تقارير

تقرير أمام الدورة الـ56 لمجلس حقوق الإنسان يدعو لنهج حقوقي يحارب العنف ضد النساء

أكدت المقررة الخاصة المعنية بمسألة العنف ضد المرأة والفتاة وأسبابه وعواقبه، ريم السالم، أن البغاء يمثل نظام استغلال وشكلا إجماليا لأشكال عنف الذكور ضد النساء والفتيات، ويتقاطع مع أشكال أخرى من التمييز الهيكلي.

وتمارس شبكة واسعة من الجهات الحكومية وغير الحكومية هذا النظام على نحو منهجي وتعمل على إخضاع النساء والفتيات والسيطرة عليهن واستغلالهن في ما يعتبر انتهاكا لحقوق الإنسان الأساسية.

وقالت المقررة الخاصة في تقريرها الذي اطلع “جسور بوست” على نسخة منه، والمقرر مناقشته ضمن البند الثالث من جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الـ56، التي تعقد بجنيف خلال الفترة من 18 يونيو الجاري وحتى 12 يوليو المقبل، إن النساء في البغاء يتعرضن لمستويات قصوى من العنف لا يمكن قبولها قط في سياقات أخرى، ويجري التستر على هذا العنف عن طريق معاملات مالية لتجسيد ما يسمى بـ”الموافقة”، مع أنه يستحيل الإعراب عن الموافقة بحرية في نظام البغاء.

وأشارت إلى أن مفهوم الموافقة ذاته يستخدم كسلاح ضد النساء في البغاء، حيث إنه ينتزع عن طريق القسر البدني أو الاقتصادي، والتلاعب بالمشاعر، والعنف. فالقسر متأصل في نظام البغاء، وهو ما ييسر عوامل الدخول إلى هذا النظام، فضلا عن فرض السيطرة وممارسة الاستغلال من جانب القوادين والمتاجرين والدول.

ونوهت المقررة الخاصة بالمادة 1 من اتفاقية قمع الاتجار بالأشخاص واستغلال بغاء الغير، والتي تدعو بوضوح إلى معاقبة أي شخص يقوم بقوادة شخص آخر أو غوايته أو تضليله بقصد البغاء، حتى برضاء هذا الشخص، وباستغلال بغاء شخص آخر، حتى برضاء هذا الشخص.

ووفقا للمادة 2 من الاتفاقية، تتفق الدول الأطراف أيضا على معاقبة أي شخص يملك أو يدير ماخورا للبغاء، أو يقوم، عن علم، بتمويله أو المشاركة في تمويله.

وأوضحت السالم، أن نمو نظم البغاء يتأثر تأثرا شديدا على المستوى الكلي بالمعايير الأبوية وما يصاحبها من تعسف في استعمال السلطة، فضلا عن الطلب الجنسي من جانب الرجال، وهي حالة تفاقمت في العقود الأخيرة نتيجة لنظام العولمة (حيث يمكن شراء وبيع كل شيء)، والتفاوتات الاقتصادية، والنزاعات، وأوضاع الاحتلال، وكلها عوامل تؤدي إلى مزيد من التهميش والتهجير القسري للنساء والفتيات.

ودعت المقررة الخاصة إلى التصدي للبغاء عن طريق اتباع نهج قائم على الحقوق، وتنفيذ التشريعات والمعايير التي تضمن للنساء والفتيات الحق في بلوغ المساواة مع الآخرين، والتحرر من العنف، والحق في الحياة، والحرية والأمن، والكرامة، وعدم التعرض للتعذيب وللمعاملة اللاإنسانية والمهينة.

وتعد النساء والفتيات اللاتي يواجهن أشكالا متعددة ومتداخلة من التمييز وعدم المساواة من بين أكثر الفئات عرضة للدخول في نظم البغاء، أو المشاركة أو البقاء فيها، ومن ثم فإنهن عرضة للعنف أيضا، وتعتبر حالات الإعاقة، والفئة العمرية، والطبقة الاجتماعية، والانتماء العرقي والإثني، والوضع من حيث الهجرة، والوضع القانوني، والميل الجنسي، والهوية الجنسانية، من العوامل التي تقف وراء تزايد احتمال الدخول في نظم البغاء.

ويؤدي البغاء إلى حدوث انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان وإلى وقوع أشكال متعددة من العنف ضد النساء والفتيات اللائي كثيرا ما يجردن من إنسانيتهن وينظر إليهن على أنهن أشخاص دون حقوق إنسانية.

وينتهك البغاء حق المرأة والفتاة في الكرامة، ويشكل في أحيان كثيرة تعذيبا ومعاملة لا إنسانية ومهينة.

وتشمل أشكال العنف البدني التي يرتكبها مشترو الأفعال الجنسية، على نحو رئيسي، الاعتداء الجنسي والاغتصاب، والاغتصاب الجماعي والضرب المبرح، بما في ذلك نتيجة للرفض الصادر عن الضحية وعدم إبدائها الحماس، أو نتيجة للنأي بالنفس، كما أن عمليات الاختطاف والاحتجاز والاختفاء القسري شائعة في هذا السياق.

وتتعرض النساء والفتيات للتشويه أو الحرق، بما في ذلك بالسجائر، ويتم إدخال أجسام غريبة في أجسادهن، والتبول والتبرز والقذف عليهن، وتجدر الإشارة إلى أن أفعال تكميم أفواههن والإيلاج المهبلي الوحشي من قبل رجل واحد أو عدة رجال شائعة بوجه خاص في المواد الإباحية، ونتيجة لذلك، كثيرا ما تعاني النساء والفتيات من إعاقات بدنية دائمة. ويؤدي البغاء أيضا إلى قتل الإناث، وعمليات القتل المتسلسلة، والتهديد بالقتل.

وشددت المقررة الخاصة على أنه يجب على الدول أن تتجنب التحول إلى “دول قوادة”، عن طريق إلغاء القوانين التي تسمح بالعنف والاستغلال في نظام البغاء وفي المواد الإباحية أو تتساهل معهما أو تتغاضى عنهما.

وعلاوة على ذلك، تقع على عاتق الدول مسؤولية حماية ضحايا البغاء ومساعدتهم بطريقة مراعية للاعتبارات الجنسانية، فضلا عن تقديم التعويضات إليهن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى