارض والشجر الاخضر واليابس، وتدوس على جثث الشهداء في الشوارع والازقّة.
السماء في قطاع غزة يهطل منها الحمم والنار والبارود، والقتل والدمار، والجوع والعطش والظلام، والارض تتفجّر حفرا ومجاري وغبار الركام والدمار وجنون المُعتدي الآثم.
لكن وفي ظلّ هذه الصورة القاتمة والاجواء المكفهرّة المُدلهمّة، إلا ان رمال قطاع غزة تتفتّح فيها براعم البطولة وسواعد الرجال وأكفّهم التي تكافح المخارز، وقبضاتهم التي تهزّ جذور الكيان الغاصب فتخلخلها في طريق قلعها وخلعها والتخلّص منها.
جيش العدوان الدخيل الغريب يواصل جرائمة الموثّقة ضد المدنيين في قطا ع غزة، ورجال اصحاب الارض المنزرعين بين اشجار البرتقال والليمون والنخيل، يستمرون في التصدّي والصمود وتدفيع المُعتدي ثمنا باهظا لعدوانه وجرائمه.