ملفات فلسطينية

هل اعتاد العالم على مشاهدة الجرائم بحق الفلسطينيين؟

يستمر جيش الاحتلال الإسرائيلي في استغلال المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية بوضعهم في المهالك؛ يُجبرون على المشي أمام الآليات العسكرية خلال اقتحام المنازل والبنايات.

في قلب قطعة جغرافية صغيرة محاصرة منذ أكثر من 18 عامًا، يواجه الفلسطينيون واقعًا شديد القسوة جراء الاحتلال الإسرائيلي الهمجي، حيث يقف العالم متفرجًا وعاجزًا عن إدخال أدنى المساعدات الإنسانية التي تكاد تكون غير كافية لتلبية أبسط متطلبات الحياة الأساسية لإدامة حياة الفرد لأيام. غزة تلك الجغرافية الصغيرة، حكمت عليها القوى الرأسمالية بالفناء، حيث يستخدم جنود الاحتلال الإسرائيليون أكثر أسلحة الإمبراطورية الأمريكية تطورًا لإبادة الفلسطينيين وكل ما يتعلق بهم هناك.

ولا تقف البشاعة عند ذلك، فمنذ بداية الحرب، تعمل الآلة الإعلامية بكل إمكاناتها في أمريكا وباقي الدول لتبرير الفظائع ونزع الإنسانية عن الفلسطينيين، بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ جرائمه دون هوادة ضد الشعب الفلسطيني، في تكرار مرير لمشاهد حرب الإبادة التي تطحن قطاع غزة بأبشع الصور والأشكال.

بينما يتراقص الإعلام الغربي بمزاعم إسرائيل الكاذبة عن حماس، التي تم دحضها فيما بعد سريعًا، وأظهر للعالم مدى الكذب والتدليس اللذين يتمتع بهما رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ورئيس أقوى دولة في العالم جو بايدن. هذا الإعلام نفسه، الذي يدّعي المهنية، يقف موقف المتفرج الأعمى أمام المجازر التي توضح كل يوم أكثر عن النوايا المبيتة للاحتلال وتخطيطه الممنهج الذي يعبر عن همجية جيش احتلال يفتقر لأدنى معايير الأخلاق، وأخرها ما جاء في المشاهد الحصرية التي بثتها قناة الجزيرة، حيث استخدم الاحتلال أسرى من غزة كدروع بشرية في عمليات البحث عن المتفجرات والأنفاق.

تضاف هذه المشاهد الجديدة إلى سجل الجرائم الإسرائيلية، وتحدث كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم، تحت حماية وتواطؤ أمريكي وغربي، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وقوانين حقوق الإنسان وكافة الشرائع الدولية. إذ أكد المرصد الأورو-متوسطي لحقوق الإنسان أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تكتفِ باستخدام أسرى مدنيين وجرحى كدروع بشرية، بل أجبرتهم على استكشاف مناطق قتال خطيرة. وثق المرصد عشرات الحالات التي يُستخدم فيها المدنيون من قبل الاحتلال لإضفاء الحصانة على عملياتهم العسكرية، ما يُشكّل جريمة حرب.

وقد أشار المرصد أيضاً، إلى أن استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للمدنيين كدروع بشرية نمط متكرر لم يقتصر على قطاع غزة فحسب، بل وثقت حالات مماثلة في الضفة الغربية، في سياق سياسة متبعة منذ سنوات طويلة سواء خلال جولات التصعيد أو خلال الاقتحامات المتكررة.

يستمر جيش الاحتلال الإسرائيلي في استغلال المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية بوضعهم في المهالك؛ يُجبرون على المشي أمام الآليات العسكرية خلال اقتحام المنازل والبنايات، ويستخدمون لحماية نقاط تجمع القوات وتحركاتها أثناء تنفيذ الهجمات العسكرية. هذه الممارسات ليست إلا جزءًا من سلسلة جرائم ينفذها الاحتلال بشكل متمادٍ، في تحدٍ سافر للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان وجميع الشرائع الدولية.

كل نقطة دم فلسطينية تسيل اليوم تلقي بثقل مسؤوليتها على عاتق الإدارة الأمريكية وكل الدول الداعمة لإسرائيل، شريكة في إراقة الدم الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة مستمرة منذ أكثر من تسعة أشهر.

وما يزيد من وحشية ما يحدث في غزة، هو الصمت العالمي المطبق والتأقلم مع مشاهد الجرائم الإسرائيلية كأخبار يومية عادية. هذا الصمت يضع عبئًا ثقيلًا على كاهل الشعب الفلسطيني ويشكل وطأة لا يمكن تحملها، مما يبرز الحاجة الماسة لتجديد الضمير العالمي وتعزيز التحرك الفعال ضد هذه الجرائم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى