تجار البلدة القديمة يأملون بتحسين أوضاعهم
الفلسطينيون في الضفة الغربية يعانون من تبعات الحرب بدرجة أقل مما يعانيه سكان غزة لكن سياسة العقاب الجماعي أقر بشكل واضح على مداخيل الأسر بعد تعليق تصاريح العمل وفي ظل شح الفرص تبدو العودة الى أعمالهم في الداخل المحتل سبيلا لا مناص منه ولأجل ذلك يتمنى البعض أن يتم تحريك الجمود في المفاوضات وتحقيق صفقة بين حركة حماس ودولة الإحتلال، وهو ماقد يجلب الهدوء الذي يعيد دوران عجلة الإقتصاد الفلسطيني البطيئة .
منذ بدأ طوقان الأقصى والحرب الدائرة في قطاع غزة بقيت الضفة الغربية خارج المعادلة، لكن ذلك لم يشفع لها من تحمل ارتدادات الحرب بشقها الإقتصاد، حيث تم إلغاء تصاريح عمل ما يقرب من 150 ألف فلسطيني كانوا يعملون سابقًا في إسرائيل في قطاعات مثل الزراعة أو البناء، وبحسب جهاز الإحصاء الفلسطيني تضاعف معدل البطالة في الضفة الغربية منذ بداية الحرب، وتصل هذه النسبة بحسب إلى 30% (مقابل 14% قبل الحرب).
وفي الوقت نفسه، يقيد الجيش الإسرائيلي الوصول إلى معظم المدن والقرى، مما يعقد التجارة ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار. وأدى كل هذا إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في الضفة الغربية بنسبة 22% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام.
في دولة الإحتلال ألغيت العديد من الحجوزات الفندقية بعد اندلاع حرب السابع من أكتوبر وما تلاها من تحذيرات أمنية، الأمر الذي تسبب في انهيار قطاع السياحة والسياحة الدينية الإسرائيلي.
في الجانب الآخر يعاني تجار البلدة القديمة في القدس الشرقية من خسارة فادحة في سبل عيشهم نتيجة الشوارع الفارغة وقلة السياحة ولا يزال التجار الفلسطينيون القلائل الذين لديهم الشجاعة الكافية لفتح متاجرهم ينتظرون، يوما بعد يوم، عودة السياح الافتراضية إلى المدينة المقدسة.
ويعتبر الفلسطينيون تسوقهم من القدس الشرقية وخاصة البلدة القديمة تثبيتا لصمود المقدسيين في مدينتهم وشكلا من أشكال التمسك بالمدينة عاصمة للدولة الفلسطينية.
تنتعش أسواق القدس القديمة، بشكل جزئي، يوم السبت، مع انطلاق عشرات الحافلات التي تقل المصلين من بلدات الداخل الفلسطيني ومدنه؛ للصلاة في المسجد الأقصى، ومع نزول معظم ركاب هذه الحافلات قرب بابي الخليل والعمود، تنتعش القوة الشرائية.
الانتعاش الذي ينتظره التجار أسبوعياً قد تذهب تحضيراتهم له في مهب الريح مع أي تدهور للأوضاع الأمنية في المدينة المقدسة أو مناطق فلسطينية أخرى، لأن تجار البلدة القديمة يدفعون ثمن الإجراءات التعسفية الاحتلالية المتمثلة في إغلاق البلدة وتضييق الخناق على أسواقها، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى عزوف الفلسطينيين عن التوجه إلى هذه الأسواق.
كانت البلدة القديمة في القدس تشكِّل جزءًا قويًا في اقتصاد القدس الشرقية، باستقطابها الزبائنَ العرب والفلسطينيين والسياح. ويدل ركودها الحالي بوضوح على أثر الحرب الذي يوهن الاقتصاد ويزيد صعوبة الحياة في القدس الشرقية على الفلسطينيين.
يعبر أبو محمود أحد التجار المخضرمين عن حسرته على الأوضاع قائلا: “أنا هنا في البلدة القديمة منذ سنوات عديدة ولا أتذكر مثل هذا الوقت الصعب الذي مر به التجار.. لقد بدأنا مؤخرًا في العودة إلى الحياة”. طبيعي قليلاً وآمل أن يستمر هذا الاتجاه.”
وعندما سئلنا أبو محمود عن ما الذي يمكن أن يحسن الوضع في الأسواق، أجاب: “برأيي، فقط الأجواء الهادئة في المدينة القديمة ستحسن وضعنا، بحيث سيرغب السياح في العودة إلى المنطقة“.
وفي نفس الوقت يحمل أبو محمود دولة الاحتلال المسؤولية عن الحال المزري الذي وصل له سوق البلدة القديمة ويرى أن السياسات الإسرائيلية التي انتهجت لسنين طوال، تهدف لضرب اقتصادها، ودفع التجار الفلسطينيين للرحيل خارج أسوارها نحو الضفة الغربية.
وتُشكل السياحة أحد أهم روافد الاقتصاد المقدسي، حيث تحتوي المدينة المقدسة على العديد من المعالم التاريخية الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية، ووفقا للمختصين من أبناء المدينة تأثرت السياحة كثيرا نتيجة ممارسات الاحتلال والإغلاقات التي فرضها على المدينة.
الفلسطينيون في الضفة الغربية يعانون من تبعات الحرب بدرجة أقل مما يعانيه سكان غزة لكن سياسة العقاب الجماعي أقر بشكل واضح على مداخيل الأسر بعد تعليق تصاريح العمل وفي ظل شح الفرص تبدو العودة الى أعمالهم في الداخل المحتل سبيلا لا مناص منه ولأجل ذلك يتمنى البعض أن يتم تحريك الجمود في المفاوضات وتحقيق صفقة بين حركة حماس ودولة الإحتلال، وهو ماقد يجلب الهدوء الذي يعيد دوران عجلة الإقتصاد الفلسطيني البطيئة .
“تعليق التصاريح، وتوغلات الجيش في جنين وطولكرم ونابلس، وتعزيز نقاط التفتيش، ومناخ الأعمال المليء بالشكوك والأزمة الإقتصادية التي تمر بها السلطة الفلسطينية بعد تقلص المساعدات الخارجية والاقتطاعات الإسرائيلية المعروفة بالمقاصة : كل هذه الأمور خلقت وضعًا كارثيًا ألقى بثقله على كاهل الفلسطينيين حيث أصبحت العائلات الفلسطينية بالكاد تستطيع توفير حاجياتها الأساسية وتتخلى عن عادات تقليدية بعد أن جعلتها الأزمة ” ترفا ” .
ورغم كل ما يجري لا تزال القدس الشرقية، بالرغم من العقبات الاقتصادية التي تواجهها، تتصدر استراتيجيات المجتمع المدني الفلسطيني للصمود التي تحرص على أن يظل الفلسطينيون متجذرين في أراضيهم رغم التهديد بمصادرتها؛ وعلى تهيئة الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تُعين الفلسطينيين على تحمل السياسات الإسرائيلية، والحفاظ على الهوية السياسية والتراث الثقافي 10 للمدينة، وتعزيز التنمية المجتمعية.