مع استمرار حرب الإبادة التي يتعرض لها أهالي قطاع غزة من شمالها الى جنوبها، يتابع الجميع أخبار جهود التهدئة ووقف إطلاق النار في القطاع، لعل العزيين يتنفسون ولو قليلا، ويتوقف شلال الدم المستمر منذ أكثر من تسعة أشهر، ويستطيع الأهالي العيش كأي بشر في العالم، ولو متأخرا، فأن تأتي خيرا من ألا تأتي أبدا.
من ضمن الأخبار التي تابعها الجميع مؤخرا، هو أن إسرائيل قد قررت تمديد قرار إخلاء سكان مستوطنات غلاف غزة حتى الخامس عشر من أغسطس المقبل، فهل هذا يعني أن الحرب ستستمر لشهر ونصف بعد الآن؟ أو بصيغة ثانية: هل تستمر الحرب حتى 15-8 المقبل؟
إن كانت الإجابة نعم، فإن هذا سيعني أن أهالي غزة سيواصلون العيش في حياة الخيام والمعاناة من المجاعة والامراض وشح المياه الصحية، والعيش في ظل جنون الأسعار وجشع التجار، سيواصلون مأساة الطوابير والاصطفاف على تكايا النصب والاحتيال، ليعودوا بصحن طبيخ يشبه كل شيء إلا الطبيخ.
في المقابل، فإن سكان الغلاف من المستوطنين، تقف خلفهم حكومتهم وجيش ومؤسسات ونقابات وبرلمان وجبهة داخلية ويتم التعامل معهم على انهم بشر، ويتم توفير كل ما يلزم من دعم مادي ومعنوي ونفسي لكي يتجاوزوا أزمتهم، ولا يعيشون أزمة الفلسطينيين في غزة، الذين يتم التعامل معهم على أنهم وقود في محرقة الإبادة، ويصنفون على أنهم خسائر ثانوية على هامش معركة تفتقر لبديهيات المنطق والإدارة السليمة، طالما أن القيادة بخير!!
يبدو أن آثار العملية العسكرية في السابع من أكتوبر ستستمر إلى ما بعد منتصف الخامس عشر من أغسطس المقبل، في ظل عدم وجود أي أفق لقرب التوصل إلى صفقة تبادل تنتهي معاناة أكثر من مليوني فلسطيني في غزة، خصوصا في ظل وجود رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، المأزوم، ورئيس حركة حماس بغزة يحيى السنوار، حيث توجد فجوة كبيرة بين موقف الجانبين، بينما يعيش أهالي غزة في الخيام بلا مأوى، وبأمعاء خاوية تتضور جوعا، بأجسادهم التي انتهشها المرض والجوع دون أي رعاية طبية، في ظل فتات من المساعدات المغمسة بالدماء، واهمال حماس لما يعانيه الشعب من همّ وكابوس يزداد سوادا يوما بعد يوم.
ما أعرفه أنه لابد من وقف هذه الحرب بأي ثمن، فلقد كنا نطالب بعودة اللاجئين الى قراهم عام 1948، لكننا اليوم نطالب بعودة النازحين الى شمال غزة، وبعدما كنا نطالب بإقامة دولة مستقلة على حدود 1967، أصبحنا نطالب بانسحاب اسرائيل من حدود قطاع غزة، كما أننا كنا نبني مؤسسات الدولة، لكن أصبحت أقصى أمانينا هو إعادة الاعمار، الأمر كله يحتاج الى مراجعة..فلتتوقف الحرب فورا، ولتراجع حماس وغيرها من الفصائل طريقتهم في تحرير فلسطين فيما بعد.