روسيا

تهديدات “بوتن”

ويبدو أن ما يراه بوتين من تهديدات صادرة عن حلف الناتو، وتسارع وتيرة شحنات الأسلحة الغربية والأميركية عالية التقنية إلى أوكرانيا، دفعه إلى التهديد بقوله “إذا كان أحد يعتقد أنه يمكن تقديم أسلحة مماثلة في منطقة المعارك لضرب أراضينا، لماذا لا يكون لنا الحق في إرسال أسلحتنا من الطراز نفسه إلى مناطق في العالم توجه فيها ضربات إلى منشآت حساسة تابعة للدول التي تتحرك ضد روسيا؟

على الرغم من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يحدد الدول التي هدد بتسليحها بغية مهاجمة أهداف أميركية وغربية، إلا أن الصراعات المسلحة والحروب التي يضطرم بها المشهد العالمي، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، تؤشر بالدرجة الأولى على أن كل من لديه ثأر قديم أو جديد مع أميركا والغرب بصفة عامة قد يسلح جماعات أنصارالله في اليمن وحزب الله في لبنان وحماس في فلسطين والجماعة الإسلامية في العراق والجماعة الإسلامية في بيروت والجماعات الراديكالية الأصولية الإسلامية المسلحة في القرن الأفريقي: الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا وكينيا وأوغندا وتنزانيا وجنوب السودان.

ويبدو أن ما يراه بوتين من تهديدات صادرة عن حلف الناتو، وتسارع وتيرة شحنات الأسلحة الغربية والأميركية عالية التقنية إلى أوكرانيا، دفعه إلى التهديد بقوله “إذا كان أحد يعتقد أنه يمكن تقديم أسلحة مماثلة في منطقة المعارك لضرب أراضينا، لماذا لا يكون لنا الحق في إرسال أسلحتنا من الطراز نفسه إلى مناطق في العالم توجه فيها ضربات إلى منشآت حساسة تابعة للدول التي تتحرك ضد روسيا؟”.

وليس هناك فهم آخر لهذا التهديد سوى دفع العالم إلى المزيد من فوضى الصراعات المسلحة، فوضى لا يمكن استبعاد أن تطال المنطقة العربية التي تعاني من خلافات سياسية عميقة، فضلا عن أن هناك تموضعا لقواعد أميركية وغربية في العديد من دول المنطقة، وحاملاتها تجوب البحرين الأبيض والأحمر. وهنا لا يمكن تجاهل إيران وسوريا وليبيا والسودان التي قد تكون الدول الأبرز على قائمة التسليح.

بالتأكيد لا تُمْكن معرفة نوايا الرئيس الروسي بوتين، ولكن في ظل الضربات الغربية والأميركية المتلاحقة التي تلقتها منظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها والمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وتأييد الدول الأوروبية وأميركا للحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة، وعدم قدرتها على إيقافها أو إدانتها، بل إنها تفرط في تسليح الجانب الإسرائيلي، كل هذا خلق ما يطلق عليه اسم قانون الغاب، لذلك لن يجد بوتين من يوقفه عن فعل ما يريد أو يعنفه على فعله أو حتى يسبب له حرجا في حال دفع إلى توسيع دوائر الصراع والحرب ضد الغرب وأميركا واستنزاف ما بقي له من قوة.

ما يهمنا هنا وسط هذه الاختلالات التي طالت إدارات الدول في الشرق والغرب، وعدم وجود ضابط أو رابط يحكم الأمور، هو ضرورة الانتباه لما يجري وأن تكون العيون يقظة أمنيا واستخباراتيا وعسكريا وسياسيا، داخليا وخارجيا، وبخاصة على تحالفاتنا، وأن نعد العدة لزلزال – سواء حدث أو لم يحدث- قد يضرب العالم جراء هذا الانفلات غير المسبوق والذي لا يقيم وزنا لأي من الشرائع والقوانين السماوية والوضعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى