لا شك أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للصين ومشاركته في فعاليات الجلسة الافتتاحية لمنتدى التعاون العربي – الصيني تشير وبوضوح إلى مدى تطور العلاقات المصرية – الصينية خلال السنوات العشر الأخيرة وبالتحديد بداية من ديسمبر عام ٢٠١٤ وهو تاريخ أول زيارة قام بها السيسي لبكين؛ حيث بدت جليًا من تلك اللحظة ملامح الرؤية الإستراتيجية للدبلوماسية المصرية واتجاهها شرقًا والسعي بكل قوة لتعزيز أواصر العلاقات مع الصين التي تعد قاطرة التنمية وقلب العالم الصناعي النابض في كافة المجالات.
وبالتالي فإن الواقع أثبت نجاح رؤية القيادة السياسية بالاتجاه شرقا حيث شهدت العلاقات مع الصين طفرة كبيرة في كافة المجالات متأثرة تمامًا بما حدث من عشر سنوات؛ حيث تم رفع مستوى العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية الشاملة وبالتالي زيادة مستوى التنسيق والتشاور في المحافل الدولية والإقليمية بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.
وأيضًا قفز حجم التبادل التجاري إلى مستوى غير مسبوق؛ حيث بلغ ١٥.٧ مليار دولار، بالإضافة إلي زيادة حركة النمو في الاستثمارات الصينية في مصر، سواء في منطقة غرب خليج السويس حيث “منطقة تيدا” الصناعية العملاقة والتي تضم ١٥٠ شركة بإجمالي استثمارات بلغت ٢ مليار دولار وتمثل ٤٠٪ من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في منطقة خليج السويس، وكذلك الاستثمارات الصينية في العاصمة الإدارية الجديدة “البرج الأيقوني” وأبراج العلمين الجديدة وغيرها من الاستثمارات المتنوعة.
ولذا فإن المواطن البسيط يستطيع أن يدرك أهمية رؤية الدولة الإستراتيجية بالاتجاه شرقًا وبالتحديد دعم التعاون مع الصين ويرصد الأهمية القصوى لما قاله الرئيس السيسي في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمنتدى الوزاري العاشر للتعاون العربي – الصيني في بكين؛ حيث قال “حريصون على الارتقاء بالعلاقات المصرية – الصينية و تحقيق التكامل بين رؤية مصر ٢٠٣٠ مع أولويات مبادرة الحزام والطريق”.
تلك المبادرة الرائدة اقتصاديًا والتي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام ٢٠١٣ لتكون بمثابة “رؤية اقتصادية لمستقبل أفضل للبشرية”، والتي حققت حتى الآن نتائج مبهرة على المستويين البري والبحري معًا؛ حيث تشارك بها أكثر من ٦٠ دولة من بينها مصر وبلغت مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي تم توقيعها بين الدول الأعضاء بالمبادرة أكثر من ٢٠٠ اتفاقية شملت كافة المجالات خاصة ما يتعلق بالبنية التحتية وإنشاء الطرق والجسور.
ولذا فإن هناك نقاط تلاقي مهمة بين رؤية مصر للتنمية ٢٠٣٠ وبين مبادرة الحزام والطريق؛ حيث تقدر بكين تمامًا الدور المصري في نجاح المبادرة من خلال التعاون والدعم للمسار البحري في قناة السويس وما سوف يحدثه ذلك الممر الهام من دعم وتعزيز لحركة التجارة البحرية في العالم ودعم سلاسل الإمداد العالمية، وأيضًا دعم حركة العمل في الموانئ المصرية الجديدة، سواء في السويس أو بورسعيد أو غيرها و فتح آفاق استثمارية جديدة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس؛ حيث تعتبر الصين أن مصر هي بوابتها الحقيقية لوصول منتجاتها إلى القارة الإفريقية والعالم العربي وهو ما يجعل مبادرة “الحزام والطريق” نقطة مضيئة في مسيرة علاقات التعاون المصرية – الصينية.
والمؤكد أن الزيارة التي أجراها الرئيس السيسي للصين – نهاية الأسبوع الماضي – و كان لها شقان الأول: ثنائي والثاني: متعدد الأطراف سوف تكون لها نتائج مثمرة لتعزيز ودعم علاقات التعاون بين القاهرة وبكين في كافة المجالات خاصة المجال الاقتصادي والتي يرصد المراقبون تطوراته بكل دقة ويدركون ما شهده من تطور خلال السنوات العشر الأخيرة.